عادي

البقاء في المنازل والتعليم عن بُعد.. إعادة اكتشاف للأبناء

22:48 مساء
قراءة 3 دقائق
1
1

تحقيق: فدوى إبراهيم

يعتقد الكثير من الآباء والأمهات أنهم الأعلم بطباع وميول الأبناء، إلا أن كثيرين في حقيقة الأمر اكتشفوا ما لم يكن بالبال خلال فترة «المكوث في المنازل» التي مررنا بها في منتصف العام الماضي في ظل تداعيات «كورونا»، والتعليم «عن بُعد».

خلال سؤالنا للأهالي عن إفرازات مرحلة «المكوث في المنازل» واختيار الكثير منهم بعد ذلك «التعليم عن بُعد» لأبنائهم، وجدنا أن أغلبهم مروا بمراحل اكتشاف أبنائهم من جديد، وبعضهم أدرك تماماً أنه كلما طال الوقت الذي يقضونه مع الأبناء؛ استطاعوا أن يحددوا اهتماماتهم وبناءً عليها ميولهم ورفضهم لأشياء وقبولهم لغيرها، وبنفس الوقت تأثير البيئة الاجتماعية عليهم في المدرسة، إضافة إلى البيئة التعليمية.

تقول سميرة الحارثي «موظفة عن بُعد»: «في الوقت الذي كنت أعتقد فيه أن طفلتي متعلقة بالهاتف الذكي لدرجة كبيرة، وهو ما كنت ألاحظه عند عودتها من المدرسة في فترة ما قبل التعلم عن بُعد، باتت أكثر تعلقاً بإنهاء واجباتها واللعب وابتكار القصص الخيالية، وهو ما جعلني مرتاحة نفسياً وقلل انشغالي عليها، وجعلني أكتشف أن التعلق بالهاتف جاء اندماجاً مع بيئة صديقاتها».

اهتمام بالروبوتات

واستطاع عبد الرحمن العاني «موظف عن بُعد» أن يدرك مدى اهتمام ولده الأصغر «10 سنوات» بالروبوتات؛ حيث كان يعتقد أنه اهتمام مرتبط بالأنشطة والمسابقات المدرسية، بينما وجده مولعاً به حتى خلال فترة ابتعاده عن المدرسة، أما ابنته التي تكبر أخاها بعامين فهي تهتم اهتماماً كبيراً بالمجسمات، وهو ما دعاه لأن يعتقد أنها تملك مستقبلاً في مجال الهندسة المعمارية.

«ذكاء ابنتي واطلاعها على الكثير من الأمور المتعلقة بالحياة، هو أمر لم أكن أدركه لانشغالنا في الدراسة».. هذا ما اكتشفته تمام ياسين «موظفة» في ابنتها الوحيدة وتقول: «اكتشفت لدى طفلتي ذات السنوات الخمس ذكاء يجعلني استثمره في مراكز متخصصة في تنمية المهارات العقلية، هو أمر لم أكن لاكتشفه خلال الوقت المزدحم بالدراسة والمهام الأخرى والخروج للنزهات في الأيام الاعتيادية قبل الجائحة».

رغبات مختلفة

يعتقد عبد الهادي العلي «تاجر سيارات» أن وجود الأطفال في المنزل؛ جعله يرى ما لم يكن يراه خلال وجودهم في المدارس، ويقول: «فترة الدراسة المباشرة لم يكن للأولاد أن يقضوا الكثير من الوقت في البحث عما يشغل فراغهم ويخرج طاقاتهم وسلوكاتهم الحقيقية ويقربني منهم، اليوم بت أعرف أن بعض السلوكات هي نتاج ابتعاد الأهل عن مناقشة رغبات الأبناء، منها العزلة أو الفوضى الكبيرة».

وفي الوقت الذي كانت سهير الحلبي «ربة منزل»، تعتقد أن ضيق الوقت كان عاملاً مهماً في عدم قدرة بناتها الثلاث على مساعدتها في ظل ظروف الدراسة وتعب المدرسة، اكتشفت أن لكل منهن ميولها ورغباتها الخاصة، وهو ما استطاعت فهمه وتنظيمه ليستطعن مساعدتها بشكل صحيح، فالكبرى لا تحب المشاركة في الطهي فأسندت إليها مهام تنظيم المنزل، بينما الصغرى هي الأكثر رغبة في دخول المطبخ، والوسطى لا تجد ضيراً في تدريس من يصغرها سناً من إخوتها وبنفس الوقت تهتم بالمساعدة في غسل الأطباق.

حب المطالعة

جمال عزالدين «موظف في مجال البحوث» وجد أن ولده الصغير على الرغم من أن عمره 3 أعوام ونصف فإنه ورث عنه «حب المطالعة»، فعلى الرغم من ابتعاده عن الحضانة التي أغلقت أبوابها كسائر المؤسسات التعليمية منذ بدء الجائحة، فإنه بقي راغباً في التعلّم، ويقول: «اصطحبته للمكتبة ذات يوم لأنني لم أكن أعرف أين أتركه في وقت كنت بحاجة فيه لكتب، فوجدته يهرع إلى ردهة كتب الأطفال مقلباً فيها، وسائلاً عن تفاصيل الكثير من الشخصيات التي رآها، وهو أمر لم أكن لأكتشفه لولا هذه المرة، وبذلك بت أخصص له يوماً في الأسبوع للذهاب للمكتبة».

تقول أنيسة عبود «ربة بيت»: إن فترة «الحجر المنزلي» في بدايتها لم تكن تعبّر عن سلوكات الأبناء المخفية وبعض الطباع التي لم تكن ظاهرة، باعتبارها فترة إجازة يستمتعون بها، وتضيف: «الأشهر التالية كشفت لي كم أن ولداي (11، 14 سنة) يختلفان عن بعضهما، فأحدهما كان يستمتع بالعزلة ويمارس الرسم، فيما الآخر لم يكن يستطيع الجلوس لثوانٍ بمكان واحد في المنزل، ويعبر ذلك بأن المدرسة كانت تخرج طاقته فيعود للبيت هادئاً نوعاً ما».

ويشير فاضل حسين «موظف» إلى أنه أدرك تماماً مدى حاجة الأبناء لنوع تربية مختلف في ظل الجائحة، ويقول: «في فترة ارتياد المدارس كنا كأهل نراعي انشغالهم في المذاكرة والتعب الذي يعانوه في باص المدرسة ذهاباً وإياباً، فلا نضغط عليهم بشأن المساهمة في أعمال المنزل أو حتى ترتيب غرفهم، إلا أننا اكتشفنا أنه خلال المكوث في المنزل بات السلوك اتكالياً لديهم، وهو ما تفاجئنا به، لكننا نجحنا في تحويله لسلوك إيجابي مساند».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"