«الأصلي».. صدمة بعد فرحة

22:43 مساء
قراءة دقيقتين

مارلين سلوم

التنوع يثري الشاشة، والثراء هذا ينعكس على الإنتاج الدرامي كماً ونوعاً، وعلى الجمهور، فيمنحه المزيد من فرص الاختيار والتمييز بين الجيد والسيئ وما بينهما؛ لكن ما نشاهده على المنصات وما تعرضه القنوات من مسلسلات خارج السباق الرمضاني، يعاني في أغلبه، أزمة تلازم الدراما العربية منذ سنوات، وما خرج عن إطارها ولم يقع في فخها، هو الاستثناء وهو عنوان النجاح؛ إنها أزمة المط بالأحداث واللف والدوران حول نقطة واحدة، فيفقد أجمل المسلسلات بريقه بعد الحلقة العاشرة، أو ال15 على أبعد تقدير، ويصبح كل هم المؤلف تعقيد الأمور بأي شكل، فتفقد الأحداث تسلسلها المنطقي، وتتحول العلاقات إلى مجموعة أفخاخ ومؤامرات ومطبات، تستفزك دون أن تحرض فضولك، تضيق منها وتشعر بملل، خصوصاً حين تخرج الشخصيات عن الإطار المنطقي لها.

«الأصلي» من المسلسلات الجيدة التي استبشرنا بها خيراً حين بدأ عرضها، تأليف أمين جمال وإخراج أحمد حسن وبطولة مجموعة كبيرة من الممثلين في مقدمتهم ريهام عبد الغفور. هذه النجمة قادرة على تحمل مسؤولية عمل وإنجاحه، مبهرة بأدائها، بارعة في تلونها بين القسوة واللين.. لكن أداء ريهام ومعها كل فريق التمثيل لا يكفي لضبط إيقاع المسلسل، وجعلنا ملتزمين منجذبين، لمتابعة أحداثه الممتدة حتى ال30 حلقة. معجبون نحن بفاطمة الأصلي، لكن إصرار التأليف على وضع توليفة غير منطقية من المكائد والمشاكل وتعقيد الأمور ونقلنا من أزمة إلى أزمة كمن يجري أكثر من عملية جراحية في نفس الوقت لمريض واحد، لا بد أن تؤدي في النهاية إلى هلاكه.

لا نتحدث عن كم المشاكل التي تواجهها عائلة الأصلي، وعن ألاعيب فاطمة، لكننا وصلنا إلى مرحلة الملل من كثرة تكرار نفس الفكرة واللف والدوران حولها، والتآمر الذي لا ينتهي؛ بل تحولت الشخصيات البريئة الطيبة إلى ماكرة تجيد دس السم في أطباق من تحب بكل هدوء وبساطة، فأين المنطق في ذلك؟

مشكلة الدراما أن الكثير من المؤلفين ينطلقون من فكرة ويحيكون حولها الأحداث، فإذا بهم يشردون ويتفرع من الحدث حدث مشابه، ويراوحون في أماكنهم من دون تحقيق أي تقدم لا في القصة ولا فنياً ولا جمالياً؛ وكأن النفس القصير هو الصفة العامة والغالبة، والجمهور يدرك ويفهم جيداً أن الكاتب دخل في حالة التوهان في منتصف الطريق مع الإصرار على مط الحلقات إلى الثلاثين وأكثر، فيفقد العمل رونقه ويبرد حماسنا له، وهو ما وقع فيه «الأصلي» الذي أفرحنا ثم صدمنا.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yjxe8csk

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"