كيف يمكن مساعدة الاقتصادات الأقل نمواً؟

22:56 مساء
قراءة 3 دقائق

د. عبد العظيم محمود حنفي *

إن مطالعة المشاهد الفظيعة للمجاعات والأمراض على التلفزيون في عدد من مناطق العالم النامي، رغم السجل المثير للنمو الاقتصادي في كثير من بقاع العالم. تكشف الفشل الصارخ للوكالات الدولية التي حاولت مساعدتها في علاج هذا الوضع ما يتطلب البحث عن طريق أفضل للعمل.

كيف يمكن الاهتداء إلى مساعدة الاقتصادات الأقل نمواً؟ بعض الدراسات الاقتصادية، تأخذ طرف الخيط – بالدرجة الأولى – من البلدان التي لم تفشل في النمو، وربما كان نجاحها- على الأقل في بعض الحالات – أنجز من دون تخطيط. وبدرجة قليلة من التوجيه المركزي، أو من دونه. وعبر مصادفات التاريخ والعمل من خلال الحوافز القوية المنبثقة عن التصرفات الموضوعية للسوق، وبرغم اعترافها بأن الدروس المستقاة من هذه التجارب ليست واضحة وغير ملتبسة تماماً، فإنها، فيما يبدو فعلياً، تخبرنا، على الأقل، أن من بين مقومات النجاح التي لا غنى عنها: ريادية الأعمال، والبيئة المشجعة لأنشطتها، التي توفر لها الأمن والحوافز، وتقلل إلى أدنى حد العوائق التي تقف في طريقها، لمنح الأمل بتحول الاقتصادات التي كانت ترتيبات وقواعد اللعبة فيها تعوق، أو حتى تمنع عمل رياديي الأعمال المنتجين الطامحين إلى نظم جديدة تقضي على تلك القيود. وتولي اهتماما خاصاً لتوضيح كيف يمكن للاقتصادات أن تنتقل إلى نظم جديدة تجري التطورات الاقتصادية فيها بفعل قوى السوق أساساً، مع أنشطة رياديي الأعمال المنتجين.

ولمساعدة الاقتصادات الأقل نمواً تجمل تلك الدراسات مقومات النجاح التي لا غنى عنها على الوجه التالي:

أولاً: إن جميع البلدان الأقل نمواً – وبغض النظر عن حالة تطورها الاقتصادي – تستطيع الاستفادة من تعزيز ريادية الأعمال من كلا النوعين، المقلدة، بمعنى استعارتها للتكنولوجيا من الخارج، وفي العادة بقبول الاستثمار الأجنبي المباشر، والابتكارية من خلال ما يسمى بالمنتج من الألف للياء، والخدمات المبتكرة المتكيفة مع الظروف الخاصة لكل اقتصاد نام، (ولبلدان في مراحل متأخرة من التنمية، من خلال تكييف المنتجات والخدمات المتطورة المصممة حالياً لأسواق وشركات ومستهلكي البلدان الغنية).

ثانياً: إنه من غير الواقعية أن نتوقع من الاقتصادات النامية الأكثر نجاحاً تحت توجيه الدولة، بما فيها البلدان النامية السابقة، التي استخدمت توجيه الدولة لتحقيق مستويات معيشة مقاربة للدول الصناعية، أن تعتنق مرة واحدة جميع مبادئ رأسمالية ريادية الأعمال، ومع ذلك هناك فرص أمام تلك الاقتصادات لإدخال تلك السياسات عند الهوامش، أو بشكل تكميلي.

ثالثاً: رغم وجود الكثير من التعليلات النظرية لقدرة المساعدة الأجنبية على زيادة معدلات النمو، خاصة وسط أكثر دول العالم فقراً، حيث يشكل الجوع والمرض – للأسف – ظواهر بالغة الشيوع تماماً، فإن الدلائل العملية على صحة هذا الافتراض تبدو مختلطة إلى حد بعيد. فإذا (وهذه «إذا» كبيرة)، كان من الممكن تقديم المساعدة الأجنبية للسلع العامة (مثل: النظم الصحية، الصرف الصحي، الطرق، والبنية التحتية للاتصالات) بطريقة تعزز فعلياً تحقيق تلك الغايات، يكون لديها عندئذ دور بنّاء لتلعبه. ولكن حتى مع تحقيق هذا، يجب النظر إلى المساعدة على أنها استراتيجية تنمية قصيرة الأجل فقط، ومن الناحية الفعلية يجب على البلدان النامية – حتى أكثرها فقراً – أن تجد السبل للنمو بالاعتماد على نفسها. ما يتطلب أنواعاً فاعلة من المؤسسات، وكلما تم الإسراع بتطويرها ازدادت سرعة القضاء على المعاناة الإنسانية، ما يحفز النداء الخير بمنح المزيد من المساعدات الأجنبية للانطلاق في النمو.

أخيراً، فإن نمو ما تسمى مؤسسات تمويل الاقتراض الأصغر في سائر أنحاء العالم النامي، (بل وحتى في بعض أجزاء العالم المتقدم) خلال العقود الأخيرة يعد ظاهرة ذات مغزى، ولا يمكن تجاهل أهميتها. فهي توضح نوع التدابير التي يمكن البحث عنها كوسائل لتيسير عملية التنمية.

والتحدي النهائي الذي يواجه البلدان النامية هو تشجيع المؤسسات المالية الأكبر والأكثر رسوخاً على إقراض المنشآت التي تملك فرصة النمو لتصبح شركات كبيرة، وبعبارة أخرى أن تتجاوز المراحل «الأصغر» في الائتمان وتكوين الأعمال.

* أكاديمي مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mr33n7c8

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"