قانون تنظيم القطاع العقاري في إمارة أبوظبي

02:57 صباحا
قراءة 7 دقائق
محمد أبو شعبان

إن قانون تنظيم القطاع العقاري في إمارة أبوظبي جاء في الوقت المناسب ليعمل على زيادة تنظيم هذا القطاع وتحسين الشفافية، حيث يتضمن قواعد ولوائح تنفيذية لتغطية كافة المسائل التي لم تكن معالجة في السابق كحالة الإخلال في تنفيذ عقد البيع على المخطط وحالة الفشل في إنجاز المشروع من قبل المطور. جميع هذه القواعد تهدف إلى حماية حقوق المطورين والمشترين للوحدات العقارية، وسد جميع الثغرات والفجوات التشريعية، والذي من شأنه خلق بيئة استثمارية جاذبة تضمن حفظ حقوق جميع الأطراف بشفافية تامة.

قانون تنظيم القطاع العقاري ولوائحه التنفيذية سيشكل ركيزة أساسية من ركائز المنظومة العقارية في الإمارة، وعنصراً أساسياً من عناصر النمو المستدام في هذا القطاع الذي يشكل رافداً مهماً من روافد التنمية الاقتصادية، حيث إن تحديث التشريعات من قبل الحكومة الرشيدة في إمارة أبوظبي والتطورات التي تشهدها الإمارة في القوانين المنظمة للعمل في مختلف القطاعات، تهدف إلى الارتقاء بجودة الخدمات المقدمة لجميع المستثمرين.
يهدف القانون إلى الارتقاء بمنظومة التشريعات العقارية بالإمارة، من خلال تنظيم القطاع العقاري وتطوير وتحديث إجراءات العمل والخدمات المتعلقة بالأراضي والعقارات، بشكل شامل وبصورة متكاملة مع القوانين والتشريعات الحالية وتوفير الأطر التشريعية المناسبة التي تحمي حقوق المستثمرين وجميع الأطراف ذات العلاقة، وتدعم النمو الاقتصادي المحلي وتشجع على الاستثمار وتسهم في تحقيق التنمية المستدامة.
نصت المادة 90 من هذا القانون بأن يتم تطبيقه والعمل به بعد ستة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية والذي تم فعلاً بتاريخ 30 يونيو/حزيران 2015. وبناء عليه، فإن تطبيق هذا القانون سيكون في مطلع العام المقبل 2016.
حظر قانون التنظيم العقاري الجديد في أبوظبي تملك الأجانب للوحدات العقارية خارج مناطق استثمارية محددة داخل الإمارة، ووضع القانون قواعد تنظيمية واضحة تحدد أنشطة البيع والشراء المسموح بها للأجانب في القطاع العقاري.
تميز القانون الجديد بعدة أشياء جديدة أهمها التسجيل العقاري والذي سنتطرق إليه لاحقاً بشكل أكثر تعمقاً، حيث إن هذا القانون ينظم بشكل متميز، شراء الأجانب للوحدات السكنية والعقارات، وسيكون البيع والشراء مسموحاً به للأجانب في مناطق استثمارية معينة، ويتم إصدار سندات تملك محددة للأجانب.
حسب المادة 2 من القانون فإن الجهة المنظمة ستكون دائرة الشؤون البلدية لإمارة أبوظبي، وقد تم منحها صلاحيات وسلطات لتشمل إصدار تراخيص الوسطاء وموظفي الوسيط والبائعين في المزادات العلنية ومديري اتحادات الملاك والمقيمين والمساحين والإشراف على إدارة حساب ضمان المشروع وإصدار ترخيص المطور وقيده في سجل التطوير العقاري ومراجعة المخططات والوثائق المتعلقة بها وقيدها في سجل التطوير العقاري إضافة إلى اعتماد أمناء الحساب الذين توافق الدائرة على قيامهم بتشغيل حسابات ائتمان المطور.
جاء القانون الجديد ب 90 مادة مقسمة إلى ثمانية أبواب وهي:
تعريفات
صلاحيات الدائرة وهيكلها الإداري وسجل التطوير العقاري
الأشخاص المرخص لهم
التطوير العقاري
السجل العقاري الأولي
الرهن التأميني
الطبقات والشقق والأجزاء المملوكة ملكية مشتركة
العقوبات
وكما أشرنا أعلاه فإن هذه المواد جاءت لتسد الفجوة القائمة حالياً بين التشريعات المتعلقة بالقطاع العقاري والأراضي في الإمارة، ولتقديم أفضل الممارسات في القطاع العقاري في أبوظبي ، مشيراً إلى أن القانون يتضمن مواد مهمة تعتبر الركائز الجوهرية لهذا القانون ونسرد منها باختصار ما يلي لتتشكل لدى المستثمر فكرة عامة عن هذا القانون:
نصت المادة 18 من القانون بأن يتم تخصيص حساب مصرفي لكل مشروع، لضمان أموال المشترين، وبما يضمن متابعة ومراقبة هذه المشاريع، حيث سيتم تسجيل كل مشروع جديد في الدائرة بالتعاون مع مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني، وفق اشتراطات خاصة لكل مشروع. وفي كل الأحوال لا يجوز التصرف بأي مبلغ ما لم يكن المطور قد أنجز ما لا يقل عن 20% من أعمال تشييد وبناء مشروع التطوير العقاري المعني، على أن تحدد اللائحة التنفيذية طريقة تقدير نسبة الإنجاز.
نصت المادة 5-11 من القانون الإجراءات التي تضمنها قانون تنظيم القطاع العقاري في أبوظبي بما فيها المقيّم والوسطاء العقاريين وحظرها مزاولة هذه المهن إلا للشركات المرخصة. وهذا من شأنه سينظم سوق الوساطة العقارية وسيصب في صالح القطاع العقاري ككل. ونصت المادة 6 على أنه يجب على جميع المرخص لهم أن يلتزموا بأحكام دليل قواعد السلوك والآداب المهنية الذي تصدره الدائرة بموجب أحكام هذا القانون.
نصت المادة 64-70 من القانون على موضوع اتحاد الملاك الذي يتكون من كافة مالكي الوحدات العقارية ومن خلاله تكون كافة حقوق والتزامات مالكي الوحدات العقارية واضحة بالنظر إلى نسبة مساهمة كل منهم. وهنا نستنتج أن هذا القانون أعطي صفة المستثمر الأجنبي صفة المالك، وهذا قد يكون جاء على سبيل الاستثناء من أحكام القانون رقم (19) لسنة 2005 في الملكية العقارية والمعدل بالقانون رقم (2) لسنة 2007 والذي لا يتيح لغير المواطنين او الحاصلين على موافقة المجلس التنفيذي تملك الأرض (مثل موطني دول مجلس التعاون في المناطق الاستثمارية).
الإعلان والترويج لبيع على المخطط

فقد فرق القانون كما سنرى ما بين الإعلان والترويج للبيع على المخطط وبين بيع الوحدات العقارية على المخطط. فبحسب المادة 14 من القانون الجديد فإنه لا يجوز للمطور الإعلان في وسائل الإعلام المحلية أو الأجنبية أو المشاركة في المعارض المحلية أو الأجنبية للترويج لبيع وحدات عقارية على المخطط في مشاريع التطوير العقاري، إلا بعد الحصول على تصريح خطي من الدائرة وتقوم الدائرة بإصدار التصريح خلال 30 يوما من تاريخ تقديم الطلب مستوفياً للمستندات التي تطلبها الدائرة من المطور في هذا الشأن وفقا لأحكام القانون واللائحة التنفيذية.

أمّا البيع على الخرائط لمشاريع التطوير العقاري، فقد نصت المادة 15 منه بأنه لا يجوز للمطور بيع أي وحدة عقارية على المخطط دون استيفاء الشروط التي نصت عليها هذه المادة. حيث نص القانون إنه يتعين على المطور الذي يرغب في بيع وحدات عقارية على المخطط لمشروع تطوير عقاري تقديم طلب إلى الدائرة مشفوعاً بالمستندات المؤيدة التي تحددها الدائرة لفتح حساب ضمان المشروع تودع فيه كافة المبالغ المدفوعة من قبل مشتري الوحدات العقارية. إضافة إلى أن يكون المطور مالكاً لأحد الحقوق العقارية على الأرض التي سيقام عليها مشروع التطوير العقاري أو حاصلاً على حقوق تعاقدية تسمح له بتطوير الأرض ومنح حقوق عقارية على الوحدات العقارية المراد إنشاؤها على الأرض، وتقديم المطور ما يفيد حيازته للأرض التي سيتم إنشاء مشروع التطوير العقاري عليها.

التأخر في البدء في مشروع التطوير العقاري وتسليمه
فقد عالجت المادة (25 - 26) من القانون تأخر البدء في مشروع التطوير العقاري وتسليمه وأجازت هذه المادة للدائرة فرض غرامة تأخير على المطور المعني، إلا أنه تم استثناء مشاريع التطوير العقاري التي بدأ إنشاؤها قبل العمل بأحكام القانون والتي لا تقل نسبة الإنجاز فيها على 50%. هذا الاستثناء قد يشكل تحدياً للبنوك الممولة ومشتري الوحدات وصعوبة مع مطوري تلك المشاريع السابقة على إصدار القانون نتيجة لهذا الاستثناء.
جاء القانون الجديد في مواده 27 - 30 لتنظيم وإعداد هذا السجل، وذلك من أجل حفظ كل المعلومات المتعلقة بأي بيانات أو وثائق تتعلق بمشروعات التطوير العقاري. إن وجود سجل عقاري سيسهم في تعزيز الثقة بالقطاع في الإمارة، والتشجيع على التملك والاستثمار، في ظل توافر مظلة منظمة ومعتمدة مرخصة تضمن حفظ حقوق جميع الأطراف الفاعلة في القطاع العقاري. وقد نص القانون على نوعين من السجلات وفقاً لما ورد في القانون. هما سجل التسجيل العقاري الأولي والسجل العقاري.
حيث إن السجل العقاري الأولي يتعلق ببيع الوحدات العقارية على المخطط، حيث يتم حفظ كافة التصرفات التي تورد على الوحدات العقارية المباعة على المخطط، في هذا السجل، لا تكون هذه التصرفات ملزمة لأي من أطرافها أو تجاه الغير ما لم يتم تسجيلها في السجل العقاري الأولي وفقاً لأحكام هذا القانون.
أمّا السجل العقاري، فقد نصت المادة (30) الخاصة بنقل التسجيل إلى السجل العقاري، على أنه يجب على المطور فور اكتمال إنشاء مشروع التطوير العقاري وحصوله على شهادة الإنجاز من البلدية تسجيل مخطط الطبقات والمجمع النهائي ونظام إدارة المجمع أو الطبقات في السجل العقاري، ونقل ملكية الوحدات العقارية المباعة على المخطط إلى المشترين المسجلين في السجل العقاري الأولي إلى السجل العقاري شريطة أن يكونوا قد قاموا بسداد كامل ثمن شراء وحداتهم العقارية للمطور أو طبقاً للاتفاق ووفقاً للإجراءات التي تصدرها الدائرة.
بلا شك، فإن العقوبات التي نص عليها القانون ستكون كفيلة بالمحافظة على هذا القطاع من الدخلاء والمتطفلين سواء كان ذلك بشأن: المخالفين لمزاولة نشاط وسيط أو موظف وسيط أو بائع في مزاد علني أو مدير اتحاد ملّاك أو مقيّم أو مسّاح أو عرّف عن نفسه بتلك الصفة من دون أن يكون مرخصاً أو لم يوفق أوضاعه وفقاً لأحكام هذا القانون. حيث إن العقوبات عليهم قد تصل كما نصت المادة 77 من القانون على «عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها أي قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف درهم، ولا تزيد على مئتي ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين».
أمّا بخصوص مخالفة مزاولة نشاط التطوير العقاري، فإن المادة 78 من القانون قد نصت مجموعة من المخالفات التي قد يرتكبها المطوّر مثل من قدم إلى السلطات المختصة مستندات أو بيانات غير صحيحة للحصول على ترخيص لمزاولة نشاط التطوير العقاري، ومن عرض للبيع وحدات في مشروعات عقارية وهمية مع علمه بذلك. فقد نصت هذه المادة على «مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها أي قانون آخر، يعاقب بغرامة لا تقل عن مئة ألف درهم ولا تتجاوز مليوني درهم».
إن مثل هذا القانون سيكون له نقلة نوعية في قطاع العقار في إمارة أبوظبي، وسيؤدي إلى مضاعفة أعداد المستثمرين الراغبين في شراء وتملك المشاريع العقارية الجديدة في الإمارة وبالأخص المستثمرون الأجانب، وبلا شك فإن توفر سندات ملكية للمستثمرين الأجانب من دائرة الشؤون البلدية سيكون عنصر ثقة وضمان لاستثماراتهم، وسيقضي على تخوف الكثير من المستثمرين الأجانب والذي يضمن أموالهم وحقوقهم.
أيضاً، فإن الغرامات التي نص عليها القانون على المخالفين ستكون رادعا قويا يكفل ببقاء هذا القطاع بعيداً عن المتطفلين الذين يعملون دون التراخيص اللازمة، والذين يحاولون استغلال الثغرات القانونية لتحقيق مكاسب مالية.
بناء على كل ما ذكر، فإننا على ثقة بأن كل الأطراف المعنية وخصوصاً المطورين سيعملون على تطبيق هذا القانون الجديد والذي حرصت الحكومة الرشيدة على إخراجه لحيز التنفيذ بداية العام القادم، وذلك لما فيه فائدة للجميع من خلال التغلب على المشكلات والأزمات التي حدثت خلال الفترة الماضية. أيضاً سيزيد هذا القانون من استقرار القطاع العقاري ويقلل من المضاربات والتذبذبات وهذا من شأنه يعزز الاستقرار الاقتصادي في جميع المجالات، باعتبار أن القطاع العقاري النواة الأساسية للاقتصاد.

*مستشار قانوني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​*مستشار قانوني

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"