اغتيال الهاشمي

05:32 صباحا
قراءة دقيقتين
صادق ناشر

هزت عملية اغتيال الخبير الأمني العراقي هشام الهاشمي الأوساط الأمنية والسياسية في البلاد، وخاصة أنها جاءت بعد سلسلة من التهديدات تلقاها الهاشمي في الفترة الأخيرة بسبب مواقفه من تطورات داخلية وخارجية رأت فيها بعض الجهات المسلحة خطراً على حضورها، وهو الأمر الذي دفع مجلس القضاء الأعلى إلى تشكيل هيئة تحقق في جرائم الاغتيالات، سواء الأخيرة، أو تلك التي وقعت خلال السنوات القليلة الماضية، على أن تتولى الهيئة التنسيق مع الجهات الأمنية لكشف ملابسات هذه الجرائم.

كانت عملية اغتيال الهاشمي نتاج نشاط محموم قامت به جهات مسلحة تعارض توجه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بحصر السلاح في يد الدولة، وقد وصل الجناة إلى قرب منزل الضحية، وقاموا بتصفيته تنفيذاً لتهديد سبق أن وجهته إليه إحدى الكتائب المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة، حيث استخدم المهاجمون، وعددهم ثلاثة، دراجات نارية اعترضوا سيارة الهاشمي، وأطلقوا النار عليه، ولم تفلح الجهود الطبية في إنقاذه.

بعد الحادثة تحركت السلطات السياسية في البلاد لمواجهة خطر الاغتيالات المسلحة، حيث توعد رئيس الوزراء بملاحقة القتلة، لينالوا جزاءهم العادل، مؤكداً عدم سماح الحكومة بعودة عمليات الاغتيالات ثانية إلى المشهد العراقي، لتعكير صفو الأمن والاستقرار، فيما وصف الرئيس برهم صالح عملية الاغتيال ب «الجريمة الخسيسة»، وطالب ب «الكشف عن المجرمين وإحالتهم إلى العدالة».

بالطبع لم تكن حادثة اغتيال الهاشمي الأولى، فقد سبق أن تم تنفيذ العديد من العمليات الإرهابية المناهضة للوجود الأجنبي في العراق، وضد المعارضين لامتلاك جماعات مسلحة السلاح خارج نطاق مؤسسات الدولة المتعارف عليها، والتي تريد محاكاة نموذج دولة مجاورة بحيث تكون هناك سلطة سياسية فوق سلطة الدولة، وتشكيل مسلح خارج نطاق الجيش يصبح خارج المساءلة القانونية والشعبية، وينفذ مهام خارجية من دون التنسيق مع الدولة الرسمية.

كان الهاشمي أحد الأصوات التي تجرأت في مناقشة القضايا الأمنية والسياسية في العراق، باعتباره قريباً من رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي تبدو لديه الرغبة في التخلص من النفوذ الأجنبي في العراق، وعدم إبقائه رهينة في أيدي الأنظمة الدينية، كما هو الحاصل في بلدان مجاورة، وهو الأمر الذي فاقم من حدة المواجهة بينه وبين فصائل مسلحة وأحزاب سياسية تتلقى دعماً من إيران، بعد أن قرر بقاء السلاح محصوراً في يد الدولة، وخاصة بعد الانتهاء من الحرب ضد تنظيم «داعش».

ظاهرة الاغتيالات السياسية في العراق ستكون لها تداعيات كبيرة على خطط حكومة الكاظمي في إعادة تطبيع الأوضاع بسرعة، لأن من شأن استمرارها إبطاء عملية التغيير التي يتوق إليها المواطن بعد سنوات من التقلبات السياسية، التي عاشتها البلاد خلال السنوات التي أعقبت خروج الاحتلال الأمريكي قبل عدة سنوات.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"