لماذا فشلت هدنة كاراباخ؟

00:16 صباحا
قراءة دقيقتين

صادق ناشر

لم تصمد الهدنة التي تم التوصل إليها قبل أيام بواسطة روسيا، لوقف القتال الدائر منذ أربعة أسابيع بين أرمينيا وأذربيجان في إقليم ناجورنو كاراباخ. وكان ذلك متوقعاً؛ نظراً لتأثر الصراع بعوامل داخلية وخارجية عدة، خاصة في ظل موروث الخلافات بين البلدين حول الإقليم، الذي يثير حروباً مصغرة بينهما من وقت لآخر منذ بداية الخلافات بشأنه في عام 1915.

وبعد فشل الهدنة، تبادلت الدولتان الاتهامات بخرقها، وتصاعدت الحرب التي عادت لتحصد المزيد من الضحايا، وأصبحت أكثر عنفاً من المرحلة السابقة؛ فوزارة الدفاع الأذربيجانية تقول: إن أراضيها تعرضت لصواريخ باليستية، أطلقتها أرمينيا، فيما تؤكد الخارجية الأرمينية أن أذربيجان وتركيا تقوّضان جهود المجتمع الدولي؛ من خلال دعم أنقرة لباكو في الصراع الدائر حول الإقليم.

 وبدا أن الصراع يأخذ أبعاداً أكثر خطورة بالمواقف الجديدة لأرمينيا، التي لم تطالب جميع مواطنيها بحمل السلاح، والتوجه إلى الجبهات للقتال، والدفاع عن الوطن الأم، وحث رؤساء البلديات المحلية على تنظيم وحدات تطوعية، فحسب؛ بل قطعت خيوط الحل السلمي، بالحديث عن صعوبته، بقولها: إنه «لا توجد وسيلة الآن لتسوية قضية ناجورنو كاراباخ من خلال الدبلوماسية»، واعتبرت أنه «في هذه الحالة، قد تعد كل الآمال والمقترحات والأفكار حول الحاجة إلى إيجاد تسوية دبلوماسية منتهية».

 يمكن فهم موقف أرمينيا من تركيا، وحساسية تدخلها في الصراع بوقوفها إلى جانب أذربيجان من خلال تصريحات أدلى بها رئيس وزراء أرمينيا، نيكول باشنينيان، الذي يتهمها بالتخطيط لتكرار ما أقدمت عليه من مذابح جماعية في مطلع القرن الماضي، خاصة في ظل الموقف المؤيد بشكل صريح من قبل تركيا لأذربيجان، وإرسال المئات من المرتزقة؛ للقتال إلى جانب القوات الأذرية، وهي الخطوة التي لاقت استنكاراً دولياً، خاصة من قبل الدول الكبرى التي طالبت أنقرة بالكف عن إرسال المرتزقة إلى منطقة الصراع؛ لأن ذلك يسهم في تأجيجه بشكل أكبر، ويشكل خطراً على أمن أوروبا بأكملها.

 وعلى الرغم من تحركات القوى العالمية الكبرى؛ كالولايات المتحدة وروسيا وفرنسا؛ لوقف الصراع في الإقليم، فإن آفاق الحل لا تزال بعيدة، فهناك قوى إقليمية تغذّي الصراع، وترى أن من مصلحتها استمراره؛ للتمويه على أوضاعها الداخلية وأزماتها الاقتصادية، الأمر الذي يطيل أمد الحرب، ويزيد المنطقة اشتعالاً.

 استمرار الحرب في ناجورنو كاراباخ يعد مؤشراً على تقاطعات سياسية في أوروبا، وفشل قادتها في وضع حد للقتال في الإقليم، ووقف أصوات المدافع وأزيز الطائرات، مع تزايد أعداد الضحايا بمرور كل يوم، وهو دليل أيضاً على أن «القارة العجوز» لم تعد قادرة على إنتاج حلول؛ لمعالجة أزماتها، التي تكبر كل يوم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"