الترامبية

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

 

وحده دونالد ترامب الذي لا يريد تصديق أن ولايته انتهت، وأن عليه الاستعداد لحزم حقائبه ومغادرة البيت الأبيض في يناير/ كانون الثاني القادم، وإخلاء المكان للرئيس المنتخب جو بايدن.
سيعمل ترامب خلال ما تبقى أمامه من وقت حتى ذلك الحين لإثارة العراقيل ورفع الدعاوى المشككة في سلامة التصويت وعدّ الأصوات في الانتخابات التي خسرها، كي لا يجعل الطريق سالكاً أمام الذي أطاح به في تلك الانتخابات.
قادة جمهوريون مرموقون، وحتى وجوه في الدائرة المحيطة بترامب والمقربة منه، لا يخفون أن ذرعهم قد ضاق بسبب مكابرة ترامب في التسليم بهزيمته، وهي مكابرة تظهر مقدار ثقته في أنه ما كان سيخسر السباق الانتخابي، بعد البلاء الذي أبلاه في حملته الانتخابية، خاصة في الأيام الأخيرة التي سبقت الانتخابات، ولكن ليس في كل الأوقات تصحّ التوقعات وتثمر الجهود.
وفرص ترامب في الفوز لم تكن قليلة، بدليل أنه حصد ما يفوق سبعين مليون صوت من الناخبين، وهو عدد لم يحققه حتى من فازوا في انتخابات الرئاسة في الفترات الماضية، وظلّ الوضع الرجراح في الدوائر الموصوفة بالمتأرجحة مبعث قلق لبايدن والديمقراطيين حتى آخر اللحظات، مخافة أن تحدث مفاجآت تنهي تقدّمهم الذي أظهرته مؤشرات الفرز الأولى.
ورغم ذلك، فإن خصوم ترامب كثيرون، ليس كل من صوتوا ضده فعلوا ذلك حباً في بايدن أو في الحزب الديمقراطي، فالكثيرون منهم سبق أن شاركوا في إيصال ترامب إلى البيت الأبيض قبل أربع سنوات، لكنهم يرون أنه خيّب آمالهم، وملّوا من طريقته الاستعراضية في إدارة الأمور، وافتقدوا صورة رجل الدولة المسؤول والمتزن، التي غيبتها صورة رجل الأعمال الذي يحسب الدولة شركة، ويرى «تويتر» منصة ليس فقط لإعلان القرارات، وإنما اتخاذها.
هزيمة ترامب لا تعني أن الترامبية إلى زوال، فترامب عنوان لمرحلة مأزومة في أمريكا، وليس هو من صنع الأزمة، وإنما الأزمة جاءت برجل مثله رئيساً. وقبيل الانتخابات الأخيرة بقليل توقع أحد محللي «الفايننشال تايمز» ما حدث بالفعل، من أن هزيمة ترامب إذا حدثت لن تكون كاسحة لأن الشعب الأمريكي أصبح منقسماً إيديولوجياً أكثر من أي وقت مضى.
صحيح أن بعض الجمهوريين المحترفين سينأون بأنفسهم عن ترامب شيئاً فشيئاً بعد هزيمته، ولكن السبعين مليوناً الذين منحوه أصواتهم، خاصة من البيض ضعيفي التعليم، سيظلون متمسكين بالأفكار التي يروّج لها، وربما أكثر من ذي قبل، لذا فإن رأب الصدع عسير، والمهمة أمام بايدن وفريقه شاقة، خاصة إن تجاهلوا هذه الحقيقة.

 

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"