خذوا الحظ إلى لاهاي

22:43 مساء
قراءة دقيقتين

عبد اللطيف الزبيدي

هل ينبغي لعاقل أن يتصوّر أن ما يجري في الصحراء المغربية شيء عاديّ طارئ عابر؟ رويدك،مهلاً: إذا كان عاديّاً، فلماذا لم يستطع الأشقاء المغاربة، ولا كل العرب معالجته بالتي هي أحسن، منذ أكثر من أربعين سنة؟ ثم إنه ليس طارئاً بكل يقين، فقد اشتعلت رؤوس الشبّان شيباً ولا حلول تلوح، فعن أيّ عابر نتحدث؟ يبدو أن القلم ليس على باطل حين يقول إن أطرافاً لها مخططات من شدّة الظهور الخفاء، لها مقاصد معيّنة في بلاد المغرب العربي، سوى أنها لا تعرف من أين تؤكل الكتف، لأنها لا تعثر على الكتف. وإلاّ فما بال العضّ ينقضّ في كل مرّة على موقع مختلف على الخريطة المغاربية؟

في الجغرافيا السياسيّة بالذات، ما كلّ ما يُعلم يقال. إنّما اللبيب أضحى لا تكفيه الإشارة حتى بحروف كأعمدة الكهرباء. لا بارك الله في الاستعمار الذي سمّاها الصحراء الإسبانية.خرج الإسبان وتركوا شيئاً أشبه بمسمار جحا. المشكلة هي أنها ليست صحراء ولا بيداء ولا قفراء ولا غبراء. فيها ثروات طائلة جوفية، ولها ساحل على المحيط الأطلسي، هو بلا ريب من أثرى السواحل في بحره عالميّاً،من ثمار البحر إلى الأعشاب البحريّة النادرة، إن لم يكن الأثرى على الإطلاق. في باطن أرض تلك الصحراء كنوز معدنية، منجميّة وطاقة وموادّ أوّلية هائلة، إذا حازها المغرب زانته وزادته خيرات جمّة. على جنابك إراحة دماغك من صداع الجغرافيا السياسية، بالمثل الشهير:«كل ذي نعمة محسود».

الأمور ليست سهلة في العالم العربي، خصوصاً عندما تكون مشكلات معتّقة في خوابي الحساسيات. أيام كانت للمنظمة العربية جولات وصولات، واسم ورسم وأوهام حسم،كان المبدأ: لا توحش نفوس أشقائك بما يكدّرها، «فاغنم من الحاضر لذّاته»، حين كثرت الأخاديد والتصدّعات وأدركوا عواقب التشتّت، «فليس في طبع الليالي الأمان»، صار المبدأ: كيف يمكن أن تحلّ القضايا والعرب متفرّقون؟ سامح الله إبراهيم ناجي، فقد طيّنها، قال:«لا تقل شئنا فإن الحظ شاء». لكن،كأنه على حق،فعليك أن تتخيّل التنمية المغربية لو انطلقت قبل أربعة عقود، مستغلة كل ثروات الصحراء المغربية. مسألة حظ حقّاً.

لزوم ما يلزم: النتيجة البختيّة: ليبيا أيضاً خانها الحظ، والعراق وسوريا. الحل أن تأخذوا الحظ إلى محكمة لاهاي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"