الطريق إلى العيون

00:28 صباحا
قراءة دقيقتين

سليمان جودة

بادرت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى افتتاح قنصلية لها في مدينة العيون المغربية، فكانت القنصلية الأولى من نوعها في المدينة. 

وما أقصده بأنها الأولى من نوعها، هو أنها كانت أول قنصلية عربية في العيون، وقد كانت المبادرة الإماراتية فاتحة خير أدت إلى مبادرتين عربيتين من بعدها.. وأغلب الظن أن مبادرات أخرى من النوع ذاته ستتوالى من بعدها في هذا الطريق. 

والقنصلية الإماراتية أول قنصلية عربية؛ لأن في العيون ثماني قنصليات جرى افتتاحها في وقت سابق، ولكنها جميعاً قنصليات لدول إفريقية غير عربية. 

كان افتتاح قنصلية الإمارات في الرابع من نوفمبر، وما كادت أيام قليلة تمر بعد افتتاحها، حتى كان العاهل المغربي محمد السادس يتلقى اتصالاً من العاهل الأردني عبدالله الثاني، الذي قال خلال الاتصال إن بلاده في الطريق إلى افتتاح قنصلية لها، تكون هي الثانية بعد قنصلية الإمارات. 

وما كادت أيام أخرى قليلة تمضي على الاتصال بين العاهلين المغربي والأردني، حتى كانت الرباط على موعد مع اتصال آخر من ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، الذي انضم إلى المبادرتين الإماراتية والأردنية، وقرر أن تكون لبلاده قنصلية بحرينية هي الثالثة عربياً في العيون. 

وكان ذلك كله، وما سيأتي من بعده من نوعه، من قبيل الحس العربي المبادر الذي يشعر بأن المغرب في حاجة إلى وقفة عربية معه، فلا يتأخر ولا يغيب، ولكن يسارع إلى القول إن المسافة الطويلة بين الرباط على شاطئ المحيط الأطلسي في أقصى شمال غربي العالم العربي، وبين أبوظبي في أقصى جنوب شرقي العالم العربي، لا يمكن أن تكون مبرراً للتأخر ولا للغياب، ولا أن تكون داعياً إلى التباطؤ في التعبير عن عمق ما بين البلدين من وشائج مستقرة. 

صحيح أن جمهورية هاييتي الكاريبية قررت في المسافة الزمنية الفاصلة بين الاتصالين الأردني والبحريني، افتتاح قنصلية لها في مدينة الداخلة المغربية، ولكن في قضية كهذه، يظل هناك فارق لا تخطئه العين بين قنصلية عربية لحماً ودماً، يرتفع مبناها في سماء المدينة المغربية الجميلة، وبين أي قنصلية أخرى أياً كانت الجنسية التي تحملها، وأياً كان لون العلَم الذي سيرفرف فوق المبنى الخاص بها هناك. 

ولن يمر وقت طويل حتى تكون العيون قد ازدانت بالقنصليات العربية بالذات، وبالقنصليات الأجنبية من ورائها، وإذا كنت أقدم القنصلية «العربية» على سواها، وإذا كنت أضع الكلمة أمام القارئ الكريم بين أقواس، فإنني أفعل ذلك عن قصد؛ لأن مذاق ما هو عربي في هذه القضية، خصوصاً لدى الأشقاء في المغرب، إنما يختلف كل الاختلاف عما هو غير عربي. 

ما بادرت إليه أبوظبي تجاه الرباط، يبقى مثالاً للعلاقات بين عواصم العرب، في مدّ يد العون في اللحظة المناسبة، وفي وصل ما يجب ألا ينقطع من المشاعر العابرة للحدود بين الناطقين بلغة القرآن.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"