تمديد فشل مفاوضات «بريكست»

00:29 صباحا
قراءة 3 دقائق

حافظ البرغوثي

تتواصل المفاوضات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي لكن فرص إبرام اتفاق تجاري لما بعد خروج المملكة المتحدة من التكتل تتضاءل، بعدما أبدت لندن وبروكسل تشاؤمهما بشأن إمكان التغلب على خلافاتهما. وأعلن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا الأحد الماضي، في بيان تمديد المهلة الخاصة بالتوصل إلى اتفاق حول ترتيبات ما بعد خروج المملكة من الكتلة الأوروبية، واتفقا على إبلاغ المفاوضين بمواصلة المحادثات في بروكسل «لمعرفة ما إذا كان يمكن التوصل إلى اتفاق حتى في هذه المرحلة المتأخرة».

وتجري المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي مفاوضات بشأن اتفاق تجاري لمرحلة ما بعد بريكست منذ آذار/ مارس الماضي، ويحاولان التوصل إلى اتفاق قبل انتهاء الفترة الانتقالية في 31 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، حينها ستكون العلاقات التجارية بين الطرفين وفق قواعد منظمة التجارة العالمية. وما زالت حقوق الصيد وقواعد المنافسة وكيفية تنفيذ أي صفقة تحول دون التوصل لاتفاق.

وعلى الرغم من التوقعات القاتمة للاقتصاديين، يقول رئيس حكومة المحافظين جونسون إن هذا الحل سيكون رائعاً بالنسبة إلى المملكة المتحدة، ويمكننا أن نفعل ما نريده بالضبط اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني). وتتعلق الخلافات بثلاث نقاط رئيسية هي صيد السمك، وتسوية الخلافات في الاتفاقية المستقبلية، والضمانات التي يطالب بها الاتحاد الأوروبي حول المنافسة.

النقطة الأخيرة وهي الأصعب؛ حيث يريد الأوروبيون التأكد من التقارب مع المملكة المتحدة في المعايير الاجتماعية والبيئية والمالية العامة والمساعدة العامة، لتجنب أي منافسة شرسة.

في هذا الإطار رغم أقوال جونسون المتفائلة بالخروج دون اتفاق يبدو أن الجزيرة البريطانية تتجه نحو الفوضى في كثير من الأنشطة الحياتية مثل نقص في المواد التموينية واختناقات مرورية ضخمة وإغلاق مصانع. وحذرت اتحادات مختلف القطاعات من الاضطرابات المنتظرة اعتباراً من أول يناير، إذ تدرك أن العديد من الشركات لم تستعد للقفزة الكبرى خارج الاتحاد، باتفاق أو من دونه.

ولن يسلم اقتصاد بريطانيا من آثار الخروج من الاتحاد الأوروبي، بحسب ما تشير توقعّات خبراء اقتصاديّين، في وقت يعاني فيه الاقتصاد الأزمة التاريخية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا. وتذهب جامعة لندن للاقتصاد المرموقة إلى حدّ توقع أن يكون بريكست من دون اتفاق، أي العودة لفرض رسوم جمركية وتدابير رقابية على الحدود، مكلفاً أكثر من كورونا، لأن تداعياته ستكون ظاهرة لفترة أطول.

وبحسب التقديرات، سيتسبب الانفصال «بدون اتفاق» بتراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7,6% على مدى 15 عاماً؛ وفي حال تم التوصل إلى اتفاق، فسينخفض بنسبة 4,9%، وهو تأثير كبير إلى حد ما. وسيشكل غياب الاتفاق التجاري صدمة مزدوجة مع أزمة الوباء، وسيُترجم اعتبارًا من الأول من كانون الثاني/يناير، من خلال إعادة فرض قواعد منظمة التجارة العالمية مع رسوم جمركية تكون أحياناً باهظة على مجموعة كبيرة من المنتجات، بدءاً بقطع السيارات وصولاً إلى اللحوم.

وستشهد شركات كثيرة ارتفاع تكاليفها بين ليلة وضحاها، ويُتوقع أن تزيد الأسعار بالنسبة للمستهلكين أيضاً، خصوصاً في مجال الأغذية والمنتجات الطازجة، التي يستورد قسم كبير منها من دول الاتحاد الأوروبي. وقد يفاقم هذا الواقع انهيار الجنيه الإسترليني، ما سيزيد أسعار السلع المستوردة.

لكن جونسون يتحدث عن ازدهار بريطاني بعد الخروج وعقد اتفاقات تجارية مع دول العالم، وهو راهن على اتفاق تبادل تجاري ضخم مع الولايات المتحدة وفقاً لما وعده به الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، لكن الإبحار خارج الاتحاد الأوروبي دون اتفاق سيوجه للاقتصاد ضربة ركود طويلة الأمد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"