«اليونيسيف» تغــيــث بريطــانيـــا

00:32 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

من المستغرب أن ترى في بريطانيا، التي تعتبر دولة كبرى وغنية، أن تقوم منظمة دولية تعنى بإغاثة الجوعى في بلدان الدول النامية المعدمة، بتقديم معونات لأطفال يقيمون على أراضيها. ف«اليونيسيف» اتخذت خطوة لم يسبق لها أن قامت بها في هذا البلد الغني، بعدما أسهمت بإغاثة 1800 أسرة فقيرة، في فضيحة أثارت الرأي العام، وأظهرت مدى انعدام العدالة في مركز مالي عالمي كبريطانيا.

 الخطوة الأممية مقدرة؛ إذ إن المعوزين لا بد من مد يد العون إليهم، من دون النظر إلى جنسياتهم، أو بأي دولة كانوا، لكن الإجراء الذي اتخذته المنظمة مؤخراً سلّط الضوء على ما يعانيه المجتمع البريطاني خصوصاً، والمجتمعات الغربية على وجه العموم. ففي بيان ل«مؤسسة جوزف راونتري» أكد أن الفقر ارتفع بالنسبة للأطفال والمتقاعدين في المملكة المتحدة خلال السنوات الخمس الماضية بما مجموعه 14 مليون شخص، بينما يعيش 41 مليوناً، أي نحو 12.7 في المئة بفقر في الولايات المتحدة، بينهم 18.5 مليون يعانون فقراً مدقعاً، ويشكل الأطفال واحداً من كل ثلاثة فقراء. وفي أوروبا أعلن المكتب الإحصائي للاتحاد أن ثمة ما يقارب من 109 ملايين شخص أو ما نسبته 21.7 ٪ من سكان الاتحاد عرضة لخطر الفقر، أي أن واحداً من كل ستة أشخاص أوروبيين يعاني الفقر، وواحداً من كل 17 شخصاً يعاني الفقر المدقع.

 لكن في المملكة المتحدة، فإن أزمة الفقر المنتشرة أخذت أبعاداً أخرى، بعدما رفضت حكومة المحافظين برئاسة بوريس جونسون تقديم وجبات طعام مجانية للأطفال الأشدّ فقراً خلال فترات العطل المدرسية في ظلّ جائحة «كورونا»، قبل أن تعود وتغير موقفها بضغط من حملة قادها نجم كرة القدم ماركوس راشفورد، وكان لحزب العمال، الذي يمثل قوة المعارضة الرئيسية في البلاد، موقفاً صلباً من التقصير الحكومي، الذي كان سبباً في تلقي بريطانيا معونات إغاثية؛ حيث رأى أنه من المعيب اللجوء إلى مساعدات مالية لدعم أسر من صندوق الأمم المتحدة للطفولة، الذي اعتاد على العمل في مناطق حروب وفي أعقاب كوارث طبيعية.

 دفاع الحكومة التي شددت على أنها اتخذت إجراءات مهمة لضمان ألا يجوع الأطفال خلال الجائحة، لم يمنع من تعالي الأصوات المنددة بل تزايدت المطالبات بوضع برنامج حكومي يصل إلى كل جائع في البلاد، ورأت هذه النداءات أن ال18 ألف وجبة إفطار التي قدمتها «اليونيسيف» في إنجلترا، هي من حق الأسر التي واجهت كوارث طبيعية في العالم.

 الفقر والتهميش الاجتماعي بلغا مستويات كبيرة في أوروبا وأمريكا، في ظل قصور الأنظمة الحكومية في حماية الفئات الأشد فقراً؛ ولا بد لهذه الدول أن تضع برامج فاعلة لإنقاذ مواطنيها من براثن الجوع، والوقوف مليّاً عند أولوياتها في ميزانيات مليارية يجب أن تركّز على ما يفيد البشر وخصوصاً أبناء الطبقات الفقيرة للوصول إلى شيء من العدالة الاجتماعية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"