القمة محك اختبار

00:05 صباحا
قراءة 3 دقائق

مهرة سعيد المهيري

تقف دول مجلس التعاون الخليجي أمام مشهد استثنائي، وهي تودع عام 2020؛ فالقمة الخليجية القادمة ستكون فرصة لتشخيص الكثير من التحديات التي تواجه المنطقة وتستنزفها؛ من صعود الخطر الإيراني إلى التدخل التركي المتسارع، وصولاً إلى تراجع العائدات، وتداعيات الوباء عالمياً وإقليمياً؛ لكن الأمن يبقى هو الأهم في اعتباراتنا، ومنه.. ماذا علينا أن نفعل؛ لكي لا نسمح لأحد أياً كان أن يهزه؟

 أمن الخليج وأمانه واستقراره مسؤولية مشتركة، ينبغي الالتزام بها، والقيام بتبعاتها بشتى الطرق والوسائل؛ لقطع الطريق على محاولات الأعداء ومن تسول له نفسه التدخل في شؤون دولنا الخليجية أو من يسعى من وقت لآخر إلى بث الفرقة والفتنة بين صفوف الإخوة أو الجيران. 

 خليجنا مستهدف في أمنه واستقراره، والتدخلات الإيرانية المستمرة في الشؤون الداخلية لدول الخليج العربي ليست خافية على أحد؛ الأمر الذي يزيدنا إصراراً وتصميماً على مواجهة التحديات التي تواجه أمتنا العربية والإسلامية؛ لهذا ينبغي أن نعمل جميعاً، كأسرة خليجية واحدة، متكاملة ومترابطة، وفق منظومة خليجية عربية إسلامية، تخدم المجتمع الإسلامي والخليجي في آن واحد.

 علينا أن نتحد خلف قياداتنا، وأن نترك أسباب الفتن والخلافات، وأن نعزز أمن واستقرار دولنا ورخاء شعوبنا، وأن نحفظ مكتسباتنا الحضارية والثقافية. فشعوب الخليج كافة أسرة واحدة مهما أساء البعض لمسيرة التعاون الخليجي، ولا بد من وقف أي نوع من المساندة لأي متطرف في أي دولة خليجية أو عربية.

 يتعين أن ندرك بأن أي ضرر يمس أي دولة في الخليج سيصل إلى الجميع؛ لذا لا يمكن أن نقبل باستمرار الإساءة من أي كان وممن كان، ولا بديل عن دعم مسيرة التعاون، وتحقيق كل ما يصبو إليه أبناء الخليج من خير ورفاهية وأمن وأمان. ينبغي النظر إلى ارتباط شعوب الخليج بمصير مشترك على أنها ضرورة تستلزم التكاتف والتعاضد فيما بينها، والعمل على إيجاد الحلول بالسرعة القصوى؛ لمواجهة كل من قد يعمل على تعكير صفو شعوبها التي تجمعها أواصر مشتركة، وروابط وثيقة؛ تتجسّد في الدين واللغة والنسب ووحدة التاريخ والأهداف وغيرها من روابط لا يمكن بحال التخلي عنها. يجب أن نعمل سوياً على بقاء منطقة الخليج العربي بعيدة عن بؤر التوتر والصراع.

 رص الصفوف واجب، والشعوب الخليجية لن ينفعها إلا تضامنها وتعاونها وترابطها بوجه كل ما من شأنه تفكيك اللحمة والروابط والأخوة، وإلا تشرذمت وضعُفت وتكالبت عليها أنياب الأطماع، ولا سبيل أمام الشعوب الخليجية إنْ هي أرادت البقاء في هذا العالم العاصف، سوى تقوية الروابط والأواصر، وتعزيز التعاون والتعاطف والتكاتف ولن يكون أحد «أرحّم منّا على بعضنا»، وينبغي ألا تفرط الشعوب بالأمن الذي تنعم به دول الخليج، وقد اتضحت الآن وتكشفت حقيقة «نوايا القلوب» وقد فهمها الصغير مثل الكبير عندما يتحدث الأتراك والألمان والروس والإيرانيون والأمريكان عن «مستقبل الخليج».

نريد مستقبلاً آمناً لدار الخليج نصنعه بأيدينا، وليس فتنة يقودها من هو بيننا، ويُحسب علينا أخاً ومن أهل الدار.

 اليوم نقف أمام مفترق طرق، والقمة الخليجية المرتقبة، ستكون محكاً اختبارياً  لا يقبل الشك  لإبداء الفعل، وليس الحديث فقط عن النوايا. تراكم تجارب النوايا أوصلنا لما نحن فيه الآن، ومن الضروري تجاوزها إذا كان ثمة رغبة حقيقية في إصلاح ذات البين.

 الحديث عن مصالحة الآن خلال القمة المرتقبة مهم وجدي؛ لكنه يبقى حديثاً، وسنعود إلى نفس النقطة مرة أخرى. هذا ما يدركه الوسطاء الخليجيون والأجانب بكل تأكيد، وهم يقلبون ملف العلاقات وما الذي أوصلنا إلى الوضع الراهن.

حفظ الله  سبحانه وتعالى  دول وشعوب المنطقة من كل خطر وشر، ورد عنها كيد الكائدين وحقد الحاقدين، وإلى المزيد من التعاون والتنسيق في جميع المجالات بين دول مجلس التعاون الخليجي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"