كن أنت ولا أحد آخر

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

من الطبيعي أن كل إنسان يتأثر بمحيطه الاجتماعي، وتحديداً بمجموعة الأصدقاء والمقربين، وهذا التأثر قد يكون إيجابياً وقد يكون سلبياً، ونعرف في مجال العلوم التربوية بأن للأصدقاء أثر مدوي وكبير على شخصية اليافع. وقد يكون هناك مراهق تمت تغذيته بكل القيم الجميلة وتم منحه الاستقرار العاطفي والنفسي من ذويه ونشأ في بيئة صحية بكل ما تعني الكلمة، ومع هذا وبمجرد الاقتران بالرفاق اكتسب عاداتهم السلوكية التي قد لا تكون سليمة أو صحيحة.
 لكن الحقيقة تأثرنا بالمحيط الاجتماعي وبالآخرين في مجالات العمل وفي مختلف أجزاء وأركان المجتمع ليس مناط بسن محددة ولا بمرحلة عمرية ما؛ بل هو تأثر مفتوح ودائم يشمل الكبير والصغير؛ لذا لا تستغرب عندما تلاحظ تأثر الآخرين وهم على درجة من العلم والخبرة الحياتية بآراء أو بوجهات نظر أقرانهم أو المقربين منهم. لكن المهم في هذا السياق التنبه لنوع التأثر، وهل هو إيجابي ويضيف لك أو هو سلبي ويقلل من مكانتك؛ بل قد يسحب من رصيدك المعرفي ومن شخصيتك التي عرف عنها الاستقلال والذكاء. 
التميز الفردي وظهور الشخصية الخاص بكل منا وما تحمله من أفكاره وهوايات وتطلعات سمة مهمة تشكل مسيرة كل منا وتحدد اتجاهاته الحياتية؛ بل تمنحه الضوء المناسب وما يحتاج إليه لتحقيق أحلامه، لذا تعتبر عمليات التقليد تراجعاً، خاصة عندما يحدث هذا التقليد بطريقة غير مباشرة مثل تقليد المشية أو الحركات أو في الملبس أو نحوها. من المهم على كل منا أن يجد شخصيته وأن يكون على طبيعته وأن يبتعد عن التكلف والمبالغة في محاولة إبهار الآخرين. 
المؤلف الأمريكي الراحل ديل كارينجي، الذي طور دروس تحسين الذات، ومؤسس معهد متخصص بالعلاقات الإنسانية، له كلمة جميلة في هذا المجال قال فيها: «تطلع إلى الشرارة الوحيدة في شخصيتك التي تميزك عن سائر الناس». وكما يقال فإن لكل منا هويته وشخصيته المتفردة التي تشبه البصمة، التي لا يمكن أن تكون متواجدة أو مكررة في شخصيات أخرى، فلا تفسد هذا التفرد بالتقليد ولا تسبب لنفسك تراجع ونكوص بسبب تكرار طبائع وحركات وتصرفات يقوم بها الآخرون، قد لا تناسبك ولا تتماشى مع كيانك ولا مع تفكيرك وعلمك ومعرفتك. كن أنت كما هو حالك، كما هي عاداتك وطريقة تفكيرك وردات فعلك.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"