عادي

الاهتمام باللياقة.. مشروع مؤجل على أجندة الكثيرين

23:09 مساء
قراءة 4 دقائق
1
1

تحقيق: زكية كردي

على رأس قائمة المشاريع المؤجلة تتربع عبارة البدء بالاهتمام بالصحة واللياقة، التوجه إلى النادي الرياضي أو ممارسة المشي في الهواء الطلق والالتزام ببرنامج طعام صحي. فالخطة جاهزة لكن الخطوة الأولى تبقى رهناً لغياب الأعذار الكثيرة التي تقف عائقاً أمام هذا التحول في أسلوب الحياة والانتقال من روتين لآخر كما نقرأ هنا.

لا تعرف رنا جميل، ربة منزل، السبب الحقيقي خلف كرهها للرياضة عموماً، وتقول: كنت طفلة مدللة وعانيت من السمنة منذ الصغر، وهذا ما كان يجعل التمارين الرياضية صعبة بالنسبة لي، لهذا وجدت نفسي أكره التفكير بممارسة الرياضة، وأبحث عن الطرق السحرية للتخلص من الوزن الزائد بين الحين والآخر، حتى وإن عارضني كل من حولي، وسرعان ما أعود للتصالح مع شكلي والاستمتاع بالحياة دون أن أشغل بالي بفكرة الاقتراب من الوزن المثالي.

لكن المشكلة في تبني نمط حياة صحي لا تكمن في ممارسة التمارين الرياضية وحدها حسب نيفين محمد، ربة منزل، وتقول: يعاني ابني من السمنة منذ سنوات بسبب شراهته للطعام، وهذا سبب يصعب علاجه، حتى بعد أن أوجدنا حلاً لجعله يحب الرياضة بالتحاقه بنادي لكرة القدم مع أصدقائه، لكنه ما يزال أبطأ من أقرانه بالحركة عموماً، وما يزال يجد صعوبة بالالتزام بالطعام الصحي، ولعل التنظير بالأمر سهل، لكن الأمهات اللاتي يشتركن معي في هذه المشكلة يعرفن جيداً صعوبة منع الطفل من الوجبات السريعة والأطعمة المرتفعة بالسعرات التي يفضلونها، والغريب أن هذه المشكلة تنتشر بين الأطفال على نطاق واسع كما ألاحظ.

من جهته يرى محمد الصالح، صاحب محل ألبسة، أن موضوع اللياقة والاهتمام بالصحة عموماً يجذب الشباب الأصغر سناً أكثر وهذا لانفتاحهم على المجتمع الغربي الذي يتبنى هذه السلوكيات أكثر، ويقول: نحن كجيل متوسط ورثنا سلوكيات الجيل الذي سبقنا للأسف، حيث لم تكن الرياضة أساسية في الحياة، لكن الفارق أن نمط الحياة كان أقل رفاهية فكانوا يتحركون كثيراً ويبذلون جهداً حركياً ما يحافظ على صحتهم، لكننا اليوم بحاجة للممارسة الرياضة لنحرك أجسادنا العالقة خلف المكاتب والشاشات ومقود السيارة، فنمط حياتنا المعاصرة يجعل حركتنا قليلة نسبياً بغض النظر عن طبيعتنا الشخصية، وهذا يجعل الرياضة حاجة أساسية لنحافظ على لياقتنا وصحتنا.

لكن مشروع اللياقة يبقى مؤجلاً بالنسبة لمعظم الناس لأسباب غير واضحة حسب سماح عبد الهادي، ربة منزل، وتقول: ربما لأن تغيير العادات اليومية المرتبطة بالمحيط أمر صعب، خاصة عندما يكون المرء مثقلاً بالمسؤوليات والضغوط. المشكلة الأخرى أن الحفاظ على اللياقة والوزن المثالي يحتاج لأسلوب حياة لا خطة مؤقتة، فقد جربت التخلص من الوزن وحاولت الالتزام بالرياضة سابقاً لمرات عدة، وحققت نتائج جيدة بالفعل لكنني كغيري عند حد معين أشعر بصعوبة الاستمرار لأسباب كثيرة أبرزها الملل.

 إرادة قوية

أحمد أبو عادل، صاحب محل ألبسة، يشير إلى أن اتباع نمط الحياة الصحي الذي أصبح الجميع ينادي به ليس بالأمر السهل عملياً، فهو يحتاج إلى إرادة قوية وتماسك، ويقول: هذه الإرادة التي نحتاجها للاستمرار يصعب توفرها في حياتنا المعاصرة الممتلئة بالضغوط العملية والنفسية، وليس حقيقياً أن قرار البدء هو الأصعب، الاستمرار هو الصعب، لأن هذه الإرادة التي نحتاجها كل يوم من الصعب أن تصمد أمام التعب والإرهاق والرغبة بالاستلقاء أمام فيلم أو مسلسل نهاية اليوم للابتعاد عن التفكير وأخذ استراحة بعد يوم مجهد، ويضيف أن المشكلة لا تكمن بالوعي بالجميع يعرف خياراته الصحية لكن المشكلة في توفر القدرة على الالتزام.

ولأن معظم الأمهات اعتدن على وضع أنفسهن في أسفل قائمة الاهتمام يبقى مشروع اللياقة عالقاً على هذه القائمة حسب مريم غنيم، ربة منزل، وتقول: سواء كانت الأم موظفة أم ربة منزل سوف تجد جدولها مزدحماً بالمهام التي تتعلق بالاهتمام بالزوج والأبناء، لهذا عندما تجد وقتاً للاعتناء بنفسها تستثمر هذا الوقت بالأشياء التي تمنحها شعوراً بالرفاهية، أما الالتزام بالتمارين الرياضية وببرنامج غذائي معين فهذا يحتاج إلى وقت ومجهود لا تملكه معظمهن.

لكن المشكلة لا تكمن بالوقت كما يعتقد الكثيرين كما ترى عائشة مبارك، موظفة حكومية، وتقول: للأسف معظم الناس يجدون صعوبة في تغيير سلوكياتهم فيلجأون للمبررات التي تقنعهم لعدم القيام بالأشياء الصحيحة، ولو بحثنا عن السبب الحقيقي سنجد أن الكسل هو السبب الأبرز، هذا ما حصل معي شخصياً ولم أستطع الخروج من دائرة التأجيل إلى أن واجهت نفسي وقررت التخلص من الأعذار، فالوقت ليس مشكلة حقيقية ونحن نقضي الساعات على مواقع التواصل، المشكلة هي أن ننظم وقتنا ونجد برنامجاً مناسباً يجعلنا نصل لما نريد.

آفة الكسل

يؤكد مصطفى أحمد، مدرب لياقة بدنية، أن السبب وراء تأجيل مشروع بدء ممارسة التمارين الرياضية هو الكسل وحده مهما تنوعت الأعذار، لكن هذا الكسل سرعان ما يتلاشى بمجرد بدء التمارين، وتبدأ فكرة الشخص عن الرياضة بالتغير عندما يشعر بالتغيرات التي تطرأ على نفسه وعلى نومه وعلى شكله، ويقول: الجميع بحاجة إلى الدافع بالبداية سواء من العائلة أو من المدرب، وبعدها تتحول الرياضة إلى عادة يومية وإدمان إيجابي. وعن الفروقات بين الأشخاص الذين يدمنون الرياضة والذين يجدون صعوبة بالاعتياد عليها يوضح أن الفرق عادة يرجع إلى النتائج التي يجدها كل منهم، البعض يكتشف أن لديه خامة جيدة تتفاعل بسرعة مع التمارين وتبدأ النتائج لديه بالظهور بسرعة فيدمن الرياضة وتصبح لديه أهداف واضحة مرتبطة بها، بينما البعض الآخر تكون لديه معدلات الحرق منخفضة ويحتاج إلى الكثير من الالتزام والصبر ليرى النتائج، وهذا يحتاج إلى تشجيع واهتمام خاص من المدرب عادة، من خلال التحفيز والدعم. ويوجه رسالة لكل شخص يتعذر بالوقت لتأجيل مشروع اللياقة، يقول: «ابدأ لكي ترى تلك النسخة المختلفة منك، غير روتينك اليومي واستمتع بمشوار النادي، فتغيير نظرتك لهذا النشاط كفيل بتوليد حالة إيجابية تجعلك تلتزم به، نظم جدولك اليومي بناء على هذا النشاط، وتأمل الفرق في حياتك ككل».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"