عادي

«الفن للجميع».. حاضنة لإبداعات ذوي الإعاقة

22:19 مساء
قراءة 5 دقائق
1
1
1
1

تحقيق: مها عادل

يعتبر مركز الفن للجميع التابع لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، من أهم المنصات التي تدعم الأشخاص ذوي الإعاقة في المنطقة، إذ يحرص على تطوير مهارات وتعزيز قدرات ومواهب الفنانين المنتسبين له من ذوي الإعاقة في كل مجالات الإبداع، فالمركز يجذب منتسبين من كل الأعمار والجنسيات وفئات الإعاقة المختلفة والذين يستفيدون من خدمات المركز الذي تم افتتاحه في 2017، في مجالات فنية عدة، مثل المسرح والتمثيل والموسيقي والغناء والرسم والفنون التشكيلية.

في السطور التالية نتجول بين أروقة المركز، ونلتقي بمجموعة من الفنانين والموهوبين من ذوي الإعاقة لنتعرف منهم إلى تجربتهم وبداية علاقتهم بالمركز وحجم الاستفادة التي تحققت لهم عبر الخدمات التي وفرها لهم المركز.

في البداية التقينا الفنانة التشكيلية لمى فهمي فقالت: أنا من خريجات مدرسة الأمل للصم التابعة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، والتحقت بمركز الفن للجميع «فلج»، قبل عام، ومنذ هذه اللحظة وجدت نفسي في هذا المكان المملوء بالمواهب الإبداعية في كل المجالات، فأنا كنت دائماً أهوى الفن ولكنني لا أستطيع تحديد اتجاهي الفني بشكل دقيق، ولكن بالتحاقي بالمركز تم عمل تقييم لمعرفة قدراتي، وبعد قبولي تلقيت تدريبات مكثفة في مجال الفنون التشكيلية واستفدت منها كثيراً في معرفتي بالأدوات والألوان وأنواعها وطريقه مزجها، وكذلك في اختيار موضوعات اللوحات وتنمية قدراتي الفنية بشكل عام.

التطور الذي حدث للمى فهمي لم يتوقف على الجوانب الفنية، وفتضيف: استفدت كثيراً على المستوى الشخصي من التحاقي بالمركز، إذ شعرت بتغيير كبير في شخصيتي، وشعرت بوجودي وأهميتي داخل المجتمع، وعلى المستوى النفسي شعرت بطاقة إيجابية بداخلي، حيث إنني عندما أرسم أنتقل بخيالي لعالم مختلف أعبر فيه بألواني ولوحاتي عما أريد أن أقوله من دون كلمات، ومن خلال التعاون مع المركز حلقت بخيالي بعيداً وشاركت في أول معرض فني في حي دبي للتصميم بالتعاون مع «جاليري أرتسيستا»، وبعد ذلك تم عرض لوحاتي مع باقي زملائي الفنانين في معرض في قلب الشارقة، وشعرت بسعادة غامرة. 

استكشاف الألوان

الفنانة التشكيلية الإماراتية موزة عبدالله بن ذبيان (47 عاماً) من ذوي الإعاقة الحركية (شلل دماغي) تحدثنا عن علاقتها بالمركز وحجم استفادتها، قائلة: لم ألتحق بأي مدرسة بسبب إعاقتي، ولكن كنت أحب استكشاف الألوان وتبهرني اللوحات الفنية، وأثناء إحدى زياراتي للمركز مع عائلتي وجدت فيه ضالتي المنشودة، وتحمست للاشتراك في عام 2017، وعند التحاقي بالمركز تلقيت تدريبات مكثفة في مجال الفنون التشكيلية، وكيفية الاستفادة من قدمي، وتعلم كيفيه الإمساك بفرشاة الرسم باستخدام قدمي. واستفدت من التدريبات كثيراً في الاطلاع على الأدوات والألوان وتنمية أفكاري، واختيار موضوع اللوحات. ومع مرور الوقت شعرت بتغيير كبير في شخصيتي للأفضل، وكذلك شعرت بأهميتي كأول فنانة إماراتية ترسم بقدمها، ومنذ التحاقي بالمركز شاركت في عدة معارض داخل الدولة، وخارجها، وتم عرض لوحاتي وبيعها مع باقي زملائي الفنانين في معرض «بلا جدران» في قلب الشارقة، بالتعاون مع مؤسسة الشارقة للفنون. وحتى في ظل جائحة «كورونا» لم أشعر بأي تأثير في عملي، إذ حرص المركز طوال الوقت على التواصل معنا وتدريبنا عن بعد وتزويدنا بكل الخامات التي كنا نحتاجها للتدريب في المنزل.

وتطلعنا عازفة البيانو الإماراتية علياء على عبدالقادر عيسى (17 عاماً) من ذوي الإعاقة السمعية عن مشوارها الفني في المركز وطموحاتها وتقول: أنا طالبة في الصف الثاني عشر بمدرسة الأمل للصم، وأهوى الموسيقى والعزف على البيانو، والتحقت بمركز الفن للجميع «فلج» في عام 2017، وجاء انضمامي بعد لقاء مع القائمين عليه خلال إجرائهم للمسح الفني لاكتشاف الموهوبين في مدرسة الأمل، وبمجرد التحاقي بالمركز استفدت من التدريب الفردي المتخصص، كما وفر المركز «أورج» خاصاً بي للتدريب في المنزل لتطوير قدراتي ومهاراتي الموسيقية، كما لم تنقطع علاقتي بالتدريبات مع المركز طوال فترة «كورونا»، إذ استمرت التدريبات عن بعد. وشاركت في كل العروض والحفلات الفنية التي نظمها المركز من خلال العزف الفردي والعزف الجماعي، واستطعت أن أشعر بقيمة موهبتي ورأيت الدهشة في عيون الجمهور.

ويشاركنا عبدالسلام زعرب، ممثل إيمائي من فلسطين (30 عاماً) من ذوى الإعاقة السمعية تجربته الثرية مع المركز قائلاً: حصلت على بكالوريوس إدارة أعمال من جامعة الشارقة، والتحقت بالمركز في 2017 وبدأ حبي للمسرح من خلال حفلات مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ،وقيامي بالتمثيل في العديد من العروض الختامية، وزاد عشقي للمسرح الذي توجته بانضمامي كأحد المؤسسين الأوائل لفرقة «شارقة مايم» للتمثيل الإيمائي التي أنشاها المركز. ويضيف: منذ التحاقي بالمركز استفدت من التدريب المتميز ومشاركتي في العديد من العروض والفاعليات على مستوى الدولة وخارجها، والتعرف إلى العديد من الفنانين، وكانت الاستفادة الكبرى هي تتويج رحلتي الفنية بانضمامي إلى الكادر الوظيفي للمركز، وعملي كمدرب مسرحي للأطفال الصم، وأيضاً في مجال العلاقات العامة للترويج للمركز وتعريف المجتمع بخدماته. ونجحت في تكوين مهارات متنوعة في مجال العمل المسرحي، واستطعت رؤية العالم بعيون المسرح، وأغير نظرة العديد من أفراد المجتمع لقدرات ذوي الإعاقة وهي الاستفادة التي لن تعود عليّ فقط بالنفع، بل على كل الأفراد من ذوى الإعاقة.

تكافؤ الفرص

يحدثنا محمد بكر مدير المركز عن أهم الخدمات التي يقدمها لمنتسبيه ويقول: يستقبل المركز كل فئات الإعاقة من الأعمار كافة والجنسيات ولا يشترط سوى توفر الموهبة الفنية وعدم وجود تحديات سلوكية كبيرة لدى المنتسب تعيق عملية تدريبه وتطوير وتنمية مهاراته الفنية. ويحرص المركز على تحقيق أهداف رئيسية  عدة، أهمها، تحقيق تكافؤ الفرص بين ذوي الإعاقة وأقرانهم من غير المعاقين في ممارسة الأنشطة الفنية والثقافية، وتمكين ودمج المبدعين من ذوي الإعاقة في الحراك الفني والثقافي للدولة، وتوسيع فرص الدمج لتشمل المحيطين الإقليمي والدولي مستقبلاً، والتعاون مع المؤسسات الفنية والثقافية بالدولة في تقديم البرامج التدريبية والمشاريع الفنية للفنانين من ذوي الإعاقة.

ويضيف بكر: انعكس تأثير المركز منذ تأسيسه على حياة العديد من الأشخاص من ذوي الإعاقة الذين يمتلكون قدرات فنية ومواهب استثنائية، ووجدوا في هذا المكان الحاضنة المثالية التي استطاعت أن تحتويهم وتوجههم، وتقدم لهم الدعم المستمر ليس فنياً فقط، وإنما نفسياً ومادياً واجتماعياً. فداخل «فلج» وجد هؤلاء الفنانون فرصاً استثنائية للانضمام إلى فرق مسرحية مثل «شارقة مايم» لذوي الإعاقة السمعية، وهى أول فرقة تقدم عروض البانتومايم بكل المنتسبين لها من ذوي الإعاقة السمعية، واستطاعت تقديم عروضها داخل الدولة وخارجها، والتعاون مع الفرقة البريطانية العريقة «DEAF MEN DANCING» وقدمت معها على مدار عامين عروضها في «دبي أوبرا». وقدم المركز أيضاً للموهوبين فرص الانضمام إلى فرقة «فلج» المسرحية للإعاقات المتنوعة، وهي أول فرقة مسرحية تضم الموهوبين في المجال المسرحي من مختلف الإعاقات، وغيرها من المشاريع في مجال الفنون التشكيلية والعزف والغناء، وعلى مدار الأعوام الماضية أصبح «فلج» الوجهة الرئيسية لهؤلاء الباحثين عن فرصة حقيقة لتطوير موهبتهم من ذوى الإعاقة.

ويوضح بكر أن خدمات المركز تواصلت خلال أزمة جائحة «كورونا» وتم تقديم التدريبات والورش عن بعد، وبعد العودة التدريجية للحياة الطبيعية تم استئناف التدريب في المركز مع الالتزام الكامل بجميع الإجراءات الوقائية من العدوى، والحفاظ على سلامة كل مرتادي المركز، والعاملين فيه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"