طاغور ابن آسيا.. ابن العالم

00:16 صباحا
قراءة دقيقتين

يكتب الإعلامي المصري محمد المسلماني عن زيارة طاغور لمصر عام 1926، وكان آنذاك في نحو الخامسة والستين من عمره بعد حصوله على جائزة نوبل للأدب في 1913، والتقى الملك أحمد فؤاد، وأحمد شوقي الذي أقام له حفلاً في منزله في الجيزة.
المسلماني يشير إلى الحفاوة المصرية الكبيرة بشاعر الهند والبنغال، وتمثّل ذلك في وقائع الزيارة التي كانت حدثاً ثقافياً في مصر آنذاك، ويقول إن سعد زغلول، رئيس البرلمان المصري وقتها، أجّل انعقاد جلسة البرلمان ساعة كاملة لتمكين الحضور من العودة من دار أحمد شوقي إلى المجلس.
في ما كتبه المسلماني نقطة مهمة أيضاً في قوله، إن طه حسين والشيخ مصطفى عبد الرزاق نشرا لقاءهما مع طاغور في صحيفة «السياسة» المصرية، آنذاك، وأعادت «الأهرام» نشره لاحقاً، ويقول إن أحداً لم ينشر وقائع عشرات اللقاءات التي جرت بين شوقي وطاغور.
ما أشار إليه المسلماني يجذب الباحث والمؤرّخ الأدبي والأرشيفي التوثيقي إلى كشف النقاب عن هذه اللقاءات النادرة التي جرت بين طاغور وأعلام الأدب والفكر خلال زيارته لمصر التي استغرقت أسبوعاً، وهي فترة كافية ليقف أول شاعر آسيوي «نوبلي» على كثير من مرايا الثقافة المصرية في النصف الأول من القرن العشرين. ويذكر د. جلال أمين في أحد مقالاته أن طاغور كتب إلى صديق له معلّقاً على الضجّة التي أثيرت حوله بعد حصوله على نوبل «بأن حالته تشبه حالة كلب قام البعض بربط ذيله بعلبة فارغة من الصفيح، فإذا به يحدث ضجيجاً كلما جرى، وأينما ذهب».
ينحدر طاغور أصلاً من عائلة ثرية أرستقراطية مثقفة، ومثلما في طاغور أكثر من طاغور: الشاعر، والرسام، والموسيقي، والروائي، والصوفي، فيه أيضاً أكثر من تاريخ وأكثر من جغرافيا، إن جازت العبارة. من ناحية هو هندي، ومن ناحية هو بنغالي، ومنهما تسطع آسيويته وروحيته الثقافية الشرقية، وأخيراً تسطع أكثر شموليته الفكرية الإنسانية التي تحيط بالعالم كلّه، وبثقافاته، وفي كل أحوال هذا الشاعر الكوني الكبير هو على طول الخط ضد كل الأصوليات والقوميات المتطرّفة في العالم كله، وأولاها الهندوسية حيث انتماؤه الديني.
في عام 1995 صدر عن المجمع الثقافي في أبوظبي كتاب لطاغور بعنوان «ذكرياتي»، نقله إلى العربية صلاح صلاح، أشبه بالخواطر أو الشذرات، أو السيرة، وأحياناً تظهر في هذه النصوص روحه البنغالية «عندما يسود السكون الماء، يتركّز كل انتباهي على الظلال تحت شجرة التين البنغالية».
يقول: «في أحد الأيام ألقي القبض على لصّ في بيتنا، دفعني فضولي لإلقاء نظرة عليه وأنا أرتجف منه، كان مجرد رجل عادي، خالجني شعور بالشفقة حين عامله حارس بوّابتنا بقسوة. تجربتي في الشعر كانت مماثلة لذلك».
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"