عادي
الإقبال عليها تضاعف بشكل كبير ولافت خلال السنوات الأخيرة

الألعاب الإلكترونية.. خطر محدق بالأبناء

00:50 صباحا
قراءة 7 دقائق
1

تحقيق: سومية سعد
تشير كثير من الإحصاءات إلى أن الإقبال على الألعاب الإلكترونية تضاعف بشكل كبير ولافت، خلال السنوات الأخيرة بزيادة نسبة الاشتراكات والحسابات المستخدمة فيها يومياً، ما يمثل خطراً على سلوكات الأطفال، فضلاً عن أنها تغتال براءة الأطفال، وتؤخّر استيعابهم للعالم الحقيقي المحيط بهم، وأصبحت عائقاً أمام تعلم الطفل لبعض المهارات السلوكية الضرورية التي تحتاج إلى التركيز والتفسير والتحليل والمتابعة، لاستخدام الألعاب الإلكترونية بصورة لافتة، بين الأطفال لأوقات طويلة يومياً، من دون شعور أو إدراك منهم أو من أسرهم، وتأثيرها وانعكاساتها في صحتهم وخطورة ذلك على المدى البعيد. وتعمل الدولة على حماية الطفل بكل السبل، عبر رؤية واضحة لمستقبل أطفالها، ولديها أجهزتها الخاصة ومراكزها العلمية والبحثية المتخصصة بمتابعة المستجدات الإلكترونية الحديثة، والتوقيع على عدد من الاتفاقيات الإقليمية والدولية المتعلقة بحماية حقوق الطفل وتحفل ملفات الشرطة، بقصص تهديد وابتزاز يتعرض لها أطفال من مجهولين، عبر مواقع التواصل.

تعرض طفل عربي عمره 9 سنوات، للابتزاز من أحد الأشخاص في غرف المحادثة، وهو يلعب لعبة «فورت نايت»، على أحد مواقع التواصل، حيث أغراه بالمال عن طريق اللعبة، بما يمكنه من زيادة نقاطه وأرصدته، وخوض مراحل المنافسات لمراحل أعلى، وكان المتهم يطلب منه إرسال صور شخصية، ليجبره على تلبية رغباته الخاصة.

1

الواقعة الثانية

بلاغ من ولي أمر طفلة، عمرها 10 سنوات تعرضت للتهديد والابتزاز من مجهول، تحصل على صورها الخاصة في غرفة المحادثة، وهي تلعب إحدى الألعاب، وتواصل معها عبر الحساب، في محاولة منه لابتزازها، بالصور. وأصبحت الطفلة البريئة خائفة مما يحدث، لدرجة أنها بدأت تفكر في سرقة أمها حتى توفر له الأموال.

الواقعة الثالثة

بلاغ آخر من ولي أمر طفلة عمرها 11عاماً، أن أحد الأشخاص تحدث معها عبر غرف المحادثة، في إحدى الألعاب الإلكترونية الشهيرة، وطلب منها تصوير نفسها من دون ملابس، وإرسال الصور له مقابل منحها أموالاً يمكنها بها زيادة نقاطها وأرصدتها في اللعبة، وتمكينها من خوض مراحل المنافسات باستعراضات أفضل. وكانت تخشى إخبار والدها بما حدث، وبدأت تعطيه أموالاً قليلة، إلا أنه بدأ يطالبها بأموال أكبر.

الواقعة الرابعة

وتعود هذه الواقعة إلى تلقي شرطة دبي، بلاغاً من ولية أمر فتاة عربية، تفيد بتعرض ابنتها للتهديد والابتزاز، من أحد الأشخاص، الذي تعرفت إليه عبر موقع التواصل، خلال لعبها. وطالبت بحمايتها منه، لأنها دفعت له مبالغ سابقة، ولكنه يواصل ابتزازها بطلب مبالغ أكبر.

شرطة دبي

يقول اللواء خبير خليل المنصوري، مساعد القائد العام لشؤون البحث الجنائي، في شرطة دبي: يعاقب بالسجن والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم، ولا تتجاوز مليون درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من حرض أو أغوى آخر على ارتكاب الدعارة أو الفجور، أو ساعد على ذلك، باستخدام شبكة معلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، وتكون عقوبة السجن بمدة لا تقل عن خمس سنوات، والغرامة التي لا تتجاوز مليون درهم، إذا كان المجني عليه حدثاً لم يتم الثامنة عشرة.

وأضاف: يتظاهر هؤلاء المبتزون على «الإنترنت» بأنهم أطفال، ويحاولون إقناع الأطفال بالقيام بأعمال جنسية أو تبادل الصور معهم، ثم يهددون بإرسال الصور إلى أسرة الطفل وأصدقائه ومبتزون آخرون يلجأون الى طريقة خبيثة للطفل، خلال دخوله الألعاب الإلكترونية، حتى يحصلوا على صوره، ومن ثم يبتزونه، للحصول على مزيد من الصور، ومعظم الحالات مسجلة، لأن الطفل لا يستطيع حماية نفسه.

سرية تامة

قال النقيب عبدالله الشحي، نائب مدير إدارة المباحث الإلكترونية، بالإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي: نتعامل مع بلاغات الابتزاز الإلكتروني بسرية تامة، ونلاحق مرتكبي هذا النوع من الجرائم ضمن الأطر القانونية. ومن المهم في حالة التعرض لابتزاز، الاتصال فوراً بالشرطة، وعدم الخضوع للمبتز، لأنه لن يتوقف عن طلب المال، وهذا حدث في حالات كثيرة، لجأ أصحابها إلى الإدارة بعد دفعهم مبالغ كبيرة، وإدراكهم أنهم وقعوا ضحية لمجرم لا يتوقف.

وأهاب بالجميع أن من يجد استغلالاً للأطفال، عبر وسائل التواصل، أو انتهاكاً لخصوصياتهم عليه الإبلاغ فوراً عبر منصة

www.ecrime.ae

ودعا الشحي، إلى اتباع 4 خطوات تحميهم أثناء إبحارهم في عالم الإنترنت هي: تأمين الحسابات على مواقع التواصل، بتفعيل التحقق من الحساب في خطوتين. وربط الحسابات ب«إيميل»، ورقم صحيح مستخدم وليس «إيميلات» وهمية، ما سيحقق الحماية بنسبة 99% من اختراق الحساب.

وتتمثل الخطوة الثالثة في ضرورة ابتعاد الشخص عن نشر بياناته ومعلوماته الخاصة على مواقع التواصل، وعدم التواصل أو الدخول في نقاشات مع الغرباء، كي لا يتلفظ الشخص بلفظ يعرضه لجريمة سب وقذف. أما الرابعة، فهي الحذر وعدم فتح روابط مجهولة ترد على الهاتف أو ال«إيميل» الشخصي.

وأكد الشحي أن الجرائم الإلكترونية المسجلة ليست جديدة، ولكن الأساليب المتبعة هي احتيالية وجديدة، لافتاً إلى اعتماد الإدارة على الذكاء الاصطناعي، عبر أنظمة ذكية تساعد في جمع المعلومات وربط البلاغات، وتقلل الاعتماد على العنصر البشري في عمليات التحليل والرصد.

المجتمعات الغربية

وتؤكد الاختصاصية النفسية علياء الحسن، أن بعض تلك الألعاب تزيد ارتباط الطّفل بقيم المجتمعات الغربية؛ ما يفصله عن مجتمعه وثقافته وقيمه وتكسبهم الكثير من الأفكار والعادات التي لا تتوافق مع الدّين وعادات المجتمع وتقاليده. وتزيد الآثار الاجتماعية السلبية للألعاب الإلكترونية، كصعوبة التأقلم مع الحياة الطبيعية، ما يقوده إلى الفراغ النفسي والشعور بالوحدة والانطوائية والانفصال عن الحياة الواقعيّة والاجتماعية والميل إلى التّحدي والعنف والتّوتر والعراك الدّائم مع محيطه.

وهناك حلول عدة للحدّ من هذه المشكلات المؤثرة في استخدام الطفل للألعاب الإلكترونية، يسمح له باللعب مع أصدقاء معروفين لدى الأسرة، واختيار الألعاب المناسبة للعمر المسموح به للطفل. من جهة أخرى، يحفز الطفل على مهارات يستطيع فيها أن يخرج طاقته؛ مثلاً القراءة والسباحة والخروج مع الأصدقاء أو الرسم، أوالتلوين التي تزيد قدرته على التخيل والإبداع بدلاً من قضاء ساعات طويلة قد تعرضهم للاكتئاب ومشكلات أخرى.

التكاتف والتوعية

وطالب أحمد العمادي، الجهات المعنية بالحد من الإلكترونية التي تعدّ إدماناً لأبنائنا، وعلينا التكاتف لتوعية الطلبة والمراهقين الذين يندفعون وراء استخدام تلك الألعاب الإلكترونية غير الهادفة.

ومع بداية العام الدراسي الجديد على المؤسسات التعليمية لا بدّ من القيام بحملات توعية من مخاطر تلك الألعاب، وخاصة أنها تتلصص علينا داخل المنازل.

وطالب أولياء الأمور بمراقبة الأبناء في مرات التعاطي مع هذه الألعاب، ونوعيتها، إلى جانب التحري عن الذين يلعبون معهم وأعمارهم، حيث يمكن أن تتطور علاقة افتراضية غير مرغوبة تؤثر في حياته وربما تتطور هذه العلاقة بطريقة تؤذي الطفل معنوياً.

الرقابة والإشراف

1

ودعت الدكتورة باسمة العمري، المستشارة الأسرية، أولياء الأمور إلى ممارسة نوع من الرقابة والإشراف على محتوى المواد التي يتعرض لها أطفالهم خلال استخدامهم للإنترنت والوجود على منصات التواصل، وممارسة دورهم في التحري والمراقبة والمشاركة والمناقشة لحماية أبنائهم من مخاطر هذه الألعاب، وقد يكون الأمر معقداً بعض الشيء، لكون الأبناء يتقدمون كثيراً في مهاراتهم التكنولوجية عن الآباء، إلى جانب عدم التفرغ في ظل تعقيدات الحياة وزيادة متطلباتها، ولكن أبناءنا يستحقون الأولوية في كل الأوقات.

الدراسات العلمية

1

وتقول همسة يونس، مستشارة تربوية ومرشدة أسرية ومجتمعية، لقد أثبتت الكثير من الدراسات العلمية أن للألعاب الإلكترونية جانبها الإيجابي على الأطفال، فهي وسيلة جيدة للتعلم الذاتي والتدريب العقلي واكتساب مهارات الانتباه والتفكير، وحل المشكلات ومهارات تحسين الأداء عبر التغذية الراجعة التي يحصل عليها الطفل من هذه الألعاب.

وتعتمد هذه الألعاب على مبدأ التعلم بالملاحظة (النمذجة)، وبما أنها تمتلك مستوىً عالياً من الإبهار القائم على الصوت والصورة، فهي عامل جذب كبير للأطفال. وأخطر ما فيها هو إمكانية إدمانها ما ينعكس سلباً على سلوك الطفل دراسياً أو اجتماعياً. فمبدأ النموذج في هذه الألعاب يستقطب تركيز الطفل، بحيث يخزّن سلوكات هذا النموذج ومن ثم إعادة إنتاج تلك السلوكات وفقاً للمواقف والخبرات التي يمر بها الطفل، فضلاً عن المرجعيات الأخلاقية التي غرستها فيه التنشئة الاجتماعية. وما يلفت، هي قدرة هذه الألعاب على التأثير في الأطفال بمقوماتها السيكولوجية التي تتضمن الفاعلية والانفعالية، فالطفل يندمج مع الألعاب بأقصى طاقاته المعرفية والانفعالية، ومن ثم يكتسب المعارف والمهارات والاتجاهات.

تضيف همسة يونس، ومن أخطر تلك السلوكات التي قد يكتسبها الأطفال هو العنف، إذ إن اعتماد الكثير من الألعاب الإلكترونية على مبدأ الجريمة والقتل يبرمج اللاعبين على تقبل هذا السلوك، وهنا تصبح هذه الألعاب عاملاً مساهماً في تشكيل سلوك العنف إلى جانب التكوين السيكولوجي للطفل وأساليب المعاملة الوالدية خلال التنشئة الاجتماعية والتي يعدّها علماء النفس من أهم عوامل توليد العنف أو كبح جماحه.

يضاف إلى ذلك أن التعلق بهذه الألعاب يحدث خللاً في إشباع حاجات الطفل الاجتماعية وتشمل العلاقات الأسرية وتكوين الصداقات والحاجة إلى الانتماء والقبول، والحاجة إلى التقدير وتحقيق الذات، ما يتسبب بتقييد التفاعل الاجتماعي لدى الطفل وتضييق دائرة علاقاته الاجتماعية، لينعكس ذلك واضحاً على مهاراته المعرفية والاجتماعية.

الرقابة الأسرية

قال الدكتور أحمد العموش، أستاذ علم الجريمة بجامعة الشارقة: لابدّ من الرقابة الأسرية ومتابعة الآباء برفق والابتعاد عن العنف والتوجيه بشكل صحيح.

لافتاً إلى أن هذه الألعاب فيها مضيعة للوقت وتؤثر في صحة الإنسان، وخُلقه، حيث إنها تشغل وقت ممارسيها بشيء غير مفيد، بطرح أشياء منافية للعقل واستخدامها يؤثر بصورة سلبية في التحصيل العلمي والعنف، ولا بدّ للأسرة أن يكون لها دور في اختيار الألعاب التي تفيد الأبناء في التعليم والثقافة، والبعد عن الألعاب التي بها العنف والسلوك العدواني.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"