عادي
مشاريع بلا قيمة ورحلات خارج نطاق التعليم

الأنشطة التفاعلية وتجارب العلوم.. «بدع» مدارس خاصة للتربح

01:48 صباحا
قراءة 6 دقائق
  • خبراء: تشكّل عقول الطلبة ينبغي أن يكون هادفاً
  • مديرو مدارس: تدمج العلوم مع الحياة وتكسر الروتين
  • معلمون: تعزز قدرات المتعلمين وتنمي مهاراتهم المتنوعة
  • أولياء أمور: ضرورة وضع إطار مدروس لتقييم الرسوم

تحقيق: محمد إبراهيم

تؤدي الأنشطة دوراً محورياً في تنمية مهارات الطلبة ودمجهم في مختلف مناحي الحياة، لكن هذا مشروط بالخطة المتاحة وأهدافها ومساراتها؛ إذ إن الإفراط في الأنشطة من دون تخطيط هادف تبعدها عن الأهداف التعليمية وتشكل أعباء على الطالب وولي الأمر، ومع الاقتراب من نهاية الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي الجاري 2023-2024، انتقد عدد من أولياء الأمور الأنشطة التي تفتعلها بعض المدارس الخاصة، ما بين رحلات علمية ورحلات ترفيهية ومشاريع بلا قيمة، واعتبروا أنها «بدع» ابتكرتها المدارس للتربح، مطالبين بوضع إطار مدروس لرسوم تلك الفعاليات.

«الخليج» تناقش في التحقيق التالي مدى جدية الأنشطة المدرسية وما يصاحبها من مطالبات مادية تربك ميزانيات الأسر، وما هي أهميتها وانعكاساتها على الطلبة.

منحت الجهات المعنية الحق للمدارس في إقامة الأنشطة اللاصفية بأنواعها، مع مراعاة عدم المبالغة في عددها ورسومها، وشددت على أهمية تنفيذ أي مشاريع داخل المدرسة دون أي نفقات من الوالدين، وفي الوقت الذي ينتقد بعض أولياء أمور الأنشطة التي تقرها بعض المدارس الخاصة، كونها تزيد العبء المادي عليهم إضافة إلى الرسوم الدراسية.

ويرى عدد من المعلمين أن الأنشطة اللاصفية تحمل بين طياتها فوائد كثيرة لتنوعها واستمراريتها أسبوعياً؛ إذ إنها تعد أداة فاعلة لتنمية مهارات الطلبة الحياتية، لاسيما أنها غير موجودة في مناهج الدراسة، لكنهم في الوقت نفسه لم يجدوا تعليقاً على رسوم تلك الأنشطة التي تتحملها الأسر.

وأيد بعض مديرو المدارس آراء المعلمين، معتبرين أن الأنشطة وسيلة فاعلة لكسر الروتين الدراسي؛ إذ تسهم في تحقيق جانب المعايشة مع العلوم والظواهر التعليمية التي لا يراها الطلبة إلا في صفحات الكتاب المدرسي، ولم نجد لديهم تفسيراً عن كيفية جدولة تلك الأنشطة وأثارها السلبية في أولياء الأمور.

مهارات وقدرات

شرحت الخبيرة التربوية آمنة المازمي ل«الخليج» ماهية الأنشطة اللاصفية وأهميتها وكيفية إدارتها؛ إذ أكدت أنها تشكل ضرورة ملحة في التعليم، لأنها تنمي شخصية الطلاب وتعزز مهاراتهم وقدراتهم، ولكي تكون ذات فائدة حقيقية، يجب أن تكون ممنهجة ومدروسة، لاسيما أنها تحاكي تنمية المهارات الاجتماعية والعاطفية للمتعلمين، وتطوير المهارات الشخصية، وإكساب الطلبة المعرفة والمهارات الجديدة، وتمنحهم فرصة اكتشاف قدراتهم.

وفي إجابتها عن سؤال عن مواصفات وأهداف تلك الأنشطة، أفادت بأنها ينبغي أن تكون لها أهداف واضحة ومحددة، إضافة إلى التخطيط الجيد ومشاركة الطلاب بشكل حقيقي، على أن يعمل النشاط تحت مظلة تقييم مستمر.

أكدت آمنة المازمي، ضرورة توظيف مصادر التعلم المطورة في جميع مناحي العملية التعليمية، بحيث لا يقتصر الأمر على الأنشطة المتكررة أسبوعياً والتي تشكل عبئاً على أولياء الأمور والطلبة، فضلاً عن ضرورة تنفيذ المشروعات الطلابية في المدرسة، وتحت إشراف المعلم لمعالجة نقاط الضعف في كل طالب وتوظيف مصادر القوة والمهارات التي يتمتع بها المتعلمون وتختلف من طالب لآخر.

وفي وقفتها مع التكاليف التي يتكبدها أولياء الأمور بسبب الأنشطة المتنوعة التي تفرضها المدارس على الطلبة، لاسيما الأسر التي لديهم أكثر من طالب في مختلف مراحل التعليم، أفادت بأن الكلفة أو رسوم تلك الأنشطة، تعد مسؤولية تقع على عاتق الجهات المعنية التي من شأنها تقييم الأنشطة المدرسية واعتمادها وإقرار رسومها، على ألاّ يكون الأمر متروكاً لإدارات المدارس في هذا الشأن، لضمان جدية تلك الأنشطة وانتفاع الطلبة منها وعدم إرهاق أولياء الأمور.

وأكدت أن التعليم الحالي اتخذ أشكالاً عدة ومسارات متنوعة تدمج الجانبين النظري والتطبيقي، وهذا يتطلب من الجميع فهم وإدراك المستجدات الراهنة وأهداف التعليم في بناء القدرات والمهارات وهناك ضرورة في تجنب التطبيق العشوائي الذي يبدد أوجه الاستفادة من تلك الأنشطة، وتضيع معه الأهداف التعليمية والتنموية، ويجعلها مجرد وسيلة للترفيه وتحقيق فائض من الأرباح لبعض المدارس.

إثراء المعارف

التقت «الخليج» عدداً من مديري المدارس والمعلمين «فضلوا عدم ذكر أسمائهم»؛ إذ أكدوا أن تنوع الأنشطة التعليمية يثري معارف ومهارات المتعلمين، معتبرين أن تعليم الطالب عبر الاستماع إلى شرح الدروس والعلوم من المعلم فقط يعد منقوصاً، ويشكل عائقاً كبيراً في ترسيخ المعارف في أذهان المتعلمين، وهنا تأتي أهمية الأنشطة المرتبطة بالمادة، ما يزيد لدى المتعلمين مهارات حياتية متنوعة. وفي إجابتهم عن سؤال حول الأنشطة التي لا تشكل قيمة مضافة في تعليم الطلبة، مثل يوم الألوان والفاكهة والخضراوات، أفادوا بأن هذا ادعاء كاذب؛ إذ إن هذه الفعاليات تعلم الطلبة كيفية التمييز بين الألوان وفوائد الخضراوات والفرق بينها وبين الفاكهة، وأنشطة الألوان تشكل استراتيجية لتعليم الطلبة؛ إذ إن كل لون يمثل عادات وسلوكيات مجتمعية معينة لم يتعلمها الطالب إلا بالمعايشة وتتم داخل المدرسة، ويتحفظون على الإجابة عن ارتفاع كلفة تلك الأنشطة، وكيف يتم تحديدها وهل هي مرتبطة بدرجات الطالب من عدمه؟

التعلم بالأنشطة

فيما يخص المشاريع الطلابية قال مديرو مدارس، إنها تركز على بناء شخصية الطالب وتنمية مهاراته ودعمه وتحفيزه، وتسهم في تدريب الطالب على كيفية البحث عن المعلومة ووسائل التعامل معها، ومن ثم إخراجها بجهود فردية أو جماعية، فضلاً عن إتقانه مهارات البحث والاستقصاء وجمع المعلومات.

وأكدوا أن التعلم التفاعلي طريقة فاعلة لتحويل المناهج إلى نواتج تعليمية مفيدة؛ إذ يتم تقديم أنشطة وأمثلة حقيقية واقعية ليتفاعل معها المتعلم، حتى يتسنى للطالب أن يصل إلى محتويات واقعية، وطرح أفكاره وتبادلها مع أفكار الآخرين، ليصبح أكثر فهماً وإدراكاً للمحتوى، الذي يبقى محفوراً في ذاكرته لفترات أطول مقارنة بطرق التعليم التقليدية.

في وقفة مع أولياء الأمور سامح الماعن، حسين مهران، وسلمان عبدالله، وسميحة عبد العاطي، وميثاء حمدان، أكدوا أن كم الأنشطة التي تفرضها المدارس الخاصة على الطلبة مبالغ فيها، ويشكل أعباء مادية متجددة شهرياً على أولياء الأمور، فكل أسبوع تقريباً فعالية مختلفة وبرسوم متزايدة تضم رحلات ومشاريع ومسابقات واحتفالات. وقالوا إن المشاريع الطلابية مكلفة للغاية، والإشكالية الأكبر أنها تكليف للطالب ينفذه ولي الأمر، وفي بعض الأحيان لا تتوفر مكوناتها وأدواتها، وهو ما يحمل ولي الأمر معاناة البحث وضياع الوقت بجانب المعاناة المالية، مؤكدين أن الأبناء غير منتفعين بهذه الأنشطة، وطلبات المدارس المستمرة ترهق أولياء الأمور الذين يواجهون من الأساس أعباء سداد رسوم الدراسة، مطالبين بإعادة هيكلة الأنشطة وأهدافها ومساراتها على أن تسير وفق جدولة زمنية على مدار العام وبرسوم معتمدة من الجهات المعنية.

الأكثر تضرراً

قال أولياء الأمور، إن الأسر التي لديها أكثر من طالب في مختلف مراحل التعليم، تعد الأكثر تضرراً وعبئاً، بسبب تلك المطالبات التي أثقلت كاهلها معنوياً ومادياً، فضلاً عن الوقت الذي يقتطعه الوالدان للجلوس مع الطالب، لمساعدته في إنجاز الجاهزية لتلك الأنشطة.

وأكدوا أن الأنشطة التي تفرضها المدارس على الطلبة أسبوعياً قد تصل كلفتها للطالب أكثر من 1100 درهم في الفعالية الواحدة، الأمر الذي يجسد إشكالية حقيقية وأعباء متجددة على الطلبة والوالدين، نظراً لتنوع متطلبات كل فعالية وغلاء أسعار محتوياتها.

وأفادوا بأن الكلفة المرتفعة لهذه الفعاليات «بدع» ابتكرتها المدارس الخاصة للتربح، مؤكدين ضرورة تدخل الجهات المسؤولة لضمان التزام إدارات المدارس، بما تقدم من فعاليات بمناسبة وبدون مناسبة، فضلاً عن تخفيف العبء عن أولياء الأمور. وأوضحوا أن الأسر ليست لديها القدرة على الالتزام بكل هذه المطالبات، وإذا كان الهدف من هذه الأنشطة تعليم الطلبة الاعتماد على نفسه وإكسابهم المهارات الحياتية، فإن ثقل كاهل الأهل بهذا الشكل، لن يتمكن الأبناء من تعلم المهارات الحياتية مدفوعة الأجر لعدم قدرتهم المادية.

الإفراط ممنوع

منعت الجهات القائمة على التعليم الخاص، الإفراط في الأنشطة والرحلات والمسابقات التي تؤثر سلباً في وقت الطلبة، وترهق ميزانيات أولياء الأمور، وحظرت تنفيذ الأنشطة والمشاريع الطلابية خارج أسوار المدرسة، فضلاً عن منع مطالبة أولياء الأمور بسداد قيمة المحتويات لمشاريع أبنائهم في المدارس، أو إلزامه بسداد أية تكاليف خاصة بتلك الأنشطة.

تنوع الأنشطة

تتنوع الأنشطة التي تقدمها المدارس، فمنها الاعتيادية المجانية التي لا تشكل أي أعباء على الطالب وولي الأمر مثل كرة القدم والسلة والطائرة والرسم والموسيقى والمسرح والأنشطة الخيرية والتطوع، لتبقى أنشطة الرحلات العلمية وتجارب العلوم، والمشاريع والفعاليات الترفيهية الإشكالية التي ترهق ميزانيات الأسر بسبب كثرتها وارتفاع رسومها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ywhhye2w

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"