عادي
"الخليج" الرياضي يفتح ملف إخفاق أولمبياد طوكيو ( 3 من 3 )

التميمي: لن نصنع أبطالاً ونجاري الآخرين بفكر «صفر»

22:42 مساء
قراءة 8 دقائق
2
2
2

حوار: مسعد عبد الوهاب

نواصل فتح ملف المشاركة في أولمبياد طوكيو 2020، وبحكم أن آمال الشارع الرياضي كانت معلقة على رياضة الجودو في إحراز ميداليات، لكونه خاض المنافسات ببطلين يملكان إنجازات عالمية «فيكتور وإيفان»، لكنهما صدما الطموح بالخروج من أول محطة بالخسارة في أول مباراة لهما في الدور التمهيدي.

خصصنا هذه الحلقة لناصر التميمي،بصفته يتمتع بمناصب رياضية محلية ودولية رفيعة، فهو عضو مجلس إدارة اللجنة الأولمبية الوطنية، والأمين العام لاتحاد الجودو، وعضو مجلس الإدارة وأمين صندوق الاتحاد الدولي للجودو، وأدلى بدلوه في الحصاد الصفري لمشاركتنا ككل بحكم تخصصه كحاصل على بكالوريوس تربية بدنية من جامعة الإمارات، ودرجة الماجستير في قانون الرياضة، وماجستير آخر في الإدارة الرياضية، كما كان لاعباً في صفوف منتخب الإمارات لكرة السلة لمدة 10 سنوات، علاوة على كونه ضمن منظمي بطولة الجودو في الأولمبياد كعضو فعال بالاتحاد الدولي، لذا كانت للحوار جدواه في الكشف عن ظروف وتداعيات إخفاق رياضتنا في دورة طوكيو.

قدّم التميمي تحليلاً دقيقاً لأسباب الإخفاق في الألعاب الأربع التي خضناها،كما تناول الواقع الذي تعيشه رياضتنا بوجه عام، مؤكداً أن الوضع الحالي لا يسمح للاعبينا بمقارعة نظرائهم الأقوياء من الأبطال العالميين بسبب برامج الإعداد غير المبنية على أسس علمية، والمحصلة في السطور الآتية:

واستهل التميمي كلامه بقوله:«رياضتنا ما زالت تعاني كبوة، فقد كانت أفضل قبل 41 عاماً، في الثمانينات وبداية التسعينات وقد عايشت ذلك عن كثب عندما كنت لاعباً في صفوف منتخب السلة في الفترة ما بين ( 1982 - 1992 ) وكانت الألعاب الجماعية لدينا تنافس على المستوى الآسيوي، ومنتخب كرة القدم تأهل إلى كأس العالم 1990، كما كانت ألعاب القوى لدينا جيدة، بعد ذلك بدأ التراجع منذ منتصف فترة التسعينات والسبب علمي وتخطيطي بحت،علاوة على غياب التنسيق بين الاتحادات الرياضة من جهة والمدارس والقوات المسلحة والشرطة ودعم هذا الثلاثي الأخير هو السبب المباشر الذي أدخل رياضتنا في دوامة التدهور وهبوط المستوى، ويجب التأكيد في هذا الصدد على أن دوري المدارس في كرة القدم والألعاب الجماعية الأخرى( السلة واليد والطائرة) كان بقوة مسابقة الدوري العام، وجميع لاعبي المنتخبات كانوا يشاركون في دوري القوات المسلحة، حيث كان التعاون والتنسيق على أشده لذلك شهدت الثمانينات حتى منتصف التسعينات فترة رواج.

إعادة نظر

وعن الوضع الحالي قال التميمي: المنظومة الرياضية الإماراتية بحاجة إلى إعادة نظر إذا أردنا المنافسة أولمبياً بهدف حصد الميداليات، والتطوير لا يمكن أن يحدث بظهور الهيئة واللجنة الأولمبية والاتحادات في المناسبات الأولمبية فقط، ونحن بأمس الحاجة إلى مشروع وطني لصناعة البطل على أن تكون الرياضة المدرسية هي الأساس، ويجب أن نعترف أن الأولمبياد المدرسي لدينا لم يحقق المردود المرجو منه، لأن آلية عمله ليست بالشكل الفعال ولا يمكن للمدارس صناعة البطل وحدها، فالرياضة ليست مصنع سيارات، بل أصبحت علماً وتخصصاً،وبكل أسف مشكلتنا أن الفكر العلمي الرياضي لدينا صفر فكيف نصنع أبطالاً أولمبيين بفكر مفقود، ويجب الاعتراف بأن لدينا خللاً في التخطيط.

رسالة لرئيس الهيئة

وأضاف ناصر التميمي: أتوجه برسالة إلى الدكتور أحمد بالهول رئيس الهيئة العامة للرياضة الذي نعلم أنه يواجه تحديات كثيرة، ويعمل بجد من أجل تصحيح مسار رياضة الإمارات للرقي بها إلى المكانة التي تليق بريادة الإمارات في كل المجالات، وأرجو من رئيس الهيئة الاستعانة بأصحاب التخصص العلمي والخبرة المحلية والدولية من أبناء الوطن، وهم كثر لأخذ الرأي والمشورة في كيفية تطوير الرياضة، فالاستراتيجيات لا يمكن أن تحقق التطوير المنشود إلا إذا كانت مصاغة وفق ظروفنا واحتياجاتنا والبيئة التي نعيشها،وكذلك إعطاء فرصة للألعاب الجماعية «السلة والطائرة واليد» لتقويتها من خلال السماح للجامعات والمدارس الحكومية والخاصة وحتى الشركات للمشاركة في المسابقات الرسمية للاتحادات، وهذا سيتيح مجالاً واسعاً للكشف عن المواهب لفائدة تقوية المنتخبات، وأعتقد أن المجلس التنسيقي للرياضة أداة فعالة بيد الدكتور بالهول تمكنه من قيادة فعالة تحقيق التطور المنشود وإخراج رياضتنا من كبوتها.

أسباب الخروج 

وللكشف عن أسباب خروج لاعبي منتخب الجودو فيكتور وإيفان ،قدم التميمي تحليلاً وافياً عن تداعيات وظروف المنافسة بقوله: يجب التنويه أولاً بأن لعبة الجودو لها ظروف خاصة تتعلق بتأهل اللاعبين إلى الأولمبياد، وهذا يتم من خلال النتائج التي يحققونها في البطولات المعتمدة في الأجندة الدولية والتي تقام في آخر 3 سنوات،ما بين دورتين أولمبيتين، ويتحدد التصنيف العالمي لكل منهم من واقع نتائجه في مشاركاته،وبالنسبة لفيكتور تصنيفه كان ال 15 قبل أولمبياد طوكيو، وكل المصنفين ال 18صعدوا وهم أفضل اللاعبين المصنفين في العالم وجميعهم بمستوى واحد تقريباً، ويمتد ذلك حتى صاحب التصنيف 25، وجميعهم تواجهوا مع بعضهم وتبادلوا الفوز والخسارة في بطولات سابقة، ووفق ذلك من الصعب معرفة من هو البطل في طوكيو، بدليل أن بطل أولمبياد ريو دي جانيرو ووصيفه أيضاً خسرا، وبالنسبة للاعبنا فيكتور فقد خسر في مسابقة وزن تحت 73 كلجم أمام ثاني بطولة العالم التي أقيمت في شهر مايو الماضي. 

وعن تحليله لأداء فيكتور في طوكيو قال:«فيكتور كان جاهزاً بدنياً وفنياً ونفسياً ودخل المباراة وكان متقدماً، وفي آخر 5 ثوان أخطأ وحاول كسب الوقت واستغل منافسه ذلك وفاز وأقصاه،مع ملاحظة أن اللاعب الياباني الذي فاز بالذهبية تصنيفه 21، وربما يكون التعب العصبي هو السبب المباشر في فقدانه التركيز.

وبالنسبة لمشاركة لاعب منتخب الجودو الآخر إيفان والذي خرج من مسابقة وزن تحت 100 كلجم قال التميمي: إيفان هو المصنف رقم 35 عالمياً، وتأهل للأولمبياد عن طريق التصنيف القاري،حيث لم يشارك في بطولات كثيرة منذ سنة ونصف السنة، بسبب إلغاء عدد من البطولات نظراً لجائحة كورونا، ما أدى لعدم تجميعه نقاطاً تضعه ضمن المتأهلين بالتصنيف القاري، وفي معسكر إيطاليا في نصف شهر مايو أصيب بفيروس (كورونا ) فتعطل أسبوعين وهذا أثر بالطبع على مستواه فخسر أمام اللاعب الكندي من أصل مصري شادي النحاس، نظراً للظروف التي تعرض لها.

انتقادات

وعن الانتقادات التي طالت اللاعب فيكتور من بعض المحللين قال التميمي:«في مقام التحليل توجد مشكلة فلا أحد منهم يتكلم بالمنطق الرياضي العلمي الصحيح، وهذا نتيجة الافتقار للإلمام باللعبة وقواعد المنافسة فيها وظروف اللاعب وقت المباراة والتي يلعب فيها التوفيق جانباً مهماً،خاصة عندما يكون جميع المتنافسين أبطالاً على غرار مسابقات الجودو، وقد خسرنا أمام أبطال عالميين ،وبطل العالم لوزن 90 كلجم خسر أيضاً.

دعم وأرقام

وعلق التميمي على الأرقام التي تناولتها بعض وسائل الإعلام في شأن الكلفة المالية لإعداد فيكتور وإيفان للمشاركة في أولمبياد طوكيو بقوله: عملية إعداد فيكتور وإيفان وتشمل المعسكرات والمشاركة في البطولات بالإضافة إلى راتب المدرب، كلفتها بلغت سنوياً مليوناً ونصف المليون درهم  تحملها الاتحاد في السنوات الأربع الماضية، (ووفق كلام التميمي بلغ 6 ملايين درهم) في السنوات الأربع.

وعن الدعم المادي الذي تلقاه الاتحاد قال:«تلقينا من اللجنة الأولمبية الوطنية عن طريق الهيئة العامة للرياضة ما يقارب المليون درهم لإعداد المنتخب للمشاركة في أولمبياد طوكيو، وكنّا طلبنا مليوناً و100 ألف درهم للإعداد للفترة من بداية شهر سبتمبر 2020 حتى يوليو 2021 موعد المشاركة، ونشكرهما على هذا الدعم، علماً بأن مجمل إعداد اللاعبين الاثنين كلف الاتحاد حوالي مليون و600 ألف درهم، وتجدر الإشارة إلى أن الاتحاد كان أرسل للهيئة واللجنة الأولمبية تقريراً في عام 2017 يخص تجهيز المنتخب للمشاركة في أولمبياد طوكيو،وأشير إلى أننا لم نحصل على فلس واحد في أولمبياد ريو دي جانيرو، وكذلك الألعاب الآسيوية التي أقيمت في جاكرتا.

خريطة طريق وعتاب

وعن خريطة المستقبل لإعداد منتخب الجودو لأولمبياد فرنسا 2024 قال التميمي: بالنسبة لفيكتور وإيفان أصبحا خارج الحسابات بالنسبة للإعداد لأولمبياد فرنسا وذلك بحكم السن، واعتباراً من شهر سبتمبر المقبل وبحد أقصى شهر أكتوبر، سنبدأ بالعمل في برنامج تأهيل وإعداد 4 لاعبين من ضمنهم واحد من المواطنين.

ووجه ناصر التميمي رسالة عتاب للمنتقدين لخروج جودو الإمارات خالي الوفاض من أولمبياد طوكيو بقوله:«أقول في هذا الصدد أن من ينتقدوننا لم يرفع واحد منهم سماعة الهاتف مهنئاً بإنجازنا في ريو دي جانيرو وغيرها من الإنجازات التي حققتها في البطولات العالمية، وهذا يكفي».

ذهبية 2004 

وأكد ناصر التميمي أن الإنجاز الأولمبي التاريخي لرياضة الإمارات والذي تحقق بيد الرامي الشيخ أحمد بن حشر آل مكتوم في أولمبياد أثينا 2004 كانت بجهد شخصي، وتابع: ذهبية الشيخ أحمد بن حشر كانت علامة فارقة، واستثناء تحقق ببصمته الشخصية، فقد كان محترفاً بمعنى الكلمة في تعامله مع مراحل الإعداد، كما أنفق الكثير من المال واستعد بدنياً وفنياً على أكمل وجه باتباع منهجية علمية سليمة، وجودة التدريب والاحتكاك المستمر عبر المعسكرات والبطولات، وكان نتاج ذلك حصده الذهبية، والأمر لم يكن سهلاً بل تحقق بتعب وجهد كبير جداً وإنفاق مادي عال.

 فقر الإعداد 

تطرق الأمين العام لاتحاد الجودو ناصر التميمي إلى مشاركة ألعاب القوى والسباحة بقوله: لاعبنا محمد النوبي الذي خاض مسابقة 100 متر عدواً في ألعاب القوى ذهب إلى أولمبياد طوكيو ببطاقة دعوة، ويستحيل أن يمكنه رقمه من مسايرة منافسيه، فهو يتنافس في لعبة رقمية أمام عدائين لا شغل لهم سوى الإعداد ليل نهار، لذلك لا يمكن أن نظلم اللاعب ونحمله حتى ولو جزء بسيط من الإخفاق، والحال نفسه بالنسبة للاعب منتخب السباحة يوسف المطروشي،فقد خاضا المنافسات بإعداد فقير وفي ظروف غير متكافئة مع لاعبين أكثر منهم مستوى وإعداداً، وخروج اللاعبين كان متوقعاً، خاصة أنهما شاركا ببطاقتي دعوة وليس برقم تأهيل.

150 لاعب ولاعبة جودو تم تجنيسهم بين ريو وطوكيو

تطرق ناصر التميمي إلى موضوع التجنيس وجدواه بالنسبة لرياضتنا عموماً، والجودو على وجه الخصوص، فقال: «نعلم أن البعض ينتقد موضوع التجنيس الذي أقدمنا عليه، ولكننا لم نذنب حين فعلنا السائد في العالم بأسره في الشأن الرياضي، وأقول لكل من ينتقدنا لا تنظروا إلى برونزية ريو دي جانيرو، فقط؛ بل إلى مجمل الألقاب التي حققناها، والتجنيس أصبح أمراً واقعاً، ويكفي للتدليل على ذلك أن من جنستهم دول العالم من بعد أولمبياد ريو دي جانيرو في 2016 حتى ما قبل دورة طوكيو بلغ 150 لاعباً ولاعبة، انتقلوا من دولة إلى أخرى، ولماذا لا ننظر إلى جدوى التجنيس من منظور إفادة اللاعب المواطن الذي سيتدرب مع أبطال عالم؟ وهذا ما يحتاج إليه ليتطور مستواه ونكون نحن بذلك جلبناهم ليتدرب معهم بدلاً من السفر المستمر إلى معسكرات خارجية وهذا يزيد من كُلفة الإعداد.

وتابع: دائماً يسألوننا لماذا لا يوجد أبطال مواطنون لدينا، والجواب يتعلق بالنظام الدراسي عندنا ولوائحه فإعداد لاعب جودو على مستوى عال، يتطلب الاحتكاك التدريبي والتنافس مع أبطال من ذوي المستوى العالي، ولابد أن يتدرب نحو 300 إلى 320 يوماً سنوياً؛ بحيث لا ينزل عن 150 يوماً للتدريب على مستوى عالٍ، مع مشاركته في 7 أو 8 بطولات قوية دولية سنوياً هذا بخلاف المعسكرات الدولية أيضاً فلابد أن يتدرب مع مستويات أعلى منه ليطور من مستواه ولو شارك مع أقل منه سيتراجع مستواه مما يفرض حتمية المعسكرات الخارجية، وهنا أسأل هل تسمح لوائحنا الدراسية في الدولة بذلك؟

وتابع: من ناحية أخرى الناس لا تعرف أننا نعاني مشكلة الدعم فنحن من أضعف الميزانيات على مستوى العالم وهذا يعرفه الجميع أن الدعم المالي لدينا بشكل عام ضعيف، ومن الصعب جداً أن ترتقي بمستوى اللاعب من دون دعم مالي كافٍ.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"