عادي

دراسات الموسيقى السينمائية نادرة في المكتبة العربية

00:29 صباحا
قراءة دقيقتين
2002

تثير الموسيقى السينمائية استجابات مختلفة لدى العديد من الأفراد، بسبب الارتباطات المختلفة للتفاعل، حيث تنشط عملية إعداد المشاهدين لمعان معينة تعبر عن المشاهد التي تعرض عليهم، فالموسيقى الرومانسية تنقلنا إلى أجواء: الدفء، والرقة، والهيام، وأفلام الرعب قد تثير القلق والفزع.

ويذكر المؤلف الموسيقي دافيد راسكين، أن الغرض من موسيقى الفيلم أنه لا تتم ملاحظتها لذاتها، حيث تكمن فائدتها العظيمة في الأسلوب الذي تستطيع من خلاله أداء دورها.

ويؤكد د. إيهاب صبري في كتابه «فن الموسيقى السينمائية» أن الموسيقى ليست مجرد تابع، أو جزء ثانوي للصورة البصرية؛ بل يجب أن تكون عنصراً أساسياً لتحقيق الفكرة العامة ككل، عندما تكون موظفة على نحو لائق، حيث تمتلك القدرة على تغيير النبرة الانفعالية للمشهد، ويجب أن تكون متحدة تماماً مع الصورة البصرية بحيث إذا تم انتزاعها من جزء معين، فإن الصورة لن تكون ضعيفة في فكرتها وتأثيرها فحسب؛ بل ستكون مختلفة نوعياً.

يوضح أننا لا نجد أن الموسيقى المريحة للأعصاب تضفي نوعاً من العاطفة المصاحبة، ذلك الأمر الذي يثير التفاعل الجسدي والعقلي والعاطفي، فالسعادة ترتبط بالدرجة العالية للإيقاعات الموسيقية المحركة للمشاعر، حيث إننا نوازن بين مستويات الطاقة وحالات المزاج.

عندما يكون تسلسل الأحداث المرئية قوياً ومرتبطاً بتسلسل الصوت المعبر عاطفياً، فإن تصاعد المعاني المتفاعلة يحقق الاستجابة النفسية بكثافة لدى المشاهدين، ومن ثم يحدث التواصل العاطفي والتشويقي للفيلم؛ لأن الموسيقى تعطي إيحاء متفاعلاً بالمشهد وما يعنيه من معنى في عقل وفكر المشاهد.

ومنذ خمسينات القرن العشرين أصبحت الموسيقى السينمائية تحصل تلقائياً على نسبة إعجاب كبيرة، فانصب جزء كبير من الاهتمام على هذا النمط الموسيقي الذي أضحى مطلباً أساسياً في كل عمل سينمائي، فلم يعد الأمر مجرد معزوفات عشوائية أو مقطوعات من الموسيقى الكلاسيكية؛ بل ألحان مدروسة تربط بين الصورة والمتفرج، في علاقة تجعل من المشهد والموسيقى لحمة واحدة.

ويشير المؤلف إلى أنه في أيام السينما الصامتة كان عازف بيانو يقوم بعزف موسيقى ترافق الأحداث التي تجري في الفيلم، وعادة ما تكون هذه الموسيقى مجرد مقاطع مناسبة إلى حد ما، مختارة من أعمال أوبرالية أو أوركسترالية شائعة، ومع قدوم الفيلم السينمائي الناطق وتطور التسجيل الصوتي على الشريط الفيلمي ظهر إلى الوجود فن خاص هو الموسيقى السينمائية، وتوافرت الفرص أمام المؤلفين الموسيقيين لوضع موسيقى خاصة للأفلام.

ويرى مؤلف الكتاب أن الموسيقى الموضوعة خصيصاً لفيلم ما، هي ذات خصوصية واستقلالية، بالمقارنة مع الموسيقى الموضوعة لأغراض غير سينمائية، فالأخيرة غير خاضعة لضوابط يفرضها العنصر البصري، الذي هو الأساس والأقوى في السينما، وعلى الرغم من أن المشاهد العادي لا يُدرك المهام العميقة للموسيقى في فيلم ما، فإنها تؤثر فيه على نحو مبهم، ومن هنا تأتي أهمية الدراسات المكرسة للعنصر الموسيقي في السينما، والتي هي للأسف نادرة باللغة العربية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"