عندما تفشل اللجان وفرق العمل

21:54 مساء
قراءة 3 دقائق

د. راسل قاسم

كثيراً ما نلجأ إلى تشكيل لجان وفرق عمل لحل المشكلات الملحة، أو لتكليفها بتنفيذ مشاريع محددة، أو اتخاذ قرارات مهمة.

نتوقّع من تلك المجموعة أن تقوم بعمل استثنائي، وأن تصل إلى قرارات أفضل وأكثر حكمة من تلك التي يتخذها شخص بمفرده. يصح هذا التوقع في عدة أحيان، كما أنه يخيب في أحيان أخرى، ومن المنطقي أن يلوح أمامنا السؤال «لماذا يحدث ذلك؟»، ولا يسعنا إلا البحث عن إجابة لا تقل منطقية عن هذا السؤال.

في البداية، يتوقع الجميع من المجموعة أو الفريق، التوافق والانسجام في العمل، وهذا يشمل الأعضاء بعضهم ببعض، فمن غير المرغوب فيه الوجود ضمن فريق تتقاذفه النزاعات، وتشتته الخلافات؛ لذلك يميل أعضاء الفريق إلى التوافق والتجانس، الأمر الذي يضعهم تحت ضغط قد يكون أحياناً على حساب جودة القرار أو المخرجات المتوقعة، فيفضّل الأعضاء التوافق على مخرج متواضع عوضاً عن الاختلاف والنشوز برأي يمكن أن يكون متميزاً وقيّماً، ويمكن أن ندرج هذا التصرف تحت سلبيات التفكير الجماعي.

من ناحية أخرى، تميل المجموعة إلى اتخاذ قرارات أكثر تشدداً، مقارنة بالوضع الطبيعي، فلو سألنا مثلاً عدد من الخبراء (كل على حدة) عن المدة التي يرونها مناسبة لحرمان المتهرب ضريبياً من مزاولة المهنة أو النشاط الاقتصادي، فقد تراوح إجاباتهم بين سنة وعشر سنوات مثلاً، وأغلبية الآراء يمكن أن تكون بين هذين الرقمين. ولكن عند قيام لجنة بتقرير هذه المدة، فمن المرجح أن يكون قرارها أطول من متوسط المدد التي ذكرها الخبراء، ويعود ذلك إلى عدة أسباب، من بينها ما يعرف باستقطاب المجموعة، حيث يحاول كل عضو المزايدة والمبالغة في مشاركته من خلال التشدد الذي يؤثر  في النهاية  في القرار المتخذ، وينبع هذا أساساً من الرغبة في إظهار الذات ومشاركة ما نتمتع به من مهارات وقدرات أمام الآخرين.

من التحديات التي تعترض عمل الفرق واللجان أيضاً، ما يعرف بحالة «اللا تفرد» أو سلوك القطيع، وتكون عندما نتأثر بالحالة العاطفية لمن حولنا بشكل يشوّه القرارات التي نتخذها، ويدفعنا إلى تبنّي سلوكيات مغايرة لما نريده أو نرغب فيه، نجد هذه الحالة في العديد من الأمثلة، منها ميلنا إلى الضحك بشكل أكبر إذا ما كنا ضمن جمهور يحضر مسرحية، مثلاً، أو يستمع إلى نكات تُلقى من قبل أحد الأشخاص، مقارنة مع المشاهدة عندما نكون لوحدنا، أو أن نقوم بتقليد بعض الحركات التي ينفذها الأشخاص المحيطون بنا دون قناعة منا، ولكن فقط لأن جميع من حولنا يقومون بها. 

من شأن حالة «اللا تفرد» أن تدفع الأعضاء إلى التأثر بالجو السائد ضمن المجموعة، ما يؤدي إلى اتخاذ قرارات متطرفة.

يمكن أن نتفادى أو نحد من التطرف في مخرجات وقرارات المجموعات واللجان وفرق العمل، من خلال السماح بالنقد وإفساح المجال للتعبير عن الآراء المعارضة، وتفادي قمعها أو تهميشها، كذلك من خلال الاستعانة بآراء خارجية من أشخاص من خارج المجموعة. المقلق في الأمر أن العديد من المجموعات لا تقوم بتطبيق الإجراءات المذكورة؛ الأمر الذي يفضي إلى اتخاذ قرارات قاصرة يمكن أن تكون على درجة كبيرة من التأثير والأهمية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"