تكريم لا يكفي

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين

لا أتذكر من اسمها إلا الأول: إلهام، معلمتي لمادة اللغة العربية في سنواتي الأولى في الابتدائية، كانت الشرارة الأولى لعشقي لهذه اللغة وقواعدها ونحوها ونصوصها. معلمة فلسطينية لم تتكلم معنا إلا الفصحى حتى في حصص الفراغ والفسحة، كانت تتباهى بلغتي أمام زميلاتي باعتباري تلميذتها، وكلما قرأتُ قصة كانت تطلب مني تلخيصها وإعادة كتابتها لأنها كانت ترى في قلمي مشروع سارد.
ولم يقف حظي عند هذه المعلمة، لكن المعلمات المتميزات رافقنني، فعلمتني بتول السيد معنى الشعر العمودي من بعدها، ومن ثم فخرية خلف التي شجعتني للمشاركة في مسابقة القصة القصيرة على مستوى مدارس البحرين وفزت فيها، وأخيراً فاطمة التيتون التي كانت شاعرة وفتحت أمامي أبواب الشعر الحديث والمترجم على مصاريعها، وبسبب جهودها أصدرت ديواني الأول، وأنا في المرحلة الثانوية.
مثل هؤلاء المعلمات هن من نتمنى أن نجدهن في مدارسنا الآن؛ معلمات ومعلمون يسعون جاهدين إلى إبراز مواهب تلاميذهم وصقلها، وتشجيعهم على مزاولة هواياتهم؛ بل واستدعاء أولياء أمورهم كي يضعوا خططاً معهم لكيفية استنباط أجمل ما بداخل أبنائهم من مواهب وتميز. والحق يقال، هناك الكثير منهم ممن لا يهتمون بالجانب الأكاديمي وحسب؛ بل يسعون للمشاركة في الأنشطة الأخرى.
تغير الزمن اليوم، وتغيرت معه الإمكانات وصار من الممكن أن يشارك الطلبة في أية دولة في مسابقات عالمية مختلفة، وهو ما وجدناه في «تحدي القراءة» مثلاً، وما وجدته شخصياً من خلال بعض معلمي ابني وابنتي ممن يسعون لدعمهما أثناء مشاركات أدبية وموسيقية وفنية، كل حسب مهاراته وميوله. وكم تكون فرحة الواحد منهما غامرة حين يفوز بجائزة مهما كانت قيمتها المادية قليلة أو معدومة؛ إذ الفوز بحد ذاته كان يعني الكثير لهما.
مناسبة هذا القول، هو يوم المعلّم الذي مر قبل يومين وكان جميلاً بكل التكريم الذي حظي به المعلمون في مختلف الدول، ومختلف المواد، وتلاميذهم وأولياء أمورهم، ومن الإعلام الذي لم ينسهم في يومهم.
هذا التكريم وهذا الاستذكار للمعلمين ليسا كافيين حين يكون حال المعلم غير مُرضٍ على مستوى الحقوق في بعض الدول، ولهذا نتمنى أن يترافق مع تعديل أوضاعهم ومنحهم جميع حقوقهم التي يستحقونها؛ لأنهم أساس المجتمعات المتحضرة وأساس تكوين جيل قادر على مواجهة تحديات العالم الجديد.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"