عادي
إيراداته فاقت المليار دولار خلال 12 يوماً

«سبايدرمان: لا عودة إلى المنزل».. المضحك المبكي

23:58 مساء
قراءة 5 دقائق

مارلين سلوم
كلما سمعت اسم «سبايدرمان» تعود بك الذاكرة إلى الطفولة وقصص الأبطال الخارقين، سواء في المجلات المصورة، أو في السينما، لكن الحكايات لم تعد طفولية، والشخصيات تطورت، والأفلام يتم إنتاجها بسخاء شديد، وتحقق إيرادات عالية جداً كلما عرضت عالمياً. و«مارفل» لا تملّ من إعادة تحريك أبطالها الخارقين لتجذب الجمهور، بين الحين والآخر، وها هي تعيد «الرجل العنكبوت» بفيلم «سبايدرمان: نو واي هوم» الذي فاق التوقعات من حيث الإيرادات فتجاوز المليار دولار خلال 12 يوماً من بدء عرضه في الصالات، ومن حيث النجاح في التأليف والإخراج والتمثيل.

تستغرب كل هذه الضجة على مواقع وصفحات التواصل وانبهار الناس، خصوصاً الشباب والمراهقين، بالعمل الجديد من «الرجل العنكبوت»، وعنوانه «لا عودة إلى المنزل»، الكل يتحدث عن ظهور «ثلاثي» لسبايدرمان في لقاء أسطوري لمجموعة أبطال «مارفل» وحضور مميز ل«دكتور سترينج». قصة تبدأ تقليدية كأنها استكمال للفيلم السابق «سبايدرمان: بعيداً عن المنزل»، الذي شاهدناه عام 2019، بيتر باركر (توم هولاند)، وحبيبته إم جي (زندايا)، وصديقه المفضل نيد (جاكوب باتالون)، يواصلون الحديث عن مشاريعهم ومستقبلهم ويستعدون لدخول الجامعة. الجزء الأول من الفيلم يبدو تقليدياً، لا يختلف كثيراً عن الأفلام السابقة، أو بالتحديد الفيلم السابق، خصوصاً أنه يضم نفس أبطاله، وبحضور العمّة ماي (ماريزا تومي) وهابي هوجن (جون فافرو).

بداية هادئة لا تنبئ بكمّ الإثارة والتشويق وشد الأعصاب الذي سنشاهده في الجزء الثاني من الفيلم، فتمر الساعتان ونصف الساعة بلا ملل، بل لو طالت مدة العرض ثلاث ساعات لما تذمر الجمهور.

إنه الفيلم المبهج المبكي، مواقف مضحكة ولحظات مؤثرة، ومفاجآت تجعل الجمهور يتفاعل بشدة في الصالة متأثراً مع كل نقلة وحالة، يضحك ويصرخ ويبكي ويصفق. تفاعل لم نعد نجده كثيراً في الصالات إلا في حضور أعمال مميزة. وإذا كان «الرجل العنكبوت» محبوباً بسبب شدة إنسانيته وهدفه النبيل لفعل الخير سراً، من دون أن يعرف هويته الناس، فإن كتابة كريس ماكينا وإريك سومرز وستان لي جعلت «لا عودة إلى المنزل» أكثر «أنسنة» من الأعمال السابقة، سواء في المواقف أو في الأهداف، وتضحيات البطل «سبايدرمان» تتخطى المألوف والمتوقع، فيقع ضحية طيبة قلبه وأفكاره الخيّرة مرتين في هذا الفيلم، ويتخطى مرحلة الدفاع عن النفس ليصل إلى حدود الانتقام، فهل يستطيع قتل عدوّه، وتتغير شخصيته وطبيعته؟

عمل مختلف

المخرج جون واتس يقدم فيلماً مختلفاً وجديداً بكل معنى الكلمة، ينجح في جذب الجمهور بهدوء للاسترخاء في البداية، ثم يرفع من وتيرة التشويق تدريجياً، عندما يلجأ بيتر إلى دكتور ستيف سترينج (بنديكت كومبرباتش) ليطلب منه مساعدته في جعل الناس ينسون أنه هو الرجل العنكبوت بعدما تم الكشف عن هويته في الفيلم السابق، ومازال جونا جيمسون مدير الجريدة التي كان يعمل فيها بيتر باركر مصوراً، يشن حملة شرسة ضده كي يكرهه الناس باعتباره مجرماً يتنكر في زي فاعل الخير، كما يدعي جيمسون. وعندما استعد دكتور ستيف لإلقاء التعويذة تردّد بيتر خوفاً من أن تنساه حبيبته إم جي، ثم أراد استثناء صديقه نيد وأمه بالتبني ماي، ما أثر سلباً في التعويذة فغضب ستيف وطلب من بيتر مساعدته لإلقاء القبض على الأشرار كي يسجنهم في غرف زجاجية، ثم يتخلص منهم نهائياً. يطلب منه الشاب منحهم فرصة ثانية كي يعودوا إلى الخير الذي انطلقوا منه بالأساس، فيرفض سترينج ويترك باركر لتنفيذ المهمة.

دكتور أوكتافيوس (ألفريد مولينا)، نورمان أوزبورن (ويلم دافو)، ماكس أو فلاش (جيمي فوكس) إضافة إلى رجل الرمل والرجل الأخضر، يسعى بيتر، بمساعدة إم جي ونيد، إلى منحهم فرصة ثانية كي يعودوا إلى حقيقتهم قبل أن يصابوا بلعنة الشر، ويسيئوا استخدام قواهم الخارقة، لكن المهمة أكبر مما توقعها الشاب. تبدأ ببشائر خير مع التوصل إلى محلول يزيل مفعول الشر من كل فرد، يجربها على أوكتافيوس فتنجح، لكن أوزبورن ينقلب عليهم وينضم إليه الباقون. معركة شرسة تكون فيها خسارة بيتر كبيرة جداً، تحرق قلبه وقلب الجمهور الذي يبكي مع «سبايدرمان»، ويزداد حماسة لمعرفة مصيره.

جون واتس يرفع وتيرة التشويق أكثر فأكثر، فنصل إلى الذروة مع ظهور البطلين السابقين لنفس شخصية الرجل العنكبوت: أندرو جارفيلد وتوبي ماجواير، لنجد أنفسنا أمام ثلاثة أشخاص باسم واحد بيتر باركر، وثلاثة أجيال من الرجل العنكبوت، كل منهم لعب دوره في مواسم مختلفة، أولهم ماجواير ثم جارفيلد وأصغرهم الحالي هولاند. فكرة ذكية وجديدة لم نرها في السينما من قبل، أن يجمع عمل واحد النجوم الذين أدوا شخصية واحدة في سنوات مختلفة ليتضامنوا ويكملوا دور البطل. ومن أجمل المشاهد في هذا الفيلم، تلك التي ترى فيها 3 شخصيات من «سبايدرمان» يقفزون كأنك في سيرك مبهر، خصوصاً مع الإخراج الرائع والتقنيات العالية والمؤثرات الضخمة والإبهار المتقن.

مجموعة أبطال

«الرجل العنكبوت: لا عودة إلى المنزل» لا يمكن أن يكون نجاحاً فردياً ينسب لشخص ما، إنما هو منافسة قوية بين مجموعة أبطال يحبهم الجمهور، ويتفنون في أداء أدوارهم بحرفية، الثلاثي هولاند وماجواير وجارفيلد كل منهم يؤدي بيتر باركر بطريقته، وكل منهم يسرد حكايته الإنسانية بشكل مؤثر، مولينا دائم التألق بدور أوكتافيوس والمنتقل بسلاسة بين وجهَي الشر والخير، ويلم دافو الذي يجسد الشر بكل تفاصيله وملامحه لدرجة أنك لا تصدقه حين يلين ويعبر عن رغبته في التخلص من روح الشر التي تسكنه، وزندايا التي نالت مساحة كافية في هذا الفيلم لتشكل ثنائياً رومانسياً ناجحاً مع توم هولاند. أما جاكوب باتالون فقد منحه الفيلم مساحة أكبر مما يستحقها، رغم أنه يلعب دور نيد الظريف والصديق المخلص، لكننا لم نفهم لماذا حل مكان دكتور سترينج في مرحلة معينة، ثم ارتدى عباءته الحمراء كأنه تمهيد لمنحه دوراً أكبر في عمل مقبل، أو أن يكون النسخة الثانية والأكثر شباباً من دكتور سترينج؟

على لسان ماي حمل الفيلم رسالة مباشرة أن «القوة العظيمة تأتي بمسؤولية كبيرة»، كما تقول لبيتر باركر، وتضيف: «لديك القوة ولديك الموهبة» لتحثه على حسن التصرف والمبادرة من أجل «معالجة الأوغاد»، ومنحهم فرصة ثانية بدل تسليمهم إلى دكتور سترينج ليقضي عليهم. أما الرسائل غير المباشرة فهي كثيرة، أبرزها انتصار الخير دائماً، حتى لو دفع الإنسان الثمن غالياً من أجل الدفاع عنه وتحقيقه، وأهمية التعاون والعمل الجماعي وعلى قلب واحد. القصة قد تكون الأجمل بين ما شاهدناه من سلسلة سبايدرمان، والإخراج مبهر، خصوصاً في المعركة الأخيرة بين الثلاثي «سبايدرمان» ومجموعة الأشرار.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"