استعجال تبسيط القواعد

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

ما رأيك في استباق تطوير المناهج بملاحظات نحوية؟ هذه اللقطات لا تهم المقرر فحسب، بل يجب أن توجه إلى علماء اللغة، لكونها تحتاج إلى معالجة عصرية تتعلق بكل العرب، وكل ناطق بالعربية. لو وسّع ابن مضاء القرطبي كتابه «الرد على النحاة»، لكان أضافها إلى قائمة ما طالب بتصفيته. ابن رشد، معاصره ،له كتاب «الضروري في صناعة النحو». من معاصرينا لغويون طالبوا بتبسيط القواعد، لكن لقد أسمعوا لو نادوا أحياء.
تأخير التبسيط يُلحق بالعربية ومستقبلها خسائر كبيرة. العلاج الفوري، ليس ترفاً ولا منة. ابن مضاء وابن رشد أدركا قبل ثمانية قرون ضرورة التبسيط، في حين لم تكن في عصرهما لا شبكة، لا رقمي، لا علوم متعددة التخصصات، لا حاجة ماسة إلى الترجمة من اللغات الفاعلة علمياً وتقانياً إلخ. صار التطور السريع يستدعي التبسيط، ونحن نرى عياناً لغة الجيل الصاعد.
على اتحاد مجامع اللغة أن يدير التغيير. لماذا يستصعب اللغويون تغيير نظام القواعد؟ لا يوجد عاقل يطالب بتغيير العربية، أمّا القواعد فأسماؤها وتصنيفها وما إليها ليست مقدسة. نضرب أمثلة. في الضمائر يقولون: هو كتب، هو فاعل. هو ولدٌ، هو مبتدأ. القادم هو، هو خبر. هو كُرّم، هو نائب فاعل. أساتذتنا، هذا شأنكم فتدبروه، فهذا النمط من القواعد لم يعد صالحاً لا للحاضر ولا للمستقبل. من الصعب أن تُدخل في دماغ تلميذ أو طالب أن الشيء الواحد يكون فاعلاً ومبتدأ وخبراً ونائب فاعل. هذا يحدث في فيزياء الكم، يكون الإلكترون جُسيماً وموجة، كما يمكن أن يوجد في أكثر من مكان معاً. لكن النحو ليس فيزياء كوانتوم، فنظام القواعد عمل بشري أنجزه النحاة، بدليل أن خلافاتهم لم تحل إلى يومنا هذا.
علماءنا الفضلاء: الخليفة الثاني، عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، عطل حدّ قطع يد السارق في المجاعة، مع ذلك القرب الزمني من ظهور الرسالة، فكيف يستعصي عليكم تخفيف الأعباء التي أثقلت كاهل لغتنا؟ انظروا هذا العجب المنقول من كتاب نحوي حديث، نصاً: «صليت في مساجد دمشقَ: جاء بعد مساجد اسم كأن فيه أل. دمشق تابع مباشر مجرور لكلمة مساجد، وعلامة جرّه الفتحة بدل الكسرة». العجب العجاب جليّ، «هل في ذلك قسم لذي حجر»؟ 
لزوم ما يلزم: النتيجة البديلية: إذا لم يسارع اللغويون إلى تبسيط القواعد، فلن تنتظر الأجيال حلولهم، وسيواجهون معامل تفريخ التعقيدات.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"