عادي

أسواق الغاز العالمية تعزز من قوة السلع في 2022

22:56 مساء
قراءة 7 دقائق

دبي: «الخليج»

عزّزت السلع من بدايتها القوية للعام خلال هذا الأسبوع مع ارتفاع تداول مؤشر بلومبيرج حتى 4.1% لغاية الوقت الحالي من الشهر، بينما حقق مؤشر ستاندر أند بورز جي إس سي آي للسلع الأساسية مكاسب بلغت حوالي 5%. وحظي قطاع الطاقة بالنسبة الأكبر من الاهتمام منذ بداية العام، لا سيما مع تسبب مستويات العرض الأقلّ من المتوقعة في زيادة أسعار النفط الخام بما يصل إلى 10%، بينما تبقى التقلبات الحادّة السمة المميّزة لما تشهده سوق الغاز الطبيعي في كُلٍّ من الولايات المتحدة وأوروبا، على وجه الخصوص. وتالياً نص المقال الأسبوعي لأولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع لدى ساكسو بنك:

قطاع السلع الأساسية

على مستوى الاقتصاد الكُلّي، حصل قطاع السلع الأساسية على دفعة إضافية تُعزى إلى ضعف الدولار وتراجع عائدات السندات بعد ما أظهرته البيانات من وصول أسعار المستهلك الأمريكي إلى أعلى مستوياته منذ أربعة عقود عند 7% في ديسمبر، بما ينسجم مع توقعات السوق. وشهدت الصين في المقابل تراجعاً في مؤشر أسعار المستهلك، الأمر الذي أدى مع ضعف بيانات الإقراض إلى زيادة احتمالات توجه الحكومة الصينية إلى تسريع وتيرة إنجاز مجموعة من 102 مشروع رئيسي ضمن الخطة التنموية الخمسية للفترة 2021-2025. وتجدر الإشارة إلى أنّ العديد من المجالات المذكورة تتطلب استخدام المعادن الصناعية بشكل أو بآخر، لا سيما وأنّها تُركّز على مسائل أمن الطاقة والسكن الميسور وتطوير البنية التحتية والخدمات اللوجستية.

وارتفع قطاع المعادن الصناعية إلى أعلى مستوياته في ثلاثة أشهر مدفوعاً بتوقعات الانخفاض السريع في المخزونات واضطراب سلاسل الإمداد والتوقعات المرتبطة بتعزيز تدابير التحفيز الصينية للتوجه التصاعدي للسوق من جديد. وتصدّر النيكل الأسواق بعد وصول أسعاره لأعلى معدلاتها على مدى عقد كامل مدفوعة بالتوقعات بتوجه إندونيسيا، أضخم مُصدِّر في العالم، لفرض ضرائب على أنشطة تصدير النيكل الخام بهدف التركيز على توسيع أنشطة التكرير الأكثر تحقيقاً للأرباح داخل الدولة. ومن شأن هذا التحرك الإندونيسي، مصحوباً بقوة الطلب على إنتاج بطاريات المركبات الكهربائية، أن يؤدي إلى عجز كبير في العرض خلال عام 2022. وأظهر النحاس بعد أشهر من أنشطة التداول الجانبي بعض بوادر الارتفاع مع تحركه فوق منطقة المقاومة المُتحولة إلى دعم عند 4.47-50 دولار، مدفوعاً باحتمال ارتفاع الطلب على الطاقة الكهربائية وتراجع الإمدادات، فضلاً عن مؤشرات لتوجه الصين لتحسين استجابتها من أجل دعم الاقتصاد المتباطئ في خطوة من شأنها تعويض المخاطرة الكُلّية الأخيرة، لا سيما تلك الناجمة عن الأزمة التي يمر بها القطاع العقاري في الصين.

القطاع الزراعي

من ناحية ثانية، سجّل القطاع الزراعي بداية متباينة للعام الجديد مع شُحّ الإمدادات، وتداول القهوة والقطن وفول الصويا عند مستويات مرتفعة مع استمرار الضعف في سوق القمح خلال الشهر الجاري أيضاً. وازداد الزخم الذي يشهده القطاع بعد رفع وزارة الزراعة الأمريكية لتوقعاتها بشأن المخزونات العالمية، وعلى ضوء توقعات مجلس الحبوب الدولي بتسجيل مستويات إنتاج عالمية قياسية في موسم 2022-2023 المقبل. ومن جانبها، تواصل التطورات المناخية السيئة في البرازيل التأثير سلباً على إمدادات القهوة وفول الصويا في الآونة الأخيرة، بالرغم من التوقعات بحصول هطولات مطرية مفيدة في مناطق زراعة هذه المنتجات.

وعاشت أسواق الغاز العالمية أسبوعاً جديداً من التقلبات، مع ارتفاع العقود الآجلة للشهر الأول للغاز الطبيعي في الولايات المتحدة بنسبة 14% يوم الأربعاء لأعلى مستوياتها منذ ستة أسابيع نتيجة الطقس شديد البرودة، قبل أن تهبط بواقع 12% في اليوم التالي إثر توقعات باعتدال الطقس وبعد انسجام عمليات السحب الأسبوعية من المخزون مع التوقعات. ويُضاف إلى ذلك الارتفاع الأخير في شُحنات الغاز الطبيعي المُسال إلى أوروبا وزيادة تأثر السوق الأمريكية بالتطورات على الساحة العالمية، والتي لطالما كانت بمنأى عنها سابقاً، حيث أسهمت هذه العوامل مُجتمعة في دعم أضخم ارتفاع أسبوعي تشهده السوق منذ شهر نوفمبر.

وفي الوقت ذاته، تستمر أزمة الطاقة في أوروبا بالرغم من زيادة الإمدادات من خلال شُحنات الغاز الطبيعي التي تصل إليها، غير أنّ الأسعار تبقى مرتفعة وغير مقبولة بالنسبة للبعض. وأسهم وصول شُحنات الغاز الطبيعي المُسال والطقس المعتدل لغاية الآن في يناير في الحد من مخاطر انقطاع الغاز أو نفاد مخزوناته، علماً أنّ حالة الغموض المرتبطة بمشروع أنابيب نورد ستريم 2 والنوايا الروسية في أوكرانيا قد تدفع نحو مزيد من حالات الزيادة والتقلب في السوق. وتمّ تداول العقود يوم الخميس في المركز الهولندي تي تي إف لفترةٍ وجيزة إلى ما دون 70 يورو/ميجاواط ساعي، كرد فعل على ما ذُكر من تحسن في الطقس وزيادة إمدادات الغاز الطبيعي المُسال الخارجية، قبل أن يشهد المؤشر من جديد زيادة حادّة تجاوزت 90 يورو/ميجاواط ساعي جرّاء فشل المحادثات الروسية الأمريكية في تهدئة المخاوف حيال التدخل العسكري في أوكرانيا، والتي تُعد نقطة عبور لحوالي ثُلث كمية الغاز الروسي المُصدّر نحو أوروبا.

ويُواصل النفط الخام ارتفاعه منذ شهر كامل، علماً أن الزيادة المبكرة في يناير كانت مدفوعة بالمخاوف المؤقتة بشأن اضطراب الإمدادات في ليبيا وكازاخستان، التطور الأكبر والأكثر إثارة للقلق بشكل أوضح خلال المرحلة الراهنة. وحظيت الأسعار ببعض الدعم خلال الشهر الجاري نظراً للأثر السلبي الضئيل الذي تركه متحور أوميكرون الآخذ بالانتشار بسرعة على مستويات الاستهلاك حول العالم، فضلاً عن بوادر معاناة عدد من دول مجموعة أوبك بلس في رفع الإنتاج إلى المستويات المُتفق عليها.

وشهدنا على مدى الأشهر الماضية خللاً في تحقيق الامتثال لدى المجموعة، لا سيما مع عدم الوفاء بمعدل الزيادات الشهرية بواقع 400 ألف برميل يومياً، خصيصاً بسبب المشاكل في نيجيريا وأنغولا. وكشفت وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال بلاتس في استبيانها الأخير لمستويات الإنتاج عن شهر ديسمبر بأنّ 14 من أصل 18 دولة عضو في المجموعة، بما فيها روسيا، قد عجزت عن تحقيق أهدافها. وأوضحت بلاتس بأنّ أعضاء المجموعة ال 18 أنتجوا 37.72 مليون برميل نفط يومياً في ديسمبر، أي أقلّ بواقع 1.1 مليون برميل من حصصهم المقررة مجتمعة.

وبدأت تداعيات الفجوة المتزايدة بين حصص مجموعة أوبك بلس من النفط الخام ومستويات الإنتاج الفعلية بالظهور على الأسواق، مع ارتفاع أسعار العقود الآجلة للشهر الأمامي لخام غرب تكساس الوسيط وخام برنت بوتيرة أقوى من العقود التي تنتهي صلاحيتها لاحقاً. وازداد التباعد بين عقود برنت الآجلة الأولى والثانية من أدنى مستوياته عند 20 سنت للبرميل في بداية ديسمبر، بينما أسفرت المخاوف الناجمة عن متحور أوميكرون عن تصحيح حاد إلى مستوى 70 سنت للبرميل في الوقت الحالي.

ويُستبعد أن يبلغ الطلب العالمي على النفط ذروته خلال وقت قريب، ما سيؤدي إلى زيادة الضغوط على المخزونات الاحتياطية المتاحة، والتي تنخفض بشكل شهري لتزيد من مخاطر ارتفاع الأسعار. ويدعم هذا التوجه نظرتنا المتفائلة بارتفاع الأسعار في سوق النفط على المدى الطويل، لا سيما وأنّها ستكون على موعد مع انخفاض في الاستثمارات على مدى أعوام عديدة، بالتزامن مع تحويل كبرى شركات النفط لنفقاتها الرأسمالية المُخفّضة أصلاً نحو إنتاج أنواع الطاقة منخفضة الانبعاثات الكربونية. ويتوقف توقيت الارتفاع المقبل على قُدرة خام برنت قصيرة المدى على الإغلاق فوق حاجز ال 85.50 دولار للبرميل الواحد، في تصحيح بنسبة 61.8% عن عمليات التصفية للفترة ما بين 2012-2020، متبوعة بارتفاع لما فوق حاجز الذروة المزدوجة عند 86.75 دولار. ويبيّن الرسم البيانيّ أدناه بشكل متزايد ضرورة المرور بفترة استقرار أو تصحيح ربما، لكن لا يُمكن للأسعار أن تنخفض بشكل ملحوظ في ضوء توافر الأساسيات الاقتصادية إلّا نتيجة تطور أضخم من المتوقع في حالة متحور أوميكرون أو زيادة في الإنتاج.

تداولات الذهب

كما ارتفعت تداولات الذهب لينجح جزئياً في تعويض الخسائر المُسجلة خلال الأيام القليلة الأولى من الشهر، نتيجة الضعف الناجم عن ارتفاع عائدات سندات الخزينة الأمريكية. وتفاجأ البعض بقدرة الذهب على تحمُّل الارتفاع بنسبة 0.3% في عائدات السندات الأمريكية الحقيقية لأجل 10 أعوام في بداية العام، لكن توقعنا ذلك سابقاً بسبب تركيزنا على انخفاض سعر الذهب نسبياً مقابل العائدات الحقيقية المستمرة بالزيادة منذ يوليو الماضي. ومع تراجع هذه التأثيرات، حظي الذهب بدعم إضافي هذا الأسبوع من الدولار الضعيف ليس مقابل الين الياباني فحسب مدفوعاً بالتقلب في اتجاهات المخاطر، بل مقابل زوج عملات اليورو/الدولار القوي، والذي نجح في التحرر من مستوى المقاومة الفرعي عند 1.1400- بعد ارتفاع مؤشر الأسعار الاستهلاكية الأميركية لأعلى مستوياته منذ عقود.

وكان للعديد من التعليقات الداعمة لرفع أسعار الفائدة من مسؤولي الاحتياطي الفدرالي تأثيراً محدوداً على الذهب، الذي يُعد أكثر السلع الأساسية حساسية حيال أسعار الفائدة والدولار، حيث بيّنت لايل برينارد، المرشحة لمنصب نائب رئيس الاحتياطي الفدرالي، انفتاحها على فكرة رفع أسعار الفائدة في شهر مارس. ويؤكد هذا نظرتنا بأنّ سوق الذهب تبني قراراتها بالفعل على أساس رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة في عدة مناسبات اعتباراً من مارس المقبل. ونتوقع حدوث حالة أكثر توازناً بين المخاطر والمكاسب في سوق الذهب، على خلفية انقسام سوق السندات بين الزيادة المدفوعة من الاحتياطي الفدرالي في عائدات السندات وارتفاع مخاطر حدوث تباطؤ اقتصادي يصب في صالح السندات.

من ناحية أخرى، انحسر الأداء المتفوق للفضّة على إثر عمليات جني الأرباح المُسجلة في نهاية الأسبوع في أوساط المعادن الصناعية، وتحتاج الفضة الوصول إلى مستوى 23.41 دولار أولاً، في تصحيح بنسبة 50% لعمليات التصفية المسجلة بين نوفمبر وديسمبر، من أجل تحقيق التحسُّن والارتفاع نحو مستوى المقاومة عند 23.90 دولار. ومن ناحيته، نجح الذهب مُجدداً في إيجاد بعض الدعم عند مستوى ال 1800 دولار قبل الحصول على الدعم الأساسي عند 1777 دولار، ومن شأن أيّ زيادة فوق مستوى 1830-1835 دولار أن ترفع الذهب نحو حاجز ال 1850 دولار قبل العودة لأعلى مستوياته في شهر نوفمبر عند 1877 دولار.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"