عادي

الاقتصاد الإسلامي

23:06 مساء
قراءة 3 دقائق
أحمد حلمي

أحمد حلمي سيف النصر
يدهش كثير من الناس عندما نقول إن الاقتصاد والمال أساس هذا الدين، فالقرآن الكريم يقول: «المال والبنون زينة الحياة الدنيا» الكهف:46، ويقول: «وأمددناكم بأموال وبنين» الإسراء:6· يقول الشيخ محمد الغزالي، يرحمه الله: «إن الفقر لا يقيم دولة ولا أمة ولا ينصر دولة. وقلة ذات اليد لا تحمي شعباً، وحتى تنهض الأمة وتقوى، لابد من وجود المال والبنين، إن الإسلام دين عظيم يقول للإنسان: أنت سيد مستقبلك، أنت صانع مستقبلك في الدنيا والآخرة».

نبي الله يوسف، عليه السلام، كان عفيفاً نظيفاً وعندما طلب الولاية على خزائن الأرض لم يقل للملك اجعلني على خزائن الأرض لأني نظيف عفيف وإنما قال له: (إني حفيظ عليم) وذلك من مقومات العمل في الاقتصاد والمال.

النقود رؤوس أموال يتّجر بها لا فيها ووظيفتها أنها وسيلة للتبادل في الأموال وهي كل ما له قيمة، فالثمن معيار الأموال به تعرف قيمتها في التبادل، لأن للمال في الإسلام فلسفة خاصة تختلف عن أي نظام اقتصادي آخر، ففي النظام الماركسي نجد الملكية للدولة، ولذلك منعت الملكية الخاصة، وفي النظام الرأسمالي الملكية للفرد، يملك المال ويعطيه من يشاء ويوزعه على من يشاء وينفقه كيف يشاء. وكذلك وجدنا رجلاً في أوروبا ترك الملايين لكلبه، فالحرية في الاقتصاد الرأسمالي مطلقة، وإذا وجدت ملكيات عامة للدولة، فهذا مما يخالف النظام الرأسمالي.

ونظر بعض الناس إلى انهيار النظام الماركسي، واتجهوا إلى النظام الرأسمالي مع أن النظام الماركسي لا يختلف عن النظام الرأسمالي من حيث العيوب، فظهور الماركسية كان لسبب العيوب الموجودة في الرأسمالية، ولكن الماركسية جاءت أسوأ. أما المال في الإسلام فإنه يختلف عنه في كلا النظامين السابقين، فالملكية لله عز وجل: «وآتوهم من مال الله الذي آتاكم» النور:33· وأعطانا المال وبيَّن لنا كيف ننفقه «وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه» الحديد:7·

حد الكفاية

ويضمن الاقتصاد الإسلامي حد الكفاية لكل مسلم. وحد الكفاية، أو حد الغنى، نعني به المستوى اللائق للمعيشة، مما يختلف باختلاف الزمان والمكان لامجرد حد الكفاف واستيفاء الضرورات الأساسية للحياة. واصطلاح حد الكفاية، أو حد الغنى، وإن لم يرد صراحة في أحد نصوص القرآن الكريم أو السنَّة النبوية إلا أنه يستفاد من روح هذه النصوص وقد ورد صراحة في تعبيرات أئمة الإسلام وكذلك في مختلف كتب الفقه القديمة. يقول الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: «إذا أعطيتم فأغنوا». ويقول الخليفة الرابع علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: «إن الله فرض على الأغنياء في أموالهم بقدر ما يكفي فقراءهم». والكفاية تختلف باختلاف السعات والأحوال وقد جرى المثل العربي: صيانة النفس في كفايتها.

إن ضمان حد الكفاية لجميع الأفراد في المجتمع هو المقياس الحقيقي الذي تقوم عليه سياسة التوزيع في ظل النظام الاقتصادي الإسلامي ويصبح العمل هو الوسيلة الشرعية لملكية العامل نتيجة جهده. ويعطي المنهج الإسلامي أهمية كبيرة للعدالة في توزيع الدخول والثروات كهدف أساسي له، وقد تمثل ذلك في الزكاة وقسمة الفيء والغنيمة والميراث وتحريم الربا وفي نظام الكفارات والصدقات والنذور والقرض الحسن والهبة والمنحة والوقف والضيافة وتوزيع الأراضي وغير ذلك.

والمسلم ينفق المال تبعاً لنظرية الاستخلاف، وهذه النظرية تعني أن ملكية المال لله سبحانه، فالفرد في الإسلام له حرية التصرف والمنفعة بالمال في حدود الضوابط التي تتفق مع الشريعة، ومادام المال ملكاً لله فلابد أن يجمع بالطريق الذي يريدها سبحانه وتعالى، ويوزع بالطريقة التي يريدها· .

وبعد الكسب والتوزيع نجد الاستهلاك، فصاحب المال والمستخلف فيه من الله ليس له أن ينفق من هذا المال إلا بقدر حاجته «إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين» الإسراء:27· والاقتصاد الإسلامي ليس مجرد بنوك إسلامية، كما يظن بعضهم، ولكنه كل التوجيهات الإسلامية المتعلقة بالمال والمعيشة وتطبيقها في حياتنا.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"