عادي
الإنتاجية والتسويق تثقلان كاهلهم

مخترعون إماراتيون محاصرون بأعباء البراءة

00:42 صباحا
قراءة 4 دقائق
عبدالله الشحي يعرض اختراعاته في إحدى الفعاليات

تحقيق: حصة سيف

يحجم مخترعون مواطنون عن المضي قدماً باختراعاتهم، حتى ترى النور، وتصل إلى المستهلكين، منتجات وطنية بأيدٍ إماراتية، لتخدم الدولة و«البشرية»، نظراً للكُلفة المادية الباهظة، التي عليهم سدادها، حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، ثم الجهود الكبيرة، التي تستدعيها عمليات الإنتاج والتسويق والإدارة، ليقتصر دور كثير منهم على عرض اختراعاتهم تلك في معارض الابتكار، مع التخلي عن «حلم» إصدار براءة الاختراع لها وإنتاجها «منتجات تجارية».

عدد من المخترعين المواطنين أكدوا ل«الخليج» أن إنتاج الابتكارات أو «المخترعات» لمنتج استهلاكي أو تجاري، أو حتى إنساني في خدمة المجتمع، يحتاج إلى تسويق ودعم مادي، لا يقوى المخترع الإماراتي العادي على تحمله، بمعنى أدق هو بحاجة إلى عمل مؤسسي متكامل، فيما لا توجد مظلة أو جهة اتحادية متخصصة تتبنّى الاختراعات الوطنية الشابة، إلى أن تخرج من النفق المظلم وترى النور في السوق والمجتمع والواقع، لتظل حبيسة أيدي المخترعين وأدراجهم، مع عجز بعضهم عن عرض اختراعاتهم حتى في معارض الابتكار والمعارض، التي تهتم بالتكنولوجيا والأفكار الإبداعية.

صديق الأجهزة

عبد الله الشحي ( 44 عاماً)، أحد المخترعين في رأس الخيمة، دخل المجال منذ أن كان صغيراً، عشق الأسلاك الكهربائية، قاده فضوله العلمي إلى تفكيك كل جهاز منزلي يقع بين يديه، ليعيد أجزاءه لاحقاً إلى مكانها، ويتعرف إلى كيفية عملها، لم تسلم الساعات الكبيرة ولا أجهزة المذياع القديمة من بين يديه، حتى بات (صديقاً للأجهزة).

60 اختراعاً

درس هندسة الاتصالات، لكنه لم يعمل في تخصصه، تعين في عدد من الجهات الحكومية في المجال الإداري، ويعمل حالياً موظفاً في إحدى الجهات الحكومية في رأس الخيمة، وشارك أخيراً في منتدى متخصص للمخترعين في البرتغال.

الشحي أكد أن من أبرز اختراعاته استخدام الليزر للتنبيه إلى الضباب، واستخراج الديزل العضوي من زيت الطعام وزيت السيارة المحروق، وغيرها من الاختراعات، التي وصل عددها الإجمالي إلى ستين، ويعمل حالياً على تصنيع سيارة تعمل بالماء.

السجادة الطبية

يقول عبد الله: «سجلت 22 اختراعاً ضمن برنامج «تكامل» في أبوظبي، التابع لدائرة التنمية الاقتصادية، لا تزال تخضع للدراسة من البرنامج، وحصلت على جائزة الشرق الأوسط للاختراعات الطبية عن «السجادة الطبية»، التي تحتوي على إسعافات أولية وإرشادات للمسعف».

ليستمر الإبداع

وأوضح عبد الله أن المخترعين الإماراتيين لا يحظون بالقدر الكافي من الاهتمام، لتشجيعهم على مواصلة الإبداع والابتكار، ومتابعة العمل قدماً في تسجيل اختراعاتهم، ولا توجد مظلة شاملة أو جهة اتحادية محددة نعتب عليها، فيما يكلف تسجيل براءة الاختراع مئة ألف درهم أو يزيد، وعلى الرغم من أن إحدى الجهات تتكفل بدفع 90%، من كلفة تسجيل الاختراع، فإن 10% المتبقية مكلفة أيضاً على المخترع المواطن أوالمقيم.

كما يطلب إصدار شهادة براءة الاختراع دفع رسوم سنوية تقدر بثلاثة آلاف درهم سنوياً، والمبلغ قابل للزيادة لمدة عشرين عاماً، وفي حال عدم الدفع يسقط حقك في المحافظة على حقوقك «مخترعاً»، للمحافظة على براءة الاختراع.

موت سريري

المخترع الشحي، أكد أن إجراءات عدة على المخترع إنجازها بعد التسجيل، وهو ما يحتاج إلى جهود مضاعفة لتسويق المنتج، وهذا يحتاج أيضاً إلى مبالغ طائلة؛ لذا يحجم المخترع عن مواصلة الإبداع والاختراع، وتجده غير مهتم إن نفذت اختراعاته وتحولت إلى «منتج» متاح على أرض الواقع، أم آلت إلى «موت سريري»، أو ذهبت إلى مصير مجهول.

طبيبة الأسنان

د. وفاء البلوشي، طبيبة أسنان، وصاحبة اختراعات لأجهزة مستخدمة في خلع الأسنان، قالت: يحتاج المخترعون إلى توجيه علمي مهني نحو الطريق الصحيح لتسجيل اختراعاتهم، فالكثير منهم يعاني تسجيل براءة الاختراع «خطوة أولى»، وتسجيل براءة الاختراع يمتد إلى آفاق مختلفة ومتفاوتة، محلية وخليجية ودولية، وكثير من المخترعين لا يعرف ما أهمية كل نوع.

حاضنة للمخترع الإماراتي

البلوشي، أوضحت أن تسجيل البراءة يحتاج إلى محامي براءة اختراع، والكُلفة تكون باهظة، قد تصل إلى مئة ألف درهم، لكن بفضل الله، تعالى، هناك برنامج «تكامل» في أبوظبي، الذي يرعى المخترعين ويوفر لهم المحامي، لتقل كلفة تسجيل البراءة إلى حد كبير جداً، بتوفير تسعين في المئة من الكلفة على المخترع، ما يجعل البرنامج حاضنة للمخترعين.

وأكدت المخترعة الإماراتية أن تحويل الاختراع، بعد الحصول على «البراءة»، لمنتج حقيقي وخط إنتاج وتصنيعه والاحتفاء به منتجاً إماراتياً يصدر إلى الخارج، يحتاج إلى مهندسين من جميع التخصصات، لتسهيل التنفيذ، وتيسير عمل المخترع.

دعم منشود

نجاة العريضي، مخترعة «جهاز» في العناية الشخصية، رأت أن الاختراعات تحتاج كي ترى النور وتصل للمستهلكين إلى شركات ذات دعم مادي قوي؛ إذ إن مبالغ طائلة مطلوب دفعها في مراحل إنتاج «الاختراع»، لا يقوى المخترع على دفعها وتحمل كلفها؛ لذلك يتراجع الكثير من المخترعين عن متابعة إصدار اختراعاتهم وتحويلها إلى منتجات تصل إلى المستهلكين، لتبقى بين يدي «المخترع» فقط كعينة ملموسة.

2 إلى 4 أعوام

مستشارة قانونية في أحد مكاتب المحاماة، أكدت أن كلفة إصدار شهادة براءة الاختراع، محلياً أو خليجياً أو عالمياً، تتطلب من 50 إلى 70 ألف درهم، فضلاً عن الرسوم المكتبية والرسوم القانونية، وتستغرق إجراءات إصدار الشهادة من عامين إلى أربع سنوات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"