عادي
مفاهيم كونية في القرآن

المجرات وأنواعها

11:08 صباحا
قراءة 3 دقائق
حميد مجول

أ.د. حميد مجول النعيمي *

لنبدأ بالتعريف العام للمجرة: وهي تجمع هائل من النجوم ومختلف الأجرام السماوية الأخرى. وقد يطلق على المجرات التي تقع خارج مجرتنا سدم ما وراء المجرة، إذ يمكن مشاهدة أنواع مختلفة من هذه المجرّات بالعين المجردة، منها سحابتا ماجلان وهما من السحب المضيئة على شكل بقع تظهر في السماء الجنوبية، ومجرّة المرأة المتسلسلة، حيث تظهر كبقعة مشوشة للعين المجردة، ولكن باستعمال التلسكوب يمكن إماطة اللثام عن أعداد هائلة من المجرّات التي تبدو غير منتظمة التوزيع في الكون بسبب امتصاص غازات المجرات.

أما مجرتنا «درب التّبانة»، وأحياناً «درب اللبانة» أو«مسحل الكبش» وهي آية من آيات الله التي تحتوي على مجموعتنا الشمسية إضافة إلى مليارات النجوم والكواكب والسدم والسحب الغازية والغبارية السائبة، فهي المجرة الوسيطة بين الأدنى الكثير والأوسع القليل. وما كوكبنا الأرضي الذي نعيش عليه إلا جزء صغير جداً من المنظومة الشمسية، وهي جزء صغير جداً من مليارات النجوم في مجرتنا. وسنجد أيضاً، أن مجرتنا ما هي إلا إحدى الجزر النجمية العديدة التي يصل عددها إلى مئة مليار مجرة تسبح في الفضاء الكوني الهائل «وكل في فلك يسبحون». مجرتنا ماهي إلا قرص مستوٍ يحتوي على ما يقرب من ثلاثة أجزاء رئيسية تقريباً، هي الجزء المركزي، وهو انتفاخ شبه كروي يسمى نواة المجرة، والأذرع الحلزونية، وكذلك الإكليل أو الهالة التي تحيط بالقرص المجرّي تمتد إلى مسافات بعيدة جداً. بهذا الوصف الموجز وفي تفاصيل الشكل الذي تبدو عليه المجرة، تظهر الآية على نحو أعظم، إذ يبلغ القطر الكلي للمجرة نحو 100 ألف سنة ضوئية تقريباً، أما الشمس وأفرادها فإنها تقع في الذراع الوسطي لهذه المجرة وتبتعد بمقدار 30 ألف سنة ضوئية عن مركز المجرة. والجزء المركزي (النواة) لا يمكن مشاهدته بصريّاً وحتى بأكبر التلسكوبات بسبب وجود السحب الغازية الكثيفة الموجودة بين النجوم «وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ» الذاريات7، لكن دراسته تتم بالأشعة السينية والراديوية أو تحت الحمراء. والجزء المركزي عبارة عن نواة لامعة جداً تحتوي على عدد كبير من النجوم القريبة جداً بعضها من بعض، غير أن المسافات بين الأذرع الحلزونية كبيرة نسبياً. أما الهالة الموجودة حول النواة فإنها تتألف من عدد كبير من الحشود النجمية الكروية وتشير الدراسات الفلكية الحديثة إلى أن لب المجرة يحتوي على ثقب أسود كبير (نجم ميت).

على الرغم من وجود العديد من أنواع المجرات في الكون: الحلزونيات / اللولبيات، والإهليلجية (القطع الناقص)، والحلقية، وغير المنتظمة، ثم ثنائية التحدب «العدسية» وما إلى ذلك، فإنها موزعة على شكل حشود، وقد تم العثور على معظم أكبر المجرات المعروفة في الكون في قلوب مجموعات المجرات الضخمة، مثل مجموعة مجرات هرقل. ونظراً لأن المجرات تتجمع وتنمو عبر الزمن الكوني، فإن المجرات الأقرب، في المتوسط ​، من المرجح أن تكون أكبر المجرات التي نلاحظها اليوم.

أغلب المجرات هي من نوع المجرات الراديوية العملاقة والتي تمتد على أكبر مسافات كونية. وقد تم اكتشاف أكبر مجرة في الكون المرئي مؤخراً في فبراير/ شباط الماضي على بعد حوالي 3 مليارات سنة ضوئية وهي مجرة راديوية عملاقة (سميت السيَنوس Alcyoneus ) لتمتد عبر 16.3 مليون سنة ضوئية مما يجعلها أكبر مجرة ​​معروفة على الإطلاق ( 100 مرة تقريباً أكبر من مجرتنا)، في حين أن المجرة IC 1101 لا تزال تحمل الرقم القياسي لأكبر مجرة ​​من حيث مدى نجومها.

«إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ» الصافات 6، للتذكير والتبصير بإضافة أشياء جديدة إلى السماء الموجودة تزيدها جمالاً وبهجة. والكواكب هنا، تعني مختلف الأجرام السماوية المرئية بالعين المجردة (المجرات و النجوم و الكواكب...الخ ) بألوانها الزاهية ولمعانها الجميل.

في الواقع إن ما نتحدث عنه عن المجرات والسدم ونجومها وكواكبها وبقية أجرامها السماوية غازاتها وأتربتها الكونية؛ فإنما نتحدث عن الكون المرئي فقط (السماء الدنيا) الذي يعادل تقريباً 5% من الكون الحقيقي.

* مدير جامعة الشارقة

* رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"