عادي

الصمود في مواجهة المحن

22:22 مساء
قراءة 3 دقائق

احترام العلم مع الأخذ بالأسباب والعمل الجاد سبيل الأمم لمواجهة الجوائح والمحن والأزمات، في رأي د.مختار مرزوق عبدالرحيم، عميد كلية أصول الدين الأسبق بجامعة الأزهر، الذي يشير إلى أن الإسلام يحث على مواجهة كل ما يتعرض له الإنسان من شدائد عن طريق السعي والاجتهاد.

يقول عبدالرحيم: اتسمت دعوة النبي الكريم، صلى الله عليه وسلم بالأمل والتفاؤل، فكان يبث روح الأمل في قلوب أصحابه بمستقبل مشرق، لا يعرف اليأس ولا الإحباط، ويقول في الحديث الشريف «يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا». والمؤكد أن المحن والشدائد تنتهي بالصبر والعمل والصمود، وتبقى منها العبر والدروس المستفادة، والمسلم عليه أن يشارك في دفع هذه المحن عن مجتمعه، ويؤدي دوره في هذا المجال. ويضيف: وتعرضت دول العالم في الفترة الماضية لفيروس«كورونا»، وما زالت هناك توابع له، وكان الوعي إحدى أدوات المواجهة مع هذه الجائحة، والمجتمعات التي رسخت الوعي استطاعت تقليل المخاطر المجتمعية المصاحبة لهذه الجائحة.

ويذكر أن الوعي الصحيح بمنهج الإسلام في مواجهة الأوبئة والجوائح يعد منهج حياة، وأنه يجب التوعية بهذا المنهج من خلال غرس تعاليم الشريعة الإسلامية في هذا المجال، مؤكداً أن هذه المهمة تقع على عاتق علماء الدين، لإيضاح أن الإسلام يأمر بالعمل الجاد والأخذ بالأسباب، واحترام العلم، والبحث عن العلاج، كما يأمر في هذه الظروف بضرورة التكاتف والتعاون ومساعدة الضعفاء والمحتاجين، وتقديم يد العون للفقراء.

ويؤكد د.مختار عبدالرحيم أن الأمة التي تجعل من الأحداث التي مرت بها دافعاً قوياً إلى الأمل والعمل، وتستفيد من دروس مواجهة الأزمات والجوائح، هي التي تشق طريق العبور نحو مستقبل أفضل في عالم لا مكان فيه لمن لا يأخذون بأسباب الحياة بمنتهى الجد، مع اعتمادهم على الله، عز وجل، ولجوئهم إليه وحسن التوكل عليه سبحانه وتعالى، فالإنسان مأمور بالأخذ بأسباب الحياة مادام فيه نفس يتنفسه، ويقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف «إذا قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَلَّا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا»، فما أحوجنا إلى هذا التوازن بين عمارة الدنيا والأخذ بأسبابها، والعمل على مرضاة الله عز وجل.

ويشير إلى أنه من الأخذ بالأسباب في مواجهة الأزمات والجوائح تنفيذ التوجيهات التي تصدر عن مؤسسات الدولة الرسمية، والأخذ بالإجراءات الاحترازية التي وضعتها، مبيناً أن الحق سبحانه وتعالى يقول «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» الآية (59) سورة النساء، وهذا يعني ضرورة الأخذ بكل أسباب العلم حتى يحمي الإنسان نفسه وغيره. كذلك من الأخذ بأسباب العلم، حسب د.مختار عبدالرحيم، أن نلتزم بتوجيهات أهل الطب في مواجهة انتشار الأمراض والأوبئة، لأن هؤلاء هم أهل الذكر في هذا المجال، وهذا يعني أنه لا تناقض بين الإيمان والعلم، بل الخير أن نحسن الجمع بينهما، والأخذ بهما معاً، فالعلم قائم على الأخذ بالأسباب والإيمان يدعونا إلى الأخذ بأقصى الأسباب، والعلم الذي رغب فيه الإسلام يشمل كل عام ينفع الناس في شؤون دينهم ودنياهم، وعلينا ونحن نأخذ بالأسباب ألا ننسى خالق الأسباب والمسببات، وعلينا الأخذ بالأسباب والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى وأن نذكره سبحانه وتعالى في كل أحوالنا كما أمرنا، وأن نكثر من الصدقات أثناء المحن والشدائد، وتقديم العون والمساعدة للضعفاء والمحتاجين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"