نكهة أنثوية

23:45 مساء
قراءة 3 دقائق

عثمان حسن
ما زال مصطلح «الحركة الأدبية النسوية» إلى اليوم مصطلحاً شائكاً في الدراسات الأدبية الأكاديمية، فهو بكل تأكيد مصطلح «قديم وحديث» في حقل الدراسات النقدية، كما يتقاطع مع كل ما هو اجتماعي، وسياسي، وجندري، ويتقاطع أو يختلف مع مدارس منهجية عدة، أمريكية وإنجليزية وفرنسية، وغيرها.

غير أن الراجح في تلك الدراسات، هو الاتفاق على موجتين في النقد النسوي، نشأتا في الأساس بإلحاح المطالب الاجتماعية التي تنادي بضرورة المساواة بين الرجل والمرأة في التعليم والصحة والتمثيل الثقافي والسياسي وغير ذلك، وقد أرخت هذه الموجات بالفعل لتطور الحركة النسوية النقدية وسياقاتها الفكرية والأدبية، مع بعض الفروق والاختلافات حول تأريخ هذه الحركة؛ حيث يؤكد بعض النقاد أن أول حركة نسوية تعود جذورها إلى عصر التنوير في بدايات القرن الثامن عشر، مع بروز الجدل حول طبيعة المرأة، والتسلسل الهرمي بين الجنسين، وظهور النسوية كونها تعد خطاباً نقدياً جديداً في التصنيفات الفلسفية المعاصرة، واستخدام النساء لفكر بعض الكتّاب والمؤلفين؛ مثل جان جاك روسو.

وهناك دراسات أمريكية، تؤرخ للموجة الأولى، تزامناً مع حركة المرأة، أو حركة تحريرها في الولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا على مدار القرن التاسع عشر حتى بدايات القرن العشرين.. وهناك التسلسل الزمني الأوروبي، الذي يؤرخ للحركة النقدية النسوية مع بدايات مناداة هذه الحركة لمنح المرأة حق الاقتراع، وحقها في الاقتراع والتعليم.

بكل الأحوال، ثمة اتفاق بين المؤرخين على أن التاريخ الحقيقي لولادة نقد نسوي متطور، ومتنوع، ومختلف، تزامن مع ستينات القرن الفائت، كانت إرهاصات هذا النقد قد شهدت تطوراً على صعيد المنهج، منذ أن أصدرت الناقدة الأمريكية بيتي فريدان (1921 – 2006) كتابها الشهير «اللغز الأنثوي»... وفريدان بحسب النقاد، فتحت آفاقاً منهجية وسياسية للنقد النسوي، ما تطور في سبعينات وثمانينات القرن بالمدارس النقدية والمنهجية السائدة، ما بعد البنيوية والتفكيكية والماركسية، وأيضاً النفسية نموذجاً.

في تلك الفترة تأسست الموجة النسوية النقدية الثانية، بما تحمله من هموم اجتماعية، لمفاهيم نقدية واجتماعية وفكرية أكثر تطوراً، وفي هذا المقام، فقد كانت نهاية ستينات القرن الفائت حتى مطلع السبعينات حاسمة كما تكتب «ماري إيفانز» التي تشير إلى تحول في القضايا السياسية الرئيسية للفكر النسوي.

يعود الفضل في الموجة الثانية لكاتبات وناقدات معروفات مثل: فرجينيا وولف، سيمون دي بوفار، وجوليا كريستفيا وغيرهن، ويضاف إلى هذا، رصيد وافر مما استطاعت الحركة النقدية النسوية بالعموم أن تحققه على مستوى العالم.

في الحقيقة، يمكن القول إن حركة النقد النسوية على مستوى العالم، قد حققت الكثير من أهدافها، وقد كان لها امتدادات أفقية وعمودية في المنطقة العربية، التي استفادت بدورها من رصيدها الثقافي والفكري، وقد تمثلت تجلياتها في الكثير من نماذج القوة الناعمة، في الأدب (شعر وقصة ورواية ودراسات وأبحاث) وفي الفنون (تشكيل ومسرح وموسيقى..).

لقد تحول الحراك النقدي النسوي، إلى بؤرة نشطة، تحاول اكتساب معارف جديدة، وفي العمق، فقد كانت النظريات النقدية، وما تحمله من أبعاد ثقافية على مستوى اللغة، والمنهج، والتحليل، قد سمحت للنساء بتبني أطروحات ذات مغزى وخصوصية، أسهمت بدورها في تغيير أنماط التفكير السائدة، فاحتلت المرأة الناقدة موقعها في المراكز والأكاديميات المتقدمة، وقد أصبح لتجربة النقد النسوي دورها الملحوظ في الإسهام المعرفي، فضلاً عما أحرزته في الحقول السياسية والاجتماعية، وما يخص تمثيلات قضايا المرأة بالخصوص في كافة الحقول المشار إليها آنفاً.

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب وشاعر وصحفي أردني، عمل في الصحافة الأردنية / في القسم الثقافي بجريدة الدستور ، ويعمل اليوم محررا في جريدة الخليج الإماراتية / القسم الثقافي، صدرت له عدة كتب في الشعر بينها: "ظلال" ، وردة الهذيان / ، وكبرياء الصفة / ، كما صدر له كتاب في الإمارات بعنوان "محطات حوارية مع وجوه ثقافية إماراتية" .
له كتاب مترجم غير منشور/ قصائد عن الإنجليزية، نشرت بعض هذه القصائد في "ثقافة الدستور" وفي مواقع إلكترونية محكمة مثل موقع "جهة الشعر.
شارك في أماسي وملتقيات شعرية عربية كثيرة، وقد قدمت حول نتاجاته الأدبية الكثير من القراءات النقدية.
عضو رابطة الكتاب الأردنيين ، وعضو نقابة الصحفيين الأردنيين.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"