هل تلوح أزمة غذاء عالميـة فـي الأفـق؟

21:57 مساء
قراءة 3 دقائق

الدكتور رامي كمال النسور *

منذ أن بدأت أزمة كورونا كان جلياً أن من أهم الأمور التي كانت الدول تتسابق في توفيرها بعد العلاج واللقاحات توفير الغذاء لشعوبها وتواصل سلاسل إمداد الغذاء.
وبعد مرور 100 يوم على الأزمة بين روسيا وأوكرانيا ظهرت بوادر تراجعات حادة في إمدادات الغذاء وخاصة حبوب القمح وعباد الشمس والأسمدة مصحوبة بارتفاع شديد في الأسعار.
والحقيقة أن الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية يتهم روسيا بأنها وراء هذه الأزمة من خلال أنها قد منعت تصدير القمح الأوكراني؛ إذ تذكر المصادر أنه يوجد في المستودعات الأوكرانية 22 مليون طن قمح تعجز عن تصديرها ومن خلال أنها توقفت هي نفسها عن تصدير القمح إلا للدول التي صنفتها بأنها دول صديقة.
وقبل أن أجيب عن سؤال الوارد في عنوان هذا المقال أود أن أذكر معلومات عن إنتاج القمح في العالم الغذاء الأساسي لكثير من شعوب العالم بما فيها دولنا العربية.
فالعالم يحتاج كل سنة إلى 800 مليون طن من القمح والعجز العالمي للقمح يبلغ 530 مليون طن وهذا العجز تتم تغطيته من الدول ذات الفائض في إنتاجه أو من خلال مصادر الغذاء الأخرى. 
والآن إضافة إلى الحرب في أوكرانيا فإن أسباباً أخرى أدت إلى ارتفاع أسعار القمح مثل ارتفاع أسعار الطاقة وموجات الحر والجفاف في بعض الدول وتراجع سلاسل الإمداد نتيجة جائحة كورونا مما ترتب عليه أن الكثير من الدول الفقيرة تتضرر بشكل أكبر من الأزمة بسبب اعتمادها على روسيا وأوكرانيا لتغطية الجزء الأكبر من القمح.
وهنا طرحت الأمم المتحدة العديد من الحلول لهذه الأزمة مثل دعم صغار المزارعين وتعزيز استثمارات الدول الصناعية في برامج الأغذية الدولية وتعديل الثقافة الغذائية للحد من الاعتماد على مصادر ثابتة للغذاء. كما رشح مؤخراً أن طرحت روسيا حلاً للأزمة وهو ما يسمى ببرنامج رفع العقوبات عنها والنفط مقابل الغذاء العالمي؛ بحيث ترفع العقوبات عن روسيا مقابل تصدير روسيا للحبوب والأسمدة لكل دول العالم، وقد قالت روسيا إن فتح ميناء ماريوبول الأوكراني من قبلها لتصدير القمح هو بادرة حسن نية منها خاصة في ظل استمرار اتهام الغرب وأمريكا لروسيا بأنها هي السبب في هذه الأزمة.
والحقيقة أن الواقع يشير إلى أن قبول مثل هذه المبادرة في طريقه إلى التنفيذ خاصة أن دول أوروبا مثل فرنسا التي تعد من أكثر شعوب أوروبا استهلاكاً للخبز وكذلك لحاجتها وبقية دول أوروبا إلى الطاقة الروسية سواء النفط أو الغاز.
والحقيقة وفي هذا الصدد يحضرني هنا التعامل الحكيم لدولة الإمارات مع هذه الأزمة، وأضف إلى ذلك اتفاقية الشراكة المتكاملة في الصناعة بين الإمارات والأردن ومصر من أجل تنمية اقتصادية مستدامة تتضمن الاستثمار في قطاعات ومنها الغذاء؛ حيث إنه توجد فرصة لزيادة إنتاج القمح والذرة في الدول الثلاث من 16,5 مليون طن إلى 30 مليون طن سنوياً.
لا أتوقع حدوث أزمة حقيقية في إمدادات القمح نتيجة أنه ليست من مصلحة أحد في العالم أن تستمر مثل هذه الأزمة؛ حيث إن الجميع سيكون خاسراً فيها، لكن لا أتوقع أن تتراجع الأسعار إلى ما كانت عليه لعدة أسباب. أولها التضخم الجارف في الاقتصاد الأمريكي والذي سينتقل لا شك أثره إلى جميع أنحاء العام وقد بدأ هذا فعلياً، وكذلك الارتفاع الحاد في أسعار البترول ومصادر الطاقة، إضافة إلى ممارسات المضاربين على مستوى العالم في كل مجالات الحياة؛ حيث إن معظمهم يستغل مثل هذه الأزمات.
أما مدى ومدة استمرار هذا الأمر فأملنا أن ينتهي قبل نهاية العام الحالي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مستشار الأسواق المالية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"