فلسفة الضمير الكوني

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

كيف يمكن أن يختصر إنسان حكاية هي أبعد من الخيال؟ يجيبنا عن هذا السؤال كتاب يحمل عنوان «زايد، الضمير الكوني» لمؤلفه المفكر الإماراتي الأستاذ علي أبو الريش، الذي يطرح قصة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لا كما تبدو في الذهنية الإماراتية وحسب، بل ومن خلال عيون الفلسفة ومناهجها التي تتناول الإنسان وتطور وعيه وقدرته على تسخير الداخل قبل الخارج، ليكون قطباً مميزاً في هذا الوجود. فما هي قصة زايد كما ترويها الفلسفة؟
«أن تكون أو لا تكون» ملهاة شكسبير التي دخلت من البشرية إلى منطقة التأمل في معرفة النفس التي تؤدي إلى تحفيز إدراكنا الفطري للعالم، وهذا ما جعل الشيخ زايد، رحمه الله، شخصية مهيّأة دائماً للتسامح، انطلاقاً من فهمه العميق لكل شيء حوله.
كيف يمكننا الوصول إلى هذا المستوى من التخلص من الألم النفسي المحرض على العنف ورفض الآخر؟ ينطلق الكاتب من فكرة موجودة في فلسفة الزن، وهي قائمة على حقائق أربع: الأولى استعدادنا للألم الذي يجب أن تقابله حالة إفراغ قصوى للألم، الثانية تتمثل في أن الجهل أحد أسباب التعلق بالدنيا التي تحتاج إلى معرفة بالألم وبطريقة القضاء عليه، الثالثة هي أن الوصول إلى السكينة يحتاج إلى التخلص من التصورات الخطأ والقضاء على التسلط الذهني، وأخيراً الحقيقة الرابعة التي تتمثل في ضرورة إيجاد نظام للحياة والتفكير من بين أدواته التربية الأخلاقية.
حضور الوعي، محور آخر يتجلى لدى الشيخ زايد، رحمه الله، في التفكير بالآخر بعيداً عن التعصب، ومصدر ذلك حياته في مملكة الصحراء حيث الفطرة على امتداد البصر والبصيرة، مما ساهم في اكتمال نموه النفسي وانعكس حتى في شعره، حيث المعاني الثرية بالرقة والألفة وحنان التاريخ الإنساني على مر العصور، «فقد كان رحمه الله يمارس حباً وجودياً حقيقياً، لكنه اعتبر الصدق في الحياة ناموس وجود».
أما التفكير في الممكن وعيش اللحظة، فهو أحد مستويات «الضمير الكوني» البارزة، وهو عكس ما يستشري في بشريتنا هذه الأيام، حيث نعيش معظم أوقاتنا في منطقة «اللاممكن»، حيث تنهار دول وأنظمة وتاريخ إنساني تحول هو الآخر إلى رهينة للمجهول. لقد كان يراوده حلم الأماكن المرتفعة حيث الإطلالة الأكثر وضوحاً على الفرص والإمكانات، وفي ذلك حكمة كانت تأتي من تجاوز الزمن الذي كان سمة واضحة في شخصية الشيخ زايد الكريم، طيب الله ثراه، وهو السلوك المشروط بأهداف وطموح عظيم، كان هو الدافع الأساسي وراء هذا البناء الإنساني والعمراني في دولة الاتحاد.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"