المرونة من أجل السلامة المؤسسية

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

يعيش العالم كثيراً من التقلبات، يواجهها البعض بثبات وحكمة، بينما ينهار البعض الآخر بطريقة لا يمكن النهوض بعدها، وهناك الكثير من الأمور التي اكتشفتها المؤسسات، خاصة بعد مرورها بأزمات صحية واقتصادية، والأخيرة تظهر إحدى بوادرها في تحدي «الانكماش المالي»، فما الذي يجب أن تراهن عليه المؤسسات في وقت الأزمات؟ وكيف يمكن أن تحافظ على تماسكها من خلال تقوية «عضلة المرونة»؟
إن تجربتنا مع أزمة كوفيد -19 قدمت الكثير من الدروس للمؤسسات عن طريقة عملها وأنظمتها، لخصتها شركة ماكنزي للأبحاث، من خلال ورقة بحثية أخيرة حملت عنوان: «المرونة من أجل تحقيق الاستدامة والشمولية» وأهمها: إدارة الاضطرابات قبل إدارة الاستمرارية، لا يوجد حل واحد ونهائي للمشكلات التي تولدها الاضطرابات، لا يمكن الاعتماد على الشبكات في تجاوز العقبات، فهي قد تحمل الكثير من الاعتمادية التي تصعد الأزمات، بدل أن تسهم في تجاوزها، إضافة إلى أن الاستعداد للتعامل مع التحديات المستقبلية لا يعتمد على الاستعداد المالي وحسب، بل هناك شيء أكثر جوهرية يتمثل في الثقافة المؤسسية.
تثبت مقولة «المؤسسات تتناول الثقافة على الإفطار» صحتها يوماً بعد يوم، وخصوصاً في ما يتعلق بالنظر إلى مفاهيم أكثر عمقاً مثل «المرونة»، والتي تفسر على أنها «القدرة على التعافي بسرعة من الصعوبات» وبالتحديد في تلك الأوقات التي يتداخل فيها الكثير من التحديات بشكل غير متجانس، فمشكلة المناخ والانكماش المالي والاضطرابات السياسية، تشكل كرة ثلج قد تضرب في أي اتجاه، والمتضرر الأول هو الفرد، ما يستدعي جهوداً عالمية متكاتفة لتحديد نموذج عمل قابل للتطبيق في القطاعات الحكومية والخاصة، والهدف تعزيز الاستدامة والشمولية في المجتمعات.
إن قيمة المرونة تترافق بالضرورة مع «عدم اليقين»، ما يجعل قياس هذه القدرات في البيئة المؤسسية صعباً بالنسبة للقادة، والذين عليهم اتخاذ قرارات أصعب بممارسة فعل الوقاية بدلاً من العلاج في هذه الحالة، تحقيقاً للتماسك المؤسسي في فترة الأزمات، ولهذا جاء مشروع «اتحاد المرونة» التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي، والذي يقدّم صياغة لنموذج عمل للمرونة المؤسسية، جامعاً لقادة القطاعات الخاصة والعامة، من أجل تحقيق أهداف نمو الجودة، والأهداف المناخية والنمو الشامل، وردم فجوات المساواة.
في هذا السياق يمكننا النظر إلى قيمة المرونة المطلوب تعزيزها في بيئات العمل، بأنها الموقف الاستراتيجي الذي تتخذه المؤسسات، لتحقيق نمو طويل الأجل ومستدام وشامل للموارد البشرية والمالية والتقنية، بالاعتماد على فكرة رئيسية وهي المرونة التجارية والاقتصادية والاجتماعية مترابطة، وتتأثر بمواضيع تعمل على تشكيل المستقبل وأهمها: التعليم، المرونة الرقمية، والصحة، بأبعادها المختلفة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"