عادي

إنهاء عصر النقص

21:44 مساء
قراءة 3 دقائق
رؤى وأفكار
رؤى وأفكار

«بروجيكت سينديكيت»

التصاعد الحالي في الأزمات المتعددة والمتشابكة، مثل الكوارث المرتبطة بالمناخ والجائحة والحرب في أوروبا والتضخم المصحوب بالركود، يزيد من القلق وحالة عدم اليقين في العالم. والحلول التقليدية لم تعد صالحة، والسياسيون لديهم القليل من الحلول المقنعة، والمؤسسات الحالية في حالة ارتباك، والحضارة العالمية تشهد تحولاً كبيراً وعلى نطاق غير مسبوق.

وتتعرض كل واحدة من القطاعات الخمسة التأسيسية والتي تحدد معاً أي حضارة، مثل الطاقة والنقل والطعام والمعلومات والمواد، لتغييرات تقنية كبيرة وسريعة. وهذه الثورة تؤشر إلى نهاية الصناعات الاستخراجية المسيطرة اليوم، والتي تدخل في دوامة اقتصادية مميتة تزيد من البطالة وعدم المساواة والاضطرابات الأهلية.

لكن «تحول المرحلة العالمية» هذا يضع كذلك الأسس لدورة حياة حضارية جديدة. وتؤثر التغييرات التقنية الكبيرة التي تهدف إلى التخفيف من تغير المناخ بشكل أكثر مباشرة في ثلاثة قطاعات أساسية، هي: الطاقة والنقل والغذاء، والتي تمثل مجتمعة 90 % من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية.

وتتأثر طاقة الوقود الأحفوري بشكل كبير بسبب الإمكانات الكبيرة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح والبطاريات. وسوف تتفوق المركبات الكهربائية على المركبات المملوكة للأشخاص والتي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي، وتستهلك كميات كبيرة من الغازات وفي نهاية المطاف سوف تتفوق عليها أيضاً المركبات الكهربائية المستقلة. وقد بدأت تربية الماشية وصيد الأسماك التجاري تنقلب رأساً على عقب بسبب التخمير الدقيق والزراعة الخلوية، ما يسمح لنا بتخمير وبرمجة جميع أنواع البروتينات من دون قتل الحيوانات.

وتتبع جميع التقنيات التي تغير الأوضاع بشكل كبير نفس حلقة التعلم بالممارسة، ومع انخفاض التكاليف بشكل كبير، يتسارع اعتمادها حتى تهيمن على السوق. وعندما تصبح هذه التقنيات أرخص بعشر مرات من التكنولوجيا الحالية فإنها تحل محلها بسرعة. وتم تعطيل عمل الخيول من قِبل السيارات، والخطوط الأرضية من الهواتف الذكية، وأفلام التصوير من الكاميرات الرقمية، في غضون 10-15 عاماً.

ولا يعني التعطيل والتغيير الكبير تبديل شيء بآخر، بل يؤدي عوضاً عن ذلك إلى أنظمة جديدة تماماً، وبخصائص مميزة، فلأول مرة في تاريخنا، تحدد التقنيات الناشئة طريقاً واضحاً لإنهاء عصر النقص.

لقد أصبح النفط والغاز والفحم أكثر كلفة وأقل فعالية، فقيمة الطاقة التي تنتجها مقارنة بالطاقة التي تستخدمها قد انخفضت بأكثر من النصف خلال العقدين الماضيين، ولكن العكس هو الصحيح بالنسبة للبطاريات، حيث يزيد عائد الطاقة على الاستثمار في البطاريات بشكل كبير.

إن التأثيرات المتتالية المماثلة غير البديهية سوف تفيد قطاع النقل. وتُظهر منحنيات كلفة السيارات الكهربائية والسيارات الكهربائية المستقلة أن طلب التوصيل إلى مكان ما من خلال نظام «النقل كخدمة» سيصبح أرخص بنحو عشر مرات، مقارنة بامتلاك وإدارة سيارتك الخاصة بحلول العقد الرابع من هذا القرن، ونتيجة لذلك لن يكون في الخدمة سوى جزء بسيط من المركبات التي نستخدمها الآن، ونظراً لأن البطاريات ونظام النقل كخدمة يستلزمان نسبة ضئيلة من الطلب على تخزين البطاريات الذي يتوقعه معظم المحللين التقليديين، فإن استهلاك المعادن المهمة اللازمة لإنتاج البطاريات سيكون أقل بكثير مما كان متوقعاً.

وستؤدي هذه التغييرات الكبيرة إلى تقادم البنية التحتية الكاملة لأنظمة الطاقة والنقل والغذاء القائمة على الوقود الأحفوري حيث يشمل ذلك حقول النفط ومحطات الغاز وخطوط الأنابيب ومحطات الطاقة التي تعمل بالفحم، فضلاً عن شبكات النقل والإمداد العالمية للوقود الأحفوري والماشية، ومنتجات تلك الماشية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"