المهم ثقافة إنسانية حرّة

خلال مشاركة الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي في معرض المكسيك الدولي للكتاب أشارت إلى نقطة بالغة الأهمية في ما يتعلق بالترجمة بشكل خاص، وهي قالت إن المكسيك والبرازيل قدّمتا نموذجين مثاليين عن الأسواق الصاعدة التي ستلعب دوراً أكبر في صناعة النشر العالمية، وبيّنت أن الترجمة تمثل ضرورة حيوية للتوسع خارج الأسواق المحلية والإقليمية، وقالت الشيخة بدور إن التحديات التي تواجه قطاع النشر يمكن التغلّب عليها بالاهتمام بالترجمة.
نصغي جيداً لأفكار الشيخة بدور رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين من زاويتين.. الأولى أن الترجمة باتت اليوم، وبخاصة ترجمة الأدب تشكل انفتاحاً ثقافياً وجمالياً وإبداعياً على العالم من خلال اللغات الحية المتداولة في قطاع الترجمة: الإنجليزية، الفرنسية، الألمانية، الروسية، غير أننا نتحدث الآن عن الإسبانية اللغة التي برع في نقلها إلى العربية العديد من كبار المترجمين العرب منهم العلم الترجماني صالح علماني.
من هنا نربط بين ترجمة الأدب المكتوب بالإسبانية أو أدب المكسيك والبرازيل بخاصة، والأسواق الصاعدة في صناعة النشر العالمية التي أشارت إليها الشيخة بدور القاسمي.
عرفنا مبكراً جورجي آمادو الروائي البرازيلي الأكثر ترجمة إلى العربية، وعرفنا باولو كويلهو، وفيريرا غولار، والعشرات بل المئات من الشعراء البرازيليين الذين جرى نقل نتاجهم إلى العربية باجتهادات ترجمانية كثيرة بخاصة في مواقع إلكترونية: ميلو نيتو، كارلوس دروموند، أنجليكا فريتاس، وغيرهم الكثير من الشعراء والشاعرات.
الشعر والرواية والأدب عموماً في المكسيك من أكثر الآداب ترجمة إلى العربية من الإسبانية: وبخاصة أوكتافيو باث الحائز على نوبل في عام 1990، وخارج المكسيك والبرازيل يعرف العرب جيداً: ماركيز، وماريو فارغاس يوسا، والعشرات بل المئات من كتّاب أمريكا اللّاتينية، الذين يجد العربي في قراءتهم شيئاً من ذاته أو تكوينه العاطفي إذا شئت، نظراً للتقارب التلقائي في روح الكتابة بين الإسبانية والعربية، ونتذكر هنا أن نحو 8 آلاف كلمة في اللغة الإسبانية تحمل إيقاعات وأصواتاً من اللغة العربية.
الترجمة، أو صناعة النشر أو سوق الكتاب.. كلّها في النهاية فضاءات عالمية مفتوحة للتعاون المشترك في إنتاج ثقافة القيم الجميلة بين الشعوب سواءً أكانت هذه الشعوب تنتمي للشمال أو للجنوب، أو تنتمي للشرق أو للغرب.. المهم الثقافة الإنسانية الحرّة.