ما هو ارتفاع أكتاف العملاق؟

23:12 مساء
قراءة 3 دقائق

د. عبدالعظيم حنفي *

مع تسعينات القرن الماضي كانت هناك اكتشافات لابد أن تكتشف وسمعات طيبة لابد أن تكتسب. كانت الأفكار الحديثة بمثابة الشراب المقوي والمنشط للشباب. تم توظيف النماذج الجديدة لنمو المعرفة في حملة تشبه التنقل بين الجزر في حملة عظيمة. كالعمل على زرع علم للتطبيق هنا، وعرض أهمية ما هناك، وإنشاء منطقة للتدريج، والانتهاء بعمل عرض مقنع. وكانت الأسباب المعطاة لتفضيل العمل الجديد هي الأسباب المعتادة. فقد عرضت هذه النماذج مشاكل لم يستطع النمو القديم أن يتعامل معها ويقوم بحلها، وتوقعت مشاكل لم يدركها النمو القديم. وقد أوضحت ما كان غير واضح في السابق. وسرعان ما ذهب أذكى الفتيان في الاقتصاد الكلى إلى العمل، لاستقصاء العلاقة بين الحجم والتخصص. وظهرت أفكار التنوع الصناعي. بدلاً من التخصص، لأنه على ما يبدو أن أكثر انتقالات المعرفة أهمية عادة ما تأتى من خارج الصناعة الأساسية. لم يدافع أحد من الاقتصاديين عن قصة التنوع بالرغم من وجود بعض المناقشات حولها في كتابات «ألفريد مارشال».
وقد شهدت أوائل التسعينات من القرن الماضي كثيراً من الأوراق البحثية الإبداعية. مثل «قد يكون شومبيتر محقاً» «Right Schumpeter Might Be» كان هذا هو عنوان دراسة «روبرت كينج وروس ليفين» «حول أهمية التمويل للنمو». وفي ورقة ما هو ارتفاع أكتاف العملاق؟ «How High are the Giant›s Shoulders». بدأ كل من «ریكاردوكاباليرو و آدم جاف» في قياس انتشار المعرفة. وسأل كل من تورستين بيرسون وجويدو تابلينى سؤالاً إيحائياً، هل عدم المساواة هو أمر ضار بالنمو؟ «وسرعان ما أكد كل من ألبرتو ألسينا ودانى رودريك «على نتائجهما وهى أن: التوزيع السيئ يؤدى إلى تباطؤ النمو عن طريق المعدلات الضريبية المصادرة لرأس المال البشرى. ثم بدأ دارون آسيموغلو وجيمس روبنسون في استقصاء مطول عن ميراث المؤسسات الاستعمارية، والذى بلغ ذروته في الكتاب المرجعي، «الأصول الاقتصادية للدكتاتورية والديمقراطية». وفي نفس الوقت زاد الحماس حول مزيد من المجالات الحضارية التى كانت الشبكات مرتبطة فيها على ما يبدو بالبنوك، والنقود نفسها، واللغة والدين والقواعد والمهارات التى صنفت بشكل لا إداري على أنها رأس مال اجتماعي. أصبح ينظر إلى أنواع كثيرة من البنوك المفضلة ( Favor Bank )على أنها شبكات لعبت فيها المؤثرات الخارجية دوراً كبيراً. وقبل وقت طويل كان اقتصاديو الاقتصاد الكلى والجزئي يقرأون نفس الكتب، ك1تب حول التغيير المؤسسي والتاريخي، والتي لم يكونوا قد قرأوها من قبل.
كان الاقتصاد الكلى يتحرك متجاوزاً التثبيت، والسياسة التجارية والمعدل الحدي للضرائب. أما الاقتصاد الجزئي فقد كان يتحرك متجاوزاً المنظمة الصناعية. وتحولت اقتصاديات التنمية بشكل خاص. وأكدت نظرية النمو القديمة لمدة خمسين عاماً أن المساعدات الخارجية تسد الفجوة بين الادخار والاستثمار أو التعليم أو تحديد النسل. ولكن كما كتب ويليام إيسترلى William Easterly ، في السعي وراء مراوغات للنمو: مغامرات الاقتصاديين ومشاكلهم في الموضوع أنه لم تعمل أي من هذه الوصفات العلاجية، كما وعدت، لأنه لم تكن لدى جميع المشاركين في خلق النمو الاقتصادي الدوافع الصحيحة. ركزت نظرية النمو الحديثة على موضوعات كانت بعيدة عن مركز الضوء في الماضي، كأهمية المؤسسات، والمؤسسات القانونية بشكل خاص، ودور المؤسسات متعددة الجنسيات في نقل المعرفة. ومزايا التصدير بين المقاطعات أو البلاد المحاطة بالأراضي الأجنبية كوسيلة لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر للدول النامية و أهمية الفساد كوسيلة لصد هذا الاستثمار، الإمكانيات الكامنة في الإقراض الصغير، وأهمية الجغرافيا والمناخ والأمراض كمحددات أساسية لابد من تناولها بالدراسة. وما إلى ذلك. وسرعان ما أصبح عشرات الاقتصاديين يعملون على مختلف أنواع الزوايا والموضوعات.
* كاتب مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4cfd68jm

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"