ظواهر جديدة

01:18 صباحا
قراءة دقيقتين

من الظواهر الجديدة التي رافقت حياتنا اليوم، ظاهرة اقتناء الأطفال والمراهقين لأجهزة الهواتف الذكية، وتشجيع الأسرة لهذه السلوك ظناً منها أنها مجرد أدوات تسلية تشغل أبناءهم وتلهيهم، بل وتسكتهم دون مراعاة للجوانب السلبية الأخرى في هذا الأمر، والتي خرجت عن نطاق مشاهدة الفيديوهات ومقاطع الرسوم، لتصل إلى مطالعة وسائل التواصل الاجتماعي، وفتح حسابات فيها، والانشغال بها وبمحتواها الذي لا يناسب أعمارهم.

تلك الأجهزة التي تسرق أبناءنا منّا بدأت بالتأثير في سلوكياتهم، بكل أسف، حتى وصل كثير منهم إلى الحدود العليا من الاستخدام المفرط لها، وبدأت الآثار السلبية تظهر على تركيبة الطفل النفسية والاجتماعية، وصولاً إلى تسببها بأمراض نفسية وحتى عضوية، في حين أن الآباء يشاهدون هذه الآثار، لكنهم لا يقيمون لها وزناً، ظناً منهم أنها عادية وستزول مع الأيام، لكن مع الأسف هي في الحقيقة تتطور.

ورغم أن هناك الكثير من الإعدادات والبرمجيات التي تكفل التحكم بالمحتوى، وعدد ساعات الاستخدام، إلا أنها لا تجد من يطبقها أو يلجأ إليها، للتحكم في هذا الأمر، لذلك وصل الأمر بهؤلاء الصغار إلى فتح حسابات خاصة بهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وبتشجيع من الآباء في كثير من الأحيان، وهم اليوم يتعرضون لكثير من الرسائل والتأثيرات والتقليعات التي من المفترض ألا يتعرضوا لها، لكن الحقيقة تقول إن عناصر التحكم والرقابة بدأت تتلاشى، ليحصل الأطفال والمراهقون على كامل الصلاحيات في ساعات الاستخدام والولوج إلى المحتوى، بل إن كثيراً منهم يملك أجهزة حديثة خاصة به، بدلاً من استعارة أجهزة الوالدين التي كانت تحدث في السابق.

ثمة أمور يجب أن تعود إلى نصابها الصحيح في هذا الموضوع، منها التركيز على أهمية العلاقة بين الأطفال ووالديهم، وعدم السماح لتلك الأجهزة أن تكون طرفاً في ذلك، حيث باتت تلك الأجهزة تختطف تلك العلاقة، وتسحب كثيراً من الأدوار التي من المفترض أن تلعبها الأسرة، ناهيك عن تأثيراتها في الفكر والإبداع، وتسببها في عدم حصول الأطفال على القسط الصحيح من النوم والراحة، إلى جانب إيذاء العيون، جراء النظر في تلك الشاشات لساعات طوال، واكتساب كثير من العادات والظواهر السلبية وتقليدها وإعاقة القدرة على التعلم الصحيح.

كان الله في عون أبناء الجيل الحالي من هذه التطورات التي ستظهر آثارها قريباً بلا شك، خاصة في ظل غفلة الآباء، وعدم تقديرهم لعواقب الأمور، وتعاملهم مع جهاز الهاتف الذكي، كتعاملهم مع الدراجة الهوائية.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/287fucze

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"