عادي

تصرفات المصاب بالزهايمر

23:43 مساء
قراءة دقيقتين
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ
الزهايمر مصطلح جديد في عصرنا، وقد عبّر عنه الفقهاء القدماء بالعتَهِ، والعتَهُ هو نقصان العقل من غير جنون كما ورد في «المصباح المنير».

وفي اصطلاح الفقهاء العتَه أو الزهايمر آفة توجب خللاً في العقل، فيصير صاحبها مختلط الكلام، فيشبه بعض كلامه كلام العقلاء وبعضه كلام المجانين، انظر: «التقرير والتحبير» ج2- ص 176.

ولا يقال إن الزهايمر أو العتَه هو النسيان بعينه، فالنسيان هو عدم استحضار صورة الشيء في الذهن وقت الحاجة إليه، انظر: «التقرير والتحبير» ج2- ص 176.

والزهايمر أو العتَه غير الإغماء أيضاً، لأن الإغماء هو آفة في القلب أو الدماغ تعطل القوى المدركة والحركة عن أفعالها مع بقاء العقل مغلوباً، انظر: «التقرير والتحبير» ج2- ص 180.

إذن هناك قاسم مشترك بين هذه الآفات مع بقاء الفارق؛ لذلك فإن المصاب بالزهايمر يسمّى عند الفقهاء بالمعتُوه، وتصرفاته تصرفات الصبي المميز، بمعنى أن الشرع يثبت له أهلية لكنها أهلية الأداء القاصرة.

والمصاب بالنسيان الشديد لا يعطى حكم المعتوه؛ إذ إن النسيان لا يؤثر في أهلية الوجوب، ولا في أهلية الأداء، لأنه عاقل ليس بمجنون.

من أجل ذلك، فإن النسيان عذر من الأعذار المقدرة في الشرع، قال الله تعالى: «رَبّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا»، الآية 286 من سورة البقرة.

وفي الحديث الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وضع عن أمتي الخطأ والنسيان، أخرجه البيهقي.

والإغماء يقترب في المعنى من النوم إلا أنه درجة فوق النوم، لأن النوم يعدّ حالة طبيعية في الإنسان، والإغماء حالة عرضية، إلا أنه في حكم النوم في الشرع، فمتى كان مغمى عليه يرفع عنه القلم مثله مثل النائم.

وإذا فاق من إغمائه طولب بما يطالب به النائم إذا استيقظ، والنائم إذا استيقظ وجب عليه قضاء ما فاته من الصلاة مثلاً، وكذلك المغمى عليه فإنه إذا أفاق قضى ما فاته لأنه عاقل.

ذلك بخلاف المجنون، فإنه فاقد الأهلية تماماً، لأن الجنون يؤثر في أهلية الأداء، فتسقط عن المجنون العبادات، انظر «التقرير والتحبير» ج2-ص173.

نعود إلى المعتوه وهو المصاب بالزهايمر في اصطلاح العصر، فإنه في حاجة إلى من يتصرف في ماله، لأنه قاصر الأهلية؛ بل ويحجر عليه شرعاً.

يقول ابن المنذر: أكثر علماء الأمصار من أهل الحجاز والعراق والشام ومصر يرون الحجر على كل مضيّع لماله صغيراً كان أو كبيراً.

والذي يتولى الحجر عليه هو القاضي، ويقول ابن قدامة في المغني: ولا يحجر عليه إلا الحاكم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3wcc9zvs

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"