عادي

معنى الشخص

22:43 مساء
قراءة دقيقتين
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ

لفظ الشخص لو بحثنا عنه في معاجم اللغة العربية، لوجدنا أنه ما شخص وارتفع وظهر، فالشخص كل جسم له ارتفاع وظهور، انظر: «لسان العرب» لابن منظور.

وفي الشرع لم يرد ما يدل على تحريم إطلاق لفظ الشخص على الله تبارك وتعالى؛ فالله تعالى هو أظهر من كل شيء، وهو أعظم وأكبر من كل شيء.

وقد ورد في الحديث الصحيح عن سعد بن عبادة، قال: لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مُصْفِح عنه، فبلغ ذلك رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: أتعجبون من غَيْرة سعد، فوالله لأنا أغْيَرُ منه، والله أغير مني، من أجل غَيْرة الله حَرَّم الفواحش، ما ظهر منها وما بطن، ثم قال: ولا شخص أغير من الله، ولا شخص أحبّ إليه العُذْرُ من الله، من أجل ذلك بعث الله المرسلين، مُبشِّرين ومنذرين، ولا شخص أحبّ إليه المِدحة من الله، من أجل ذلك وعد الله الجنة. رواه مسلم.

وفي صحيح البخاري، عنون الإمام البخاري هذا الحديث بقوله: باب قول النبي، صلى الله عليه وسلم، لا شخص أغير من الله.

إذن، فإن الحديث الذي رواه البخاري ومسلم، يدل على جواز إطلاق لفظ الشخص على الله رب العالمين.

كما أنّ لفظ الشيء يطلق على الله تعالى، ففي حديث أسماء الذي ورد في الصحيحين أيضاً قوله عليه الصلاة والسلام: لا شيء أغير من الله.

لكن الذين يقولون بالتأويل منعوا إطلاق لفظ الشخص على الله تعالى، فيقول الرازي في شرح هذا الحديث: الشخص والشيء في الحديث يجب تأويلهما، لأن الشخص يراد به الذات المعيّنة، والله تعالى ليس بجسم، انظر: «تأسيس التقديس» للرازي.

لكن ابن تيمية وابن القيم ردّا على الرازي، وأثبتا أن الإطلاق صحيح، انظر: «تلبيس الجهمية» ج7، ص391، وانظر: «زاد المعاد» ج3، ص595.

وذكر ابن الأثير في كتابه «النهاية»: المراد بالشخص في الحديث أنه هو إثبات الذات في حق الله تعالى، انظر: «النهاية» لابن الأثير ج2، ص451.

ويقول القاضي أبو يعلى: رأيت بعض أصحاب الحديث يذهب إلى جواز إطلاقه مطلقاً، لأنه لا شخص عنده نفي من إثبات، وذلك يقتضي الجنس، كقوله: لا رجل أكرم من زيد، فاقتضى أن زيداً يقع عليه اسم رجل، فكذلك لا شخص أغير من الله يقتضي أن يقع عليه اسم شخص، وقد ورد في حديث صحيح.

لكن إذا صح ذلك، فإنه لا يصح أن يقال شخص الله، لأنه تركيب حادث مبتدع، والرسول يقول: إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. رواه أحمد.

بل وذهب بعض أهل العلم إلى منع قول: الذات الإلهية لأنه تركيب محدث أيضاً، وقد قال الإمام السهيلي: استهوى المتكلمين القول فيها وهي عندهم بمعنى النفس والحقيقة، ولكنها ليست من الشريعة كما زعموا.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/5n9azxkm

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"