أبوظبي: «الخليج»
بتنظيم من لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، انطلقت مساء أمس الأول الأربعاء على مسرح شاطئ الراحة بأبوظبي، الحلقة الثانية من برنامج «أمير الشعراء» في موسمه العاشر، وذلك عبر قناتي أبوظبي وبينونة.
استهلت الحلقة بترحيب الإعلامية لجين عمران بأعضاء لجنة تحكيم البرنامج: الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، ود. أماني فؤاد، أستاذة النقد الأدبي الحديث بأكاديمية الفنون بالقاهرة، ود. محمد حجو، أستاذ السيميائيات وتحليل الخطاب بكلية الآداب والعلوم الإنسانية / جامعة محمد الخامس بالرباط.
تلاه لقاء الإعلامي عيسى الكعبي خلف الكواليس، بشعراء الحلقة الماضية، أسماء جلال ودانا محمود وسيدي محمد محمد المهدي، موثقاً مشاعرهم وانتظارهم لنتيجة تصويت الجمهور التي أتت لصالح سيدي المهدي / موريتانيا وحصل على 81%، وتأهلت دانا محمود / سوريا ب 52%، والتقى الكعبي قبيل إطلالة الشعراء على المسرح شريهان الطيّب التي تحدثت عن قصيدتها المتمحورة حول الحرية وإيمان الشاعرة بقيم الجمال والسمو في فضاءات القصيدة، أما عبد الواحد بروك فركز على رؤيته الشعرية وتجربته الذاتية والجماعية معاً.
أهدت الشاعرة الأولى شريهان الطيّب قصيدتها «عزفٌ لسيدة الكمان» فيها العطر للأنثى المتمردة على الأغلال متتبعةً خيوط الضوء ونازفةً الأشواق على إثر موالها الشعري، وكان أن بدأ د. بن تميم مداخلته بالدعاء بالشفاء العاجل للدكتور عبد الملك مرتاض، عضو اللجنة الاستشارية للبرنامج، وعلق على قصيدة الشاعرة بقوله: «إنّ الشاعرة متألقة دوماً، وهي تتماهى في خطابها للكمان مع الخطاب الشعري العربي وخاصة مع الشاعر محمود درويش» وتساءل عن الذات الأنثوية التي تتشكل في هذه القصيدة بمزيج من الموسيقى والعطر والحنّا؟ لا سيما وأنها تقوم على مجموعتين متناقضتين من المفردات والأفعال، الأولى مبهجة متفائلة تجنح للصورة المثالية للمرأة، في رمزية تأويلية تحيل ثمرة الغواية إلى المرأة كما الرجل. بينما رأت د. أماني فؤاد أن الشاعرة تقدّم بطاقة تعارف لامرأة معتدة بذاتها، وبقدرتها على خلق الحياة ونحت الكلمات، وتناوش الأنثى الموروث الثقافي في قصيدتها مؤكدةً أن المرأة تحتفظ لنفسها بحق الرد ولا تقيم مواجهةً مع المجتمع، أما د. محمد حجو فسمى قصيدة الشاعرة بالقصيدة المعزوفة، التي تشرئبُ فيها الأنثى إلى الحرية والانعتاق، وقال:«نستحضر معك التوظيف لعناصر من روح الثقافة السودانية المرتبطة بالمرأة من حنّاء وخلخال وشال».
وفي قصيدته «نافذةٌ على جهتين» جسّد الشاعر عبد الواحد بروك / المغرب تجربته بين التيه والوصول، ومعاناة السراب وضياع البوصلة، مستحضراً حكمة المعري ومحبسيه، ورؤيته الفلسفية في تماهيها مع رؤية زينون والفلاسفة الرواقيين في إيجاد الحلول وصولاً إلى الحلاج ومأساته، وخضعت القصيدة لتحليل ورأي منصف من اللجنة.
تلا ذلك لقاء عيسى الكعبي خلف كواليس البرنامج، مع محمد اليوسف الذي أشار إلى أنّ قصيدته تطل على عالم الكشف عن القلق والبحث عن الإجابات والأمل في الحياة، ومع نجاة الظاهري التي أشارت إلى توقها للاستفادة من ملاحظات وآراء أعضاء لجنة تحكيم البرنامج.
مدائن الظمأ
وقرأ محمد اليوسف / البحرين قصيدته «يخضرُّ بالعزف ظله» ووقف د. محمد حجو عند عتبتها وعنوانها في تعبيرها عن اخضرار ظل الشاعر، واستلهامها التراث الديني في الحديث النبوي الشريف، أما د. بن تميم فأشار إلى سيطرة ضمير الأنا على مفاصل القصيدة سيطرة كاملة، بينما رأت د. أماني فؤاد أن عتبة النص جميلة تكشف عن الفكرة الحيرى استشعاراً من الشاعر بقيمة الحياة.
بعد مقطوعتها الشعرية في حب الإمارات والاعتزاز بمكانتها الشعرية بين بلاد العرب، انتقلت نجاة الظاهري في قصيدتها «أهزوجة الخلاص» إلى تجسيد علاقة الشعر القديمة بالبحر وسؤال الحياة والذكريات، وصولاً إلى استلهامها التراث الثقافي للإمارات في أغاني اليا مال وترداد النهمات من قبل البحارة الباحثين عن مكامن اللؤلؤ في الخليج العربي، ورأى د. علي بن تميم تشابهاً بين نص الشاعر غازي القصيبي وديوان «مذكرات بحار» للشاعر الكويتي محمد الفايز، وقصيدة الشاعرة التي تتكئ على موروث البحر قائلاً:«النص يستعيد لحظات بحرية مترعة، ويعيدنا في صدى إيقاعها إلى ليل نائح وحنين جارف، بينما ينبثق الأمل فيها على التمسك بالحياة والصراع لأجلها»، أما د. أماني فؤاد فأشارت إلى أن القصيدة تخلّق الحنين إلى الماضي والنوستالجيا، في استحضار لعناصر الهوية الإماراتية والتراث الشعبي في معاناة الشجن والوجع والفقد»، ورأى د. محمد حجو أن فكرة القصيدة جميلة تستدعي الموروث الثقافي الشعبي وإرث البحارة من الأهازيج الغالبة في الكثير من المهن الجماعية والطقوس التقليدية.
وكان ختام الحلقة الثانية المباشرة من برنامج مسابقة أمير الشعراء، مع قرار لجنة التحكيم بتأهيل شريهان الطيّب من السودان التي نالت درجة 48 درجة ونال عبد الواحد بروك / المغرب 44، ونالت نجاة الظاهري 44 درجة، وحصل محمد اليوسف / على 43 درجة، حيث يعود اختيار شاعرين آخرين إلى تصويت الجمهور من ضمن الشعراء الثلاثة المتبقين.