عادي

فاطمة المزروعي: الحرية أساس الإبداع

00:46 صباحا
قراءة 4 دقائق
فاطمة المزروعي

نجاة الفارس
تجاوزت أعمال الكاتبة والقاصة والروائية الإماراتية فاطمة سلطان المزروعي 20 إصداراً، تنوعت ما بين القصة والشعر والمسرح والرواية والمقال وغيرها من الإصدارات، وتعمل حالياً على عدة أعمال تاريخية تتناول تاريخ الإمارات في فترة الخمسينات، وهي تكتب في القضايا الإنسانية والاجتماعية التي تخص المجتمع، كقضايا المرأة والطفل، وتسعى لخلق عالم حر يتناول الأفكار الخاصة بالمعرفة والفكر والحكمة والعلم والمحبة والسلام والإنسانية والتسامح والعدالة والمساواة وغيرها.

كتبت المزروعي القصة القصيرة والنصوص الشعرية والمقالة والرواية والسيناريو والمسرح، وحول هذا التنوع تقول: «لدي فضول منذ طفولتي، وكنت أطرح الكثير من الأسئلة، ولا أجد إجابات عنها، وهذا جعلني ألجأ إلى القراءة، لأجد بعض الإجابات في الكتب والقصص والروايات، ثم بدأت كتابة القصة القصيرة، وكانت الحكايات، والقصص، والخرافات التي أسمعها من جدتي، بمثابة العالم الجميل لي، وكبرت على هذا العالم، وصارت مخيلتي تجرني، ومع القراءة اتسعت هذه المخيلة، وصارت عالماً كبيراً جداً، وبعد القصة القصيرة، وجدت أن لدي الكثير من الحكايات التي أرغب بكتابتها، ولم تعد القصة تحتمل ما فيها من تفاصيل، لقد كانت لدي تفاصيل لحيوات كاملة ومتنوعة بكل ما فيها من محن وآلام وأحزان وأفراح، تلك الرغبات كانت تلازمني بشكل كبير، وكانت رغبة الكتابة المتنوعة تجذبني بكل قوة، وهذا ما جعل كتاباتي متنوعة، فلا شيء يمنعني من الكتابة في جنس أدبي، أشعر بالمتعة والسعادة حينما أكتب في جنس أدبي جديد بالنسبة لي، فهذا يجعلني أسعى للبحث والقراءة الجدية إلى جانب الاستمتاع بالعمل.

أفكار

تؤمن المزروعي بأن الكتابة الإبداعية تعتمد في المقام الأول على ترجمة الأفكار التي تجول في العقل، ما يحتم نقلها بسرعة على الورق، وكلما تمكن المؤلف من القيام بهذه العملية، تمكن من الاقتراب من درجة من درجات التميز والإبداع، لذا من الأهمية أن يتم إسقاط الموانع أو الحواجز التي قد تعيق العقل من نثر الأفكار، بمعنى أنه إذا أردت الارتقاء على سلم الإبداع، يجب أن تتمتع بالجرأة وأن تغادر مناطق الخوف والتوتر، وتمرن عقلك على الانطلاق والتحرر بعفوية، وأن تُعبِّر عن أفكارك وما يجول في ذهنك بحرية.

درست المزروعي التاريخ والعلوم السياسية، وأثر ذلك في نتاجها الأدبي، فتقول: «الكتابة ودراسة التاريخ يلتقيان، ولا يوجد فرق كبير بينهما، فالاثنان يكملان بعضهما بعضاً، وعندما تتوفر الموهبة، يسهل التعامل مع الموضوعات الجامدة، وتحويلها إلى قوالب ممتعة وخفيفة، يمكن للقارئ تقبلها، وقد كانت الكتابة حلمي منذ الطفولة، كبرت وكبرت معي ومع أحلامي، وكان حب التاريخ وحكاياته وسرده وذكرياته ووقائعه وملاحمه قريبة مني، وكان عشقي له يزيد من قراءاتي الكتب والروايات، لذا، قررت خوض التجربة، وكانت مزيجاً رائعاً متوافقاً وساحراً، صنع عمقاً وسحراً انعكس على إبداعاتي في الرواية والمقال.

جوائز

فازت المزروعي بالعديد من الجوائز الأدبية، التي شكلت دافعاً إضافياً للاستمرار في الكتابة، وجميع الجوائز التي حصلت عليها لها قيمة في داخلها ولا يمكن أن تنساها، فلكل جائزة قصة، رغم أن الجوائز لم تكن مقياساً للنجاح، ولا دليلاً على عمق التجربة، ولكنها تعبير عن مكافأة الجهد والتعب والإصرار والعطاء، وهي مكافأة تترجم تقديم الفكرة في قالب تقني بطابع إنساني.

وقدمت المزروعي عدة ورش إبداعية للشباب حول فن الكتابة، فهي ترى أن الورش التدريبية للكتاب مهمة جداً، وتسهم في تعزيز الكتابة عندهم، وتعريفهم بمواهبهم، ورفع منسوب القناعة والثقة بكتاباتهم، وهي تؤكد دور القراءة، لأنها مصدر الإلهام، وتحفيز الأفكار الإبداعية، والكتابة برأيها تحتاج إلى التجديد والبحث في المصادر، ومن دون ذلك تفقد الكتابة وهجها، فالإصرار والعزم على تقديم الجديد وإنجازه، فضلاً عن الإنصات إلى حكايات الناس البسطاء، كلها أمور

الترجمة

تعتبر فاطمة المزروعي الترجمة حلقة مهمة في مسيرة أي كاتب، وعندما يتم ترجمة أي من الأعمال الأدبية، فإن هذه شهادة على جودة هذا العمل، وقد سبق وتمت ترجمة أعمال كثيرة للمزروعي إلى لغات مختلفة كالألمانية والإنجليزية والفرنسية والكردية والأردية والإيطالية، كما أصبحت أعمالها متوفرة لشريحة أخرى، وهي ترى أن الترجمة تعمل على تقريب العالم، وإلغاء الفواصل اللغوية والحواجز النفسية، والتعرف إلى ثقافات وعادات وإرث وحضارات الشعوب، كما أسهمت الترجمة في التعرف إلى الكُتاب والأدباء من ثقافات أخرى، والاقتراب منهم افتراضياً وحضور فعالياتهم بشكل مستمر.

فاطمة المزروعي، نموذج ناجح ومتميز لكاتبة إماراتية مثابرة، تؤمن أن على الكاتب أن يترك العنان للتطوير والتجريب، وهي ترى أن الآداب جميعها ليست حكراً على فئة دون أخرى، وليست مصبوغة وفق رؤية هذه الفئة أو تلك، فتقول: «نحن لا نكتب وفق مشيئة هؤلاء وآراء أولئك، لا بد أن ندرك جميعاً أن الأدب مشاع، وهو بطبعه حر، يحلق فيلتقطه الجميع، الفقراء والأغنياء، الكبار والصغار، ويغوص فيه من يريد دون استئذان، أو طلب تصريح، أبوابه مشرعة لمن اختار السهر مع الكتب، وملاحقة النصوص، وتذوق الإبداع، ولنكن أكثر تسامحاً، وهدوءاً مع كل من يحاول أن يبدع، ومن يحاول الكتابة».

وتضيف: «يجب على كل من يتوجه إلى الكتابة والتأليف، أن يسلك طريقاً مختلفة تماماً عن أي طريق يُرسم له، فالكتابة الإبداعية تعني الاختلاف والتميز والابتكار والتجديد، والمؤلف معني بتحقيق هذه الجوانب، لكيلا يصبح نسخة مكررة أو مقلدة لا أكثر».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/jp2fc69c

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"