عادي
يتداولها غير المؤهلين عبر الـ «ترند»

مصطلحات «الإنترنت والفضائيات» تفسد العلاقات

23:23 مساء
قراءة 4 دقائق

الشارقة: زكية كردي
عدم الدقة في استخدام المصطلحات، عبر المحتوى، سواء على الإنترنت، أو في برامج بعض الفضائيات، يؤدي إلى فوضى ليست خلاقة، ما أفسد العلاقات الإنسانية بسبب التناول من دون وعي بأهمية الدقة، كأن يصف أحدهم آخر بأنه «نرجسي»، مثلاً، وهو لا يعي أن النرجسية دالة على اضطراب نفسي تستوجب العلاج.

كثير من منظّري العلاقات الاجتماعية -عن جهل- أفسدوها، بسبب البحث عن «الترند»، ما زاد من فوضى المعلومات.

«يعتمد كثير من الناس على تلقي المعلومة من مواقع الإنترنت الموثوقة وغير الموثوقة، ما أنبت فريقاً من مدّعي العلم في كل مناحي الحياة»، هذا ما يؤكده حسام أشرفي، مدير محل، ويقول: «أنا، مثلاً، كنت أعرف أن الشخص النرجسي، هو المغرور، المعجب بنفسه، فقط؛ لكن عرفت بعد ذلك من قراءة معمقة، أن المفهوم يدل على نوع من الاضطراب النفسي المتطلب للعلاج، وأؤكد أن استقاء المعلومة البسيطة من الإنترنت لا تعني الإحاطة بأي موضوع لدرجة ادّعاء التخصص».

الصورة

تشاركه الرأي راميا حسن محمد، ربة منزل، وتقول: «لا أدري ما قصة هذه المصطلحات الجديدة التي يتباهى بها المنظرون الجدد، وكثير من الناس دون أن تكون لديه أدنى فكرة عن معناها، فقد انتشر كثير منها على برامج بعض الفضائيات، وصفحات التواصل الاجتماعي، وامتلأ المحتوى بمصطلحات مثل «توكسيد»، أي المسمم، وغيرها من الألفاظ التي انتقلت من غرض بحثي في مجال لاستخدامها، وتداولها في مجال آخر، هذه المصطلحات غير المفهومة لكثيرين، سواء المتحدث بها، أو متلقيها أثرت سلباً على حياة الناس، والحالة تبدو أشبه بالموضة».

وتشير ليلى عبدالمولى، موظفة، إلى انتشار العلاقات السامة بكثرة، مؤكدة أن المسمى حديث عليها، بوصف العلاقات الإنسانية بالسامة، لكن المصطلح متداول بوفرة، مستدركة؛ لكن «الناس في الماضي كانوا رغم بساطتهم، كان لديهم الكثير من الوعي، والعلم بالقوانين الاجتماعية التي تلزمهم بتحمل ظروف حياتهم والصعوبات التي يواجهونها على أنها قضاء وقدر».

فوضى المصطلحات مثل كرة الثلج، تكبر بما ينفث فيها من أفكار، باعتبار هؤلاء المنظرين يملكون العصا السحرية، لحل المشكلات الاجتماعية، وهم بشهادة كثيرين، يفسدونها.

وتقول أنوار منذر، موظفة: «ما زال الجدل حول فوضى المصطلحات الاجتماعية التي يتشدق بها غير المتخصصين، ما أفسد كثيراً من العلاقات، بسبب تنظير غير مدروس من البعض، ما سبب خللاً في الشكل المعتاد للعلاقات، ودفع الكثيرين للتجرؤ على تحليلها، من دون امتلاك أدوات التحليل المنهجي».

ويرى محمد الحمداني، مدير كراج سيارات، أن التنظير في العلاقات وابتكار مسميات جديدة، أو تناول مصطلحات من دون وعي علمي بدقتها، أصبح موضة، مثل برامج الطبخ والأزياء، وأن النساء هن الفئة الأكثر اهتماماً بمتابعتها، ويقول: «الرجل في الحياة الواقعية، بعيداً عن تنظير رواد الإنترنت، مشغول بملاحقة أمور عمله، وتأمين مستوى حياة جيد لعائلته، والمرأة مشغولة أيضاً بتأمين السعادة لأسرتها، لذا لن تستوقفهما موضة التنظير غير الواعي، ولا فوضى المصطلحات في برامج البحث عن الترند، هذه هي النماذج السوية التي تربينا عليها، والكفيلة بالحفاظ على الأسرة».

حل المشاكل ليس هواية

يؤكد د.شافع النيادي، مدرب تنمية بشرية وعلاقات أسرية، أن الاستعانة بغير المختصين للمساعدة في حل المشاكل الشخصية أمر خطير وحساس، ويقول: «لا يختلف الأمر في تشخيص وعلاج المشاكل النفسية والاجتماعية عن العلاج الطبي، فلا يمكن الوثوق بشخص لا يحمل شهادات جامعية معترف بها ليتولى أمر علاج الجسد، ولهذا يجب أن نولي الأمر عناية ومتابعة ونختار المختص الجدير بالثقة لعدم المخاطرة بالصحة النفسية والحياة الأسرية».

ويوضح أن موضوع العلاقات الأسرية، والعلاج النفسي للأطفال، وحل المشاكل النفسية لا يؤخذ على سبيل القراءة والهواية، فهذه الأمور حساسة وخطيرة، لكن الكثيرين يستهينون بها للأسف ويعتبرون أن مجرد الحصول على بعض التدريب وبعض الاطلاع يصيرون قادرين على علاج الآخرين، ومن الملاحظ اليوم انتشار مقدمي الاستشارات بمختلف أنواعها بغض النظر عن مصدر شهاداتهم والخبرات التي لديهم، ما تسبب في فوضى.

ويلفت إلى أن المسؤولية لا تقع على عاتقهم وحدهم؛ بل على عاتق وسائل الإعلام التي تستضيفهم وتمنحهم المصداقية والثقة، وعلى الذين يقصدونهم من دون التحقق من مصداقيتهم وقدراتهم.

ويشير إلى أن الخطورة تكمن في عدم استناد هؤلاء إ‘لى قواعد أكاديمية لعلاج المشاكل، فيتناول واحدهم هذه المشاكل، بناءً على تجربته الشخصية ومواقفه الاجتماعية الخاصة، والتي قد تكون مرضية بعض الأحيان، كأن يتبنى موقفاً سلبياً من الزواج، أو متعصباً ضد أحد الجنسين، وهذا ينطبق أيضاً على مقدمي المشورة من الإخوة والأصدقاء، مؤكداً أن الأسرة الواعية لا خوف عليها، فأفرادها قادرون على التمييز بين الجيد والسيئ، ورفض المشورة والمعلومة المضللة.

الصورة

موضة التنظير

«الاجتهاد من غير المختصين في مواضيع نفسية بحتة، أو في مواضيع اجتماعية غير مقبول»، حسب د. جاسم المرزوقي، استشاري العلاج النفسي والأسري، ويقول: «ليس بالقراءة فقط يصبح الإنسان عالماً، وليس من خلال جمع المعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بل من خلال التجربة الإكلينيكية والميدانية التي تمكنه من التعرف على طبيعة هذه الاضطرابات، فعند التحدث، مثلاً، عن النرجسية والأعراض المتعلقة بهذا الاضطراب الوارد في دليل تشخيص الأمراض النفسية الأمريكي، أو في دليل تصنيف الأمراض المتعلقة بمنظمة الصحة العالمية، ولا يعتمد الأمر على الأعراض الواردة في هذه الأدلة التشخيصية بقدر ما يعتمد على المعاينة الإكلينيكية للتعرف على طبيعة الاضطرابات، وبغض النظر عن السمات المرتبطة بهذا المفهوم، الناس ينظرون إلى هذه الشخصية من خلال صفات تحددها بالانطوائية وإعطاء الأولوية للذات ومتطلباتها من دون مراعاة لخصوصية الآخرين، وهذه المشاكل مشتركة لدى الأشخاص الطبيعيين، أو المضطربين، ولا يمكن من خلال وجود بعض الأعراض أن نقرر أن هذا الشخص لديه هذا الاضطراب».

ويؤكد أن المشكلة تكمن في رغبة البعض بالشهرة، والبقاء تحت الأضواء، فيختارون أقصر الطرق من خلال مشاكل الناس والادعاء بقدرتهم على تقديم الحلول وحل الألغاز النفسية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yte5pvem

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"