مسافات

- إلى أي مدى كان «ماكس بيكارد 1888-1965» موفّقاً حين قارب بين الشعر والصمت مثل مقاربته بين الزخرفة وأرضية البيت؟؟. هل الشعر زخرفة؟؟ هل الشعر هو شكل آخر من أشكال الصمت؟؟. أسئلة أو تساؤلات من شأنها «محاكمة» بيكارد الذي يرى أن الشعر ينبعث من الصمت ويحن إلى الصمت، ويقول مثلما أن أرضية البيت مزخرفة بالموزاييك، فإن أرضية الصمت مزخرفة بالشعر. الشعر العظيم هو موزاييك مرصّع بالصمت.. يقول بيكارد..
***
- فن الشذرات. أو فن «التوقيعات» في التراث الأدبي العربي، إن أمكن اعتبار «التوقيع» شذرة، فن قديم، إنه شكل آخر من أشكال الصمت. صمت الكتابة، ذلك، أن كاتب الشذرة حين يكتب بكل هذا التكثيف والإيجاز والاختصار، فهو كأنه يمارس نوعاً من الصمت.
- كان فرانسوا دو لارو شنوكو 1613-1680 يكتب صمتاً. هي أيضاً كتابة في صورة زخرفة.. يقول:.. «.. يكون الكلام قليلاً، عندما لا يكون الغرور هو الدافع إلى الكلام..».
***- قرأت كل مدن «إيتالو كالفينو» في كتابه «مدن لا مرئية»، فلم أجد أطيب من العيش في «سيسيليا».. يقول كالفينو إنه التقى في سيسيليا راعي ماعز يقود قطيعاً ترنّ أجراسه بمحاذاة الجدران. يقول: توقف الراعي وسألني: «لتبارك الإنسان السماء، هل تخبرني في أية مدينة نحن؟، فصرخت: «ليكن الله معك، كيف لا تعرف مدينة سيسيليا المعروفة؟» أجاب الرّاعي: صبرك عليَّ. أنا راعٍ جَوّال، نضطر أحياناً أنا وماعزي إلى المرور عبر مدن لا نعرفها. سلني عن أسماء أراضي الرعي، أنا أعرفها.. كلّها».
***- فعلاً، لا تسأل الحوذيّ عن أجود أنواع الخبز. يتعين لك أن تسأل طحّاناً أو فرّاناً وليكن الله في عونك مرة ثانية، لا تسأل بحّاراً على أجود أنواع الحطب. اسأل حَطّاباً أو مزارعاً أو قطّافاً للفاكهة والأثمار.
***
- حين تطول الدروب أو المسافات على المسافرين، نسمعهم يقولون:.. الطريق إلى إيثاكة أجمل من الوصول إلى إيثاكة.. ولكن ليس صحيحاً أن الطريق أجمل من الوطن، أو أن الطريق أجمل من البيت.
[email protected]