فـاشـــيـة أحفــاد مــوســوليني فـي إيطــاليـا

إعادة اختراع سياسات اليمين المتطرف
23:51 مساء
ترجمة وعرض:
نضال إبراهيم
قراءة 9 دقائق
1
1
1

عن المؤلف

الصورة
1
ديفيد برودر
* ديفيد برودر مؤرخ لليمين الإيطالي المتطرف، ويكتب عن السياسة الإيطالية في الصحف والمجلات.
* له عدد من المؤلفات عن إيطاليا.

شهدت السنوات الأخيرة صعود الأحزاب اليمنية في دول غربية عدة، من بينها إيطاليا التي صعد فيها قادة شعبويون عبّروا عن نزعتهم القومية، وشيطنوا المعارضين، واستخدموا لغة إقصائية، ومن أبرزهم سياسيو حزب «فراتيلي دي إيطاليا» (إخوان إيطاليا)، الذين يستلهمون أفكارهم من فاشية موسوليني، وإن بشكل غير مباشر. ويحلل الكتاب هذه الظاهرة مع تسليط الضوء على أحداث تاريخية.

يكشف الكتاب الصادر في 2023 عن دار بلوتو للنشر ضمن 240 صفحة بالإنجليزية، عن الارتباط بين فاشية موسوليني واليمين الإيطالي المعاصر الذي يشهد انتعاشاً.  ويمكن القول إن القوة الأسرع صعوداً في السياسة الإيطالية هو حزب «فراتيلي دي إيطاليا» (إخوان إيطاليا)، بقيادة جيورجيا ميلوني، وهو حزب له ارتباط مباشر بنظام موسوليني. فقد صعد إلى الصدارة في السنوات الأخيرة، وشن حرباً ثقافية شرسة ضد اليسار، واستقطب الجدل السياسي حول الحرب العالمية الثانية، وظهر باعتباره القوة الرئيسية الوحيدة التي تعارض حكومة ماريو دراجي. وبعد ثمانين عاماً من سقوط موسوليني، أصبح ورثته والمعجبون به على وشك الاستيلاء على السلطة مرة أخرى. إذن، كيف حدث هذا الأمر بالضبط؟

 يتعمق أحفاد موسوليني في الحديث عن حركات «ما بعد الفاشية» في إيطاليا؛ المتجذرة في الفاشية التاريخية، ومع ذلك يدعون أنهم «تجاوزوها». ويسلط ديفيد برودر الضوء على إعادة اختراع سياسات اليمين المتطرف منذ الحرب العالمية الثانية، ويعاين التفاعل بين الوجه البرلماني الذي يهدف إلى دمج الفاشيين في التيار السائد والجماعات المتطرفة التي على الرغم من تطرفها تلعب دوراً مهماً في رعاية اليمين المتطرف الأوسع.

 واحتفظ حزب «فراتيلي دي إيطاليا» بهيمنته على الثقافات الفرعية الفاشية، بينما يتبنى مجموعة من المواقف السياسية الأكثر براغماتية، دامجاً الإسلاموفوبيا ومعاداة الشيوعية مع دعم الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. ورغم تضاؤل القوى المناهضة للفاشية في المجتمع الإيطالي، أثبت الحزب اليميني المتطرف الذي يرغب في استرداد الفاشية التاريخية، وإضفاء الشرعية على ورثتها السياسيين، وتحويل مسار السياسة السائدة، نجاحاً مثيراً للقلق.

 استمرارية إرث الفاشية

 يقول المؤلف: «في أكتوبر/ تشرين الأول 2021 بعد أن تصدرت راشيل موسوليني انتخابات مجلس مدينة روما، كمرشحة عن حزب «فراتيلي دي إيطاليا»، قالت: «كان علي التعامل مع الأمر منذ أن كنت طفلة. أشاروا إلي في المدرسة، ولكن بعد ذلك جاءت راشيل الحقيقية. فاز الشخص باللقب».  وحتى قبل أن تبدأ راشيل موسوليني دراساتها التسويقية، كانت تعرف رأيها المستقطب بشأن علامتها التجارية. لقد أدلت بهذه التعليقات بعد الفوز. كان والدها رومانو الابن الأصغر للديكتاتور الإيطالي. لكن راشيل وأختها غير الشقيقة أليساندرا، دخلتا في السياسة. دخلت أليساندرا المعركة في عام 1992 مع ما كان يسمى آنذاك حزب «ما بعد الفاشية»، لكنها استقالت احتجاجاً في عام 2003 عندما ذهب الزعيم جيانفرانكو فيني، بعيداً في إدانة سجل جدها. وشكلت حزبها الخاص الذي لم يدم طويلاً، ثم انضمت بعد ذلك إلى «فورزا إيطاليا» بقيادة سيلفيو برلسكوني، قبل الانسحاب من السياسة في الخطوط الأمامية بعد هزيمتها في الانتخابات الأوروبية لعام 2019. وتتمسك كل من راشيل وابن عمها الثاني، كايو جوليو سيزار موسوليني، باسم العائلة في «فراتيلي دي إيطاليا»؛ حتى إن المرشح الذي سمي على اسم يوليوس قيصر ظهر «كضيف خاص» في حدث حزبي حول عقيدة جده الأكبر عن الفاشية».

 ويرى المؤلف أن ظهور لقب العائلة في السياسة الحالية يعتبر أمراً مثيراً للفضول، بسبب العلاقة بين اللقب والنسب السياسي للحزب. بدأت الحملة الانتخابية لعام 2022 بتقارير إعلامية دولية تسلط الضوء على علاقة هذا الحزب بالفاشية، وهي مزاعم سارعت الزعيمة، جيورجيا ميلوني، إلى رفضها. وأصدرت رسالة فيديو بأربع لغات تصرعلى أن «اليمين الإيطالي قد سلم الفاشية للتاريخ لعقود حتى الآن»، ودان الديكتاتورية ومعاداة السامية. وتعاطف العديد من النقاد معها بالقول: ألم تنته الفاشية قبل عقود من ولادتها؟ ألم تصبح «الفاشية» إهانة مفرطة، وطريقة لتشويه سمعة «أي شخص لا نحبه على الإنترنت»؟ هذا صحيح: حزب ميلوني لا يحشد الميليشيات ذات الرداء الأسود، ولن يشكل دولة الحزب الواحد ولا ينشئ نظاماً فاشياً. ومع ذلك، إذا أردنا أن نفهم ماهية هذا الحزب، فنحن بحاجة إلى معرفة أن ارتباطه العائلي بالفاشية هو أكثر من مسألة تخص عائلة موسوليني. في بعض الأحيان فقط يتحدث ممثلو الأحزاب بشكل إيجابي عن النظام، لكنهم يدعّون بفخر أنهم من إرث حزب «الحركة الاجتماعية الإيطالية» الذي تأسس عام 1946. وقد تأسس على افتراض أن الفاشية لم تكن قوساً منحرفاً في التاريخ الإيطالي على مدار عشرين عاماً، بل حركة ومجموعة أفكار وقيم نجت من الهزيمة العسكرية. وبعد عام 1945، غيّر العديد من مؤيدي موسوليني السابقين ألوانهم أو أصبحوا مناهضين للفاشية في وقت متأخر. لكن «الحركة الاجتماعية الإيطالية»، كما أصّر زعيمها التاريخي جورجيو ألميرانتي، كان شيئاً آخر: حزب من «الفاشيين في ديمقراطية». وحتى في الثمانينيات، أعلن أن «الفاشية ليست وراءنا بل أمامنا». وأطلق قادة إيطاليا، الذين هم في الأغلب من قدامى المحاربين في «الحركة الاجتماعية الإيطالية»، على أنفسهم اليوم اسم «المحافظين الوطنيين». ويوضح هذا الكتاب أن سياساتهم لا تزال متجذرة في المرويات الفاشية وطرق الحديث عن الماضي ورؤى الهوية الوطنية.

 صعود «فراتيلي دي إيطاليا»

 تأسس حزب «فراتيلي دي إيطاليا»(إخوان إيطاليا) في عام 2012، وكان دائماً جزءاً من تحالف يميني أوسع، بما في ذلك أحزاب لا تتبع التقاليد الفاشية. وعند إنشاء حزب «الحركة الاجتماعية الإيطالية» في عام 1946، كان جميع قادتها تقريباً من قدامى المحاربين في جمهورية سالو النازية (رسمياً الجمهورية الإيطالية الاشتراكية) التي أسسها موسوليني، بدعم من النازيين في شمال إيطاليا بعد هزيمته. كان جزءاً كبيراً من تاريخ هذا الحزب محاولة للتحالف مع قوى أخرى مناهضة للشيوعية خلال الحرب الباردة، سواء من أجل غايات انتخابية، أو في مواجهات عنيفة. وفي أواخر عام 1991، كان زعيمها الوطني الرئيسي فاشياً فخوراً ومحارباً قديماً في سالو.

 انضمت ميلوني إلى هذا الحزب في عام 1992، وكان هناك العديد من هذه الشخصيات الفاشية في المناصب العليا. ومع ذلك، فإن التجديد الجيلي الذي أعقب ذلك مهم: من حيث السير الشخصية لقادة الحزب والسياق الاجتماعي الذي يعملون فيه. تأسس حزب «الحركة الاجتماعية الإيطالية» كحزب يهدف إلى إحياء جمهورية سالو، وعازم على شن حرب على الشيوعية. ولكن بحلول الوقت الذي انضمت فيه ميلوني في عام 1992، كان الاتحاد السوفييتي انهار للتو، وكانت إيطاليا في طريقها إلى اتحاد أوروبي أكثر تكاملاً، وانخفض العنف السياسي بشكل كبير عن فترة السبعينات.  ورغم أن «فراتيلي دي إيطاليا» تشير إلى اتباع التقاليد الأيديولوجية القديمة، لكنها في واقع الأمر تعمل في مجتمع تكون فيه رؤى التغيير السياسي أقل طموحاً، وثقة المواطنين في المؤسسات تتدهور بشدة، والمعارك حول الهوية تتسم بأهمية قصوى بشكل متزايد. والدليل على التغيير هو الطريقة التي تلمح بها مذكرات ميلوني إلى شعار اللهب ثلاثي الألوان لدى «الحركة الاجتماعية الإيطالية»، والذي لا يزال يظهر في لافتة «فراتيلي دي إيطاليا» الخاصة التي تقول في الفصل الأول لها: «إذا كان هذا سينتهي بالنار / إذن علينا جميعاً أن نحترق معاً / شاهدوا اللهب يتسلق عالياً في الليل». يبدو أن الكلمات تثير شبح العنف، لكنها تشير أيضاً إلى تطور أيديولوجي معين.

 تنكر ميلوني أن شعار اللهب يشير إلى موسوليني نفسه، مدعية أنه يمثل «تقليد سبعين عاماً من الحق الديمقراطي». ومع ذلك، فإن أساطير التقاليد التي تمتد إلى الأجيال السابقة، مهمة لهوية الحزب. في أول مؤتمر ل«فراتيلي دي إيطاليا» في عام 2014، تحدثت ميلوني عن «الرجال والنساء الذين يركضون من عصر إلى آخر، من جيل إلى آخر، يحملون معهم ناراً، شعلة تتلاشى أحياناً، لكنها لم تختف أبداً». كما أوضحت أن «الأحزاب هي حقاً أحزاب عندما تكون قادرة على البقاء بعد القادة والأجيال».

 وغالباً ما تشير مذكرات ميلوني إلى زعيم الفاشية الجديدة ألميرانتي/ في فترة ما بعد الحرب، وليس على الإطلاق إلى إمبراطورية موسوليني، أو إراقة الدماء فيها، أو الإبادة الجماعية، أو انهيارها. وبدلاً من ذلك، تعود إلى عوالم الخيال، وعلى وجه الخصوص فيلم «سيد الخواتم» بأنه «استعارة غير عادية للإنسان وعالمه»، وغالباً ما تستخدم كلمات منه لتلخيص عقيدتها السياسية: «يجب أن تكون الحرب، بينما ندافع عن حياتنا ضد مدمر يلتهم الجميع. لكني لا أحب السيف اللامع من أجل حدته، ولا السهم لسرعت ولا المحارب لمجده. أنا أحب فقط ما يدافعون عنه: مدينة نيمينور». وفي فصل آخر من مذكراتها، تناقش تقاليد الحركة الاجتماعية الإيطالية، وتلمح إلى شعار اللهب عبر اقتباس من أغنية باللغة الإنجليزية؛ تقول فيها: لقد وعدت «سأحمل لك هذه المشاعل التي تعلم أنني لن أسقطها أبداً».

  ويشير الكاتب إلى أنه تبدو أحياناً رموز الماضي أكثر وضوحاً في الحاضر، ويتساءل: ما هو الاسم غير «الفاشي» المناسب لنشطاء «فراتيلي دي إيطاليا» في مدينة تشيفيتافيكيا الذين زينوا مكتباً للحزب بلافتات الجماعات شبه العسكرية في عهد سالو؟ ماذا عن الأعضاء الكبار الذين كشفوا النقاب عن ضريح لوزير دفاع موسوليني رودولفو غراتسياني؟ ماذا يفعل رئيس الحزب في البرلمان الأوروبي برفقة أحد الفاشيين الجدد البارزين في ميلانو؟ ماذا عن هؤلاء القادة الذين يقولون إن اسم الفاشي هو «مجاملة»، أو حتى يطلقونه على أنفسهم؟ هل هناك علاقة فاشية في نظريات المؤامرة التي نشرتها ميلوني مراراً وتكراراً، والتي تتهم «المرابين» بالتآمر مع اليسار للتخطيط «للاستبدال العرقي» للأوروبيين؟ لا شك في أن «فراتيلي دي إيطاليا» مخلوق من عصرنا وليس من الأربعينات. لهذا السبب، يحاول هذا الكتاب شرح طبيعة وماهية الحزب من خلال إعادة بناء الأنساب، من الجذور إلى الشركاء الأكثر حداثة.

 الثقافة السياسية ما بعد الفاشية

 إذن، هل عادت الفاشية؟ قبل الانتخابات العامة لعام 2022، حيث توقعت وسائل الإعلام الدولية ظهور الحكومة الأكثر يمينية في إيطاليا منذ عام 1945، اشتكى العديد من النقاد من أن هناك الكثير من الضجيج عن ذلك، حتى ناشد الصحفي المخضرم باولو مييلي، من أجل إطلاق «حملة لمدة شهرين بحيث لا نتحدث فيها عن التاريخ». يقول المؤلف: «تكاد ميلوني لا تذكر موسوليني علناً أبداً، وغالباً ما تستشهد بالفاشيين الجدد مثل ألميرانتي، لكنها تدعي أيضاً الإلهام من التقليديين المحافظين، مثل روجر سكروتون، وحتى النقاد الليبراليين للإسلام، مثل الصحفية أوريانا فالاتشي. باختصار، قام حزب «فراتيلي دي إيطاليا» بدمج التقاليد الفاشية الجديدة في سياسات الهوية القومية الأوسع، وهي قادرة على الاعتماد على التأثيرات من مصادر أخرى، وحتى من البلدان الأخرى. وسمحت هذه العملية لحزب مشتق من الفاشية أن يجد لنفسه مكاناً داخل حركة محافظة دولية منشغلة أكثر من أي وقت مضى، بالتراجع الحضاري. لكن تطرف هذه الحركة متناقض: فهو يأخذ شكل سياسات هوية قومية عدوانية، ويأخذ أيضاً - كأمر مسلّم به - إضعاف الدول القومية الأوروبية على المدى الطويل، وعدم قدرتها على التعامل مع أزمات العولمة. ويبدو أن «فراتيلي دي إيطاليا» أقل اهتماماً بشكل ملحوظ بمواجهة التهديدات التي تتعرض لها البشرية، مثل تغير المناخ أو الوباء كما تسميه ميلوني «انقراض الشعب الإيطالي»، بسبب انخفاض معدلات المواليد. وتشترك هذه التقاليد في افتراض أن التدهور القومي حقيقة واقعة. 

 وغالباً ما يستمد «فراتيلي دي إيطاليا» لغته لوصف ذلك من مصادر أمريكية وفرنسية، ومع ذلك، فإنه لا يزال يحمل تأثيرات فاشية واضحة: إرث واضح في روايته لتاريخ الحرب العالمية الثانية، واحتفاؤه بقادة الفاشية الجديدة في فترة ما بعد الحرب، وإعادة تشكيله لمنظري حقبة النظام كوطنيين إيطاليين عامين. ويذكّرنا المؤرخ روبرت باكستون أن الفاشيين لا «يخترعون أساطيرهم ورموزهم»؛ إنهم يعتمدون على عناصر الثقافة الوطنية من دون أي «ارتباط متأصل أو ضروري بالفاشية» ويعيدون توظيفها لتحقيق غاياتهم الخاصة.

 ويجادل هذا الكتاب أن الثقافة السياسية لما بعد الفاشية الإيطالية تساعدنا على فهم المستقبل، وعن ذلك يقول الكاتب: «إن حقيقة مشاركة راشيل وشياو جوليو سيزار موسوليني في الانتخابات هي رمز للتغييرات المهمة في السياق الذي يعمل فيه اليمين المتطرف. يعمل اليمين المتطرف اليوم في سياق الصراع الاجتماعي المنخفض، وحتى على مستوى الأفكار، وانحسار المشاريع الكبرى لإعادة تنظيم المجتمع. تؤثر هذه الاتجاهات في جميع القوى السياسية، بما في ذلك القوى المختلفة التي تعتمد على التقاليد الفاشية الجديدة، وهي أكثر وضوحاً لدى أولئك المنخرطين في السياسة الانتخابية، وأيضاً لدى الجماعات المسلحة الأصغر التي تؤكد صراحة استمراريتها مع الماضي الموسوليني. ومن المؤكد أن التقدم الانتخابي الأخير الذي حققه حزب «فراتيلي دي إيطاليا» في أرض ولادة الفاشية يفسح المجال للمقارنات المثيرة للاهتمام».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن المترجم

نضال إبراهيم
https://tinyurl.com/4jeu925s

كتب مشابهة

1
زاندر دنلاب
1
داون سي ميرفي
1
مايكل كريبون
بوتين وشي جين بينغ
ريتشارد ساكوا

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"

المزيد من الكتب والكتاب

1
ميريام لانج وماري ماناهان وبرينو برينجل
جنود في كشمير
فرحان م. تشاك
لاجئون سوريون في تركيا
لميس علمي عبد العاطي
1
ديزيريه ليم
1
جيمي دريبر
1
جورج ج. فيث
1
باسكال بيانشيني وندونجو سامبا سيلا وليو زيليج
1
هاين دي هاس