في السابق كان التركيز منصباً في المقام الأول على الخبرات والمهارات العملية عند تقييم أداء القادة والموظفين، لكن في الفترة الأخيرة، أشارت أبحاث عدة إلى أن «احتضان الذات» هو المفتاح الجديد للنجاح. فما المقصود بهذا المصطلح؟ وكيف تزيد فرصك في التميز على الصعيد المهني؟ لطالما نُصحنا بإخفاء هويتنا الأصلية، والتواري خلف الأقنعة خصوصاً في مجال العمل، بدلاً من التعبير عن أنفسنا بأريحية، وإظهار الصورة التي نحن عليها فعلاً، ما يؤدي إلى إلحاق ضرر ليس بنا فحسب؛ بل بالشركة ككل.
عندما تقمع أفكارك الخاصة، وتدفن مشاعرك الحقيقية في العمل طوال الوقت، فأنت في الواقع تطلق سهماً يصيب الإبداع لديك في مقتل. فلا يمكن للحسّ الإبداعي أن يسطع، بينما يكبّل الإنسان أفكاره ومشاعره، مدّعياً أنه شخص آخر.
إن أول خطوة عليك القيام بها لتصبح قائداً ناجحاً أو موظفاً مبدعاً، هي أن توطّد الشجاعة في داخلك للتعبير عن نفسك دون مهابة أحد. لا تتحدث أو تتصرف كما يريد الآخرون؛ بل تكلم وتصرف وفقاً لقناعاتك الشخصية.
فإذا كنت في اجتماع أبدى الأغلبية فيه موافقتهم على مقترح أو إجراء معين، بينما لم تقتنع أنت به، فلا تكبت أفكارك ومشاعرك؛ بل عبّر عنها بكل شجاعة، وستفاجأ أحياناً بإعجاب مسؤولك بك، لتفرّدك عن الآخرين وشجاعتك، وفي أحيان أخرى قد تحصل على ترقية أو مكافأة مجزية، لقاء فكرة كنت تشك في جدواها لكنك تجرأت وبُحت بها.
وفي حال كنت مديراً، فإن الأصالة في التعبير عن نفسك، ستجعل جميع موظفيك يشعرون تجاهك بالاحترام والتقدير؛ بل وحتى الانبهار.
صحيح أن الاعتراف بالأخطاء، يبدو صعباً في البداية، لكنك مع المداومة على ذلك ستشعر بملكة الإبداع لديك تكبر أكثر فأكثر، وستحظى باحترام رؤسائك.
كان ستيف جوبز، مؤسس شركة «أبل»، أصيلاً في عمله، ما جعله صاحب تأثير كبير في هوية الشركة وثقافتها، وسبباً رئيسياً في نجاحها. أما المخرجة والكاتبة آفا دوفيرناي، فقد قررت تغيير مهنتها في سن الثلاثين، بعدما أدركت أنه لكي تصبح صانعة أفلام وكاتبة متميزة، فهي بحاجة إلى الخروج من قوقعتها، ما دفعها إلى التقاط الكاميرا وبدء القيام بشيء خاص بطريقة جعلتها ناجحة جداً.
في الختام لا بد من الإشارة إلى أن الأصالة أو احتضان الذات (أي أن تكون نفسك)، سواء كنت مديراً أو موظفاً، لا تعني التصرف كيفما تشاء دون مراعاة لمن حولك؛ بل تعني الشجاعة للتحدث وإبداء الرأي والتصرف بطريقة راقية تنسجم مع قيمك الشخصية.
