عادي

ما أهمية مواقع الشارقة المدرجة على قائمة «اليونيسكو» التمهيدية للتراث العالمي؟

18:09 مساء
قراءة 4 دقائق

في إنجاز جديد للإمارات، أعلنت هيئة الشارقة للآثار عن إدراج أربعة مواقع أثرية مهمة تابعة لها على القائمة التمهيدية للتراث العالمي في «اليونيسكو»، مطلع الشهر الجاري.

وسجلت الهيئة في القائمة مواقع مليحة، والنقوش الحجرية في خطم الملاحة وخورفكان، ووادي الحلو، والمشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية كبديل عن ملف المشهد الثقافي للمنطقة الوسطى؛ وذلك إعداداً للتسليم النهائي لملف الترشيح في فبراير/ شباط 2024.

1
منطقة مليحة في الشارقة تزخر بطبيعة خلابة وعناصر جذب سياحي (تصوير : صلاح عمر)

- المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية:

يُعد موقع جبال الفاية مثالاً استثنائياً للبيئة الصحراوية خلال العصر الحجري والذي يؤرِّخ الاستيطان البشري المبكر في المنطقة إلى بدايات العصر الحجري الأوسط وحتى العصر الحجري الحديث خلال ظروف مناخية متغيرة في شبه الجزيرة العربية. ووثقت الدراسات الأثرية والبيئية للطبقات التاريخية في الموقع، استمرارية الاستيطان البشري منذ 210.000 سنة، وتؤرخ المكتشفات الأثرية بالموقع، تطور الاستيطان والمستوطنين من جماعات الصيادين إلى الرعاة الرحل الذين كانت لهم شعائر جنائزية خاصة، مما ساعد العلماء على وضع تصور جديد لطبيعة تكيف الإنسان مع المشهد الطبيعي للمنطقة في ظروف مناخية قاسية.

وأدت دورات التغيرات المناخية كل 20000 عام إلى تأرجح المنطقة بين صحراء قاحلة وبيئة غزيرة المياه؛ إذ تتجمع المياه في البحيرات وتتدفق على طول قنوات الوادي الممتد من جبال الحجر وحتى الفاية. وتوثق السمات الجيومورفولوجية على طول نطاق الفاية هذه الأحداث والتغيرات، مما ساعد على فهم هذه الحقبة الزمنية المهمة من تاريخ المنطقة، وأسهم المزيج الاستثنائي لتوافر مصادر المياه والمواد الخام والكهوف المستيطونة في جعل الفاية أقدم مشهد صحراوي مأهول بالسكان في العالم، مما يسد فجوة معرفية لفهم التطور البشري المبكر وتكيفه في صحراء شبه الجزيرة العربية.

مليحة.. فترة ما قبل الإسلام في جنوب شرق الجزيرة العربية

تمثل مدينة مليحة في فترة ما قبل الإسلام ذروة الحضارة القديمة في هذه المنطقة امتد تأثيرها الثقافي من القرن الثالث قبل الميلاد وحتى الثالث الميلادي. وأكدت المكتشفات الأثرية القيمة الثقافية، المتمثلة باتصالات مليحة الخارجية والدور الحيوي الذي لعبته في تجارة القوافل كونها تعد جزءاً رئيسياً من شبكة التجارة عبر صحراء شبه الجزيرة العربية والتي ربطت بين سواحل المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط. وسكّت مليحة عملات معدنية خاصة بها، ونال حكامها وتجارها ثراء مكنهم من امتلاك أفضل الجمال والخيول، وبناء قبور على شكل أبراج، تعبيراً عن منزلتهم الرفيعة وهو ما أثبتته دلائل الممارسات الجنائزية والعمارة الجنائزية المكتشفة والتي تشكل شهادة استثنائية لهذه الحضارة ودورها في تاريخ البشرية في المنطقة خلال ستة قرون. وتعد مدافن الإبل والخيول الأكثر روعة في المنطقة، مما يشير إلى الدور الأساسي الذي لعبه هذا الموقع في نشر هذا النوع من الممارسات الجنائزية في المنطقة.

النقوش الصخرية في خطم الملاحة وخورفكان

تُعد النقوش الصخرية في إمارة الشارقة، أول موقع فن صخري يُكتشف في منطقة جبال الحجر في مطلع القرن الماضي، ويوثق الترشيح المتسلسل مجموعات تقدر بمئات النقوش المكتشفة والمحفورة على صخور الجابرو في موقع خطم الملاحة بكلباء، ومواقع المديفي واللؤلؤية ووادي شي بخورفكان. ويُشير التقدير الزمني لهذه النقوش إلى الألفية الخامسة قبل الميلاد وحتى عقود قليلة مضت، وهو دليل على الاستمرارية الزمنية للفن الصخري من الفترات المبكرة إلى الأزمنة الحديثة وعلى مدى سبعة آلاف عام.

وتُعد درجة تعقيد هذه النقوش، ووجود رسوم فريدة من نوعها لم تكتشف في النقوش الصخرية الأخرى بالمنطقة، دلالة على استثنائية مجموعة الفن الصخري في إمارة الشارقة، كما يتفرد النقش الصخري في الإمارة باعتماد الإنسان في عصور ما قبل التاريخ على استخدام الصخور المنفصلة عن النتوءات الصخرية الثابتة كمنصات لهذا الفن. ويوفر الفن الصخري أساساً مهماً لفهمنا للمجتمعات السابقة في شبه الجزيرة العربية وأرشيفاً تصويرياً هائلاً يمكن استخدامه لفهم الأحداث التاريخية والاقتصادية والتقاليد والمعتقدات الدينية بشكل أفضل من بين العديد من الجوانب الأخرى للمجتمعات السابقة.

وادي الحلو.. شاهد على تعدين النحاس

يقدم وادي الحلو أول دليل على التعدين في جنوب شرق شبه الجزيرة العربية أثناء الفترة الانتقالية من العصر الحجري الحديث إلى العصر البرونزي. ويعد الموقع الأثري المكتشف في وادي الحلو، شهادة متكاملة لتقنيات تعدين النحاس محلياً، وعلاقة سكان الوادي قديماً بالبيئة من خلال تكيفهم مع العوامل الجيولوجية والجغرافية الخلابة للموقع. ويتميز نحاس وادي الحلو بدرجة نقاوته الفائقة التي قد تصل أحياناً إلى نسبة 100% تقريباً، مقارنة بالمعادن المصنعة في المواقع المجاورة.

وتشير الدلائل الأثرية إلى أن وادي الحلو كان جزءاً من شبكة تبادل تجاري كبيرة بين مواقع العصر البرونزي حول الخليج العربي، ويمكن القول: إن وادي الحلو كان المزود الرئيسي للنحاس الخام لمواقع إنتاج البرونز الأخرى في المنطقة مثل تل أبرق وكلباء وأم النار. وسجلت النقوش الصخرية الممتدة على تضاريس الوادي حركة الإنسان والمنتجات عبر الوادي باتجاه الساحل الشرقي والساحل الغربي، ويعد نقش القارب في أعماق الوادي والنقوش المميزة لخناجر تعبر عن الفترة البرونزية، دليلاً على علاقة الموقع بشبكة التجارة المحلية والإقليمية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2s428x78

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"