جماليات البحر والجبال

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

لمدينة خورفكان ما يؤهلها جمالياً، وجغرافياً، ومناخياً، ومكانياً، لأن تفوز بلقب أفضل مدينة سياحية عربية لعام 2023. وللمدينة الجبلية البحرية مؤهل آخر هو البعد التاريخي والثقافي لها، فهي مدينة انتصارات على الأعداء والغزاة، وهي مدينة بطولات قديمة وشهداء أحياء في الذاكرة الإماراتية والخليجية، وهي مدينة قلاع وحصون وآثاريات تؤشر إلى حياة اجتماعية واقتصادية عريقة في المنطقة. خورفكان مدينة شعراء ومعلمين وأدباء وفنانين ومسرحيين لهم بصماتهم الزمنية والمكانية في تاريخ ثقافة المنطقة.
دائماً يُشار إلى مكان بعينه على أنه مكان شعري، أي أن روح المكان هي روح شعرية، ويشار إلى مكان آخر بأنه مكان روائي، أي أنه أقرب إلى أن يتحوّل إلى سرد روائي، وهناك أمكنة يرى الشعراء أنها حالمة أو رومانسية بل وحتى واقعية تماماً تصلح للتجارة أو الاقتصاد، فيما خورفكان فيها من كل صفة خصلة أو خصيصة. خورفكان إن أردت مكاناً لكتابة الرواية، والشعر، والرسم، والفكر، والتأمل، أخذت من البحر، وأخذت من الجبل، أخذت خورفكان من الماء وأخذت من الغيم الذي يقترب من رؤوس الجبال، وإذ تستريح المدينة في أفقها الزراعي الأخضر تشعر كأن النخيل بامتدادته الشعرية إنما هو فضاء أرضي ثالث يتكامل مع فضاءي الجبال والبحر. خورفكان قصيدة من الحجر ومن الماء. تطيب فيها الإقامة وتطيب فيها الكتابة.
وكنت كتبت قبل سنوات في هذا المكان حول ما اقترحته آنذاك تحت اسم «الإقامة الإبداعية» في وادي الحلو أو في خورفكان، ويتمثل ذلك في استضافة كاتب عربي أو كاتبة عربية، أو كاتب أو كاتبة أجنبية، شاعر، شاعرة، روائي، روائية، على مدى شهر إما في وادي الحلو أو في خورفكان، وينجز خلاله مادة أدبية مكتوبة تصبح من حق دائرة الثقافة أو أي جهة ثقافية فنية في الشارقة، ويكرّم الضيف بمكافأة مادية، وبالطبع، يجري توفير كل ما يلهمه ويحثّه على الكتابة في مكان تجتمع فيه أصلاً كل عناصر وشروط الإبداع الأدبي.
«الإقامة الإبداعية» تنسحب فكرتها أيضاً على الرسامين، لا بل تلهم خورفكان الكتابة المسرحية، وكتابة التأمل، والخواطر، واليوميات. فكرة على شكل اقتراح تدفع تلقائياً إلى الكتابة من روح المكان، ومن روح البيئتين الجبلية والمائية، في مناسبة فوز خورفكان بلقب أفضل مدينة سياحية عربية في 2023، والمدن العريقة التاريخية، الشعرية والروائية والتشكيلية تذهب الأفضلية لها كل الأعوام وليس في عام واحد، ولأهل خورفكان وإمارة الشارقة والإمارات كلها أن تفخر بهذا اللقب السياحي الذي يتجاوز محدوديته الوصفية إلى ما هو أوسع: إلى ما هو ثقافي بشكل خاص.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/upwph7e5

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"