كتاب الجيب

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

ربما كانت عشرية القراءة في الإمارات التي تنتهي في 2026، بعد نحو ثلاث سنوات من الآن، مناسبة ملائمة للكتابة أو تكرار الكتابة عن ظاهرة كتاب الجيب التي كانت معروفة على نطاق اجتماعي واسع قبل عقود من الزمن وتحديداً في أوروبا، وتالياً في الأقطار العربية، وإن على نطاق محدود في بعض البلدان التي كانت تشكّل  آنذاك  مراكز ثقافية في الشرق العربي مثل مصر ولبنان وسوريا والعراق.
كان كتاب الجيب مؤشراً عملياً على فئة قارئة عربية أو غير عربية، تعتبر فعل القراءة سلوكاً يومياً في المترو والحافلة وتكسي الأجرة، والمقهى والشاطئ وأماكن الانتظار في الفنادق والمطارات وحتى المستشفيات، والأمر برمته لا يكلف كثيراً.. كتاب صغير أكبر من حجم يد الإنسان بقليل بسعر رمزي، وأحياناً بطباعة شعبية تقرأ منه، وحال انتهاء انتظارك أو مواصلاتك تضعه في جيب سترتك أو معطفك، وإذا كنت من حملة الحقائب فله مكانه الحميم بين أوراقك وحاجياتك الصغيرة وبيتها: الحقيبة.
كان الناس يقرأون ليس للتسلية أو «لقتل الوقت»  وما أسوأها من عبارة  بل كانت القراءة عادة وسلوكاً وثقافة، وعلى الأرجح فإن كتب الجيب كانت روايات ومجموعات شعرية أو يوميات أو مذكرات أو سيرة ذاتية. 
وكان القارئ الأوروبي، وربما حتى الآن، يقرأ الروايات البوليسية، وروايات الجريمة والغموض والمطاردة، إلى جانب ولعه بما كان يُسمّى الروايات الزهرية.
لا يحتمل المرء قراءة الفكر والفلسفة والنقد الأدبي أو النقد الاجتماعي في حافلة أو وهو ينتظر في صالة أو في مطار أو في مطعم، ولكن في كل الأحوال لكل امرئ عاداته ومزاجه القرائي، وفي كل الأحوال أيضاً كانت القراءة ضمن ظاهرة كتاب الجيب ثقافة عامة وسلوكاً يومياً عاماً، أجمل ما فيه أن يُوجِد شيئاً اسمه «عدوى القراءة».
الآن، هل الوقت مناسب أو هل الوقت لم يمضِ بعيداً إذا اقترحنا إحياء كتاب الجيب في الإمارات، ولو في السنوات المتبقية من عشرية القراءة في الدولة، وبعد العشرية لماذا لا يظل كتاب الجيب وجهاً آخر يومياً لحركة الثقافة العامة في الإمارات، وهي حركة ذات طابع محلي وعربي وعالمي، تبعاً لعالمية الدولة وكثرة الجاليات المقيمة فيها من جهات العالم الأربع، وبالضرورة تقرأ هذه الجاليات بالعديد من اللغات الحية، وعلى رأسها لغتنا العربية.
كتاب الجيب اقتراح متفائل لزمن إماراتي ثقافي جميل، كما هو جميل مستقبل هذا الوطن المحب والحبيب.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yckn75wh

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"