عادي
عائلة واحدة وشاشات كثيرة

المشاهدة الجماعية في رمضان عادة غائبة عن البيوت

00:03 صباحا
قراءة 3 دقائق

تحقيق: مها عادل

كان التلفاز نقطة تجمع العائلة، خصوصاً في رمضان، عندما تزخر القنوات بسيل من البرامج الترفيهية والمسلسلات التي تجتذب مختلف الأعمار والأذواق، وتعودنا أن يكون هناك «أوقات ذروة للمتابعة» التي يحتشد فيها الجميع أمام الشاشات عقب الإفطار، حيث تتم إذاعة أهم البرامج والأعمال الدرامية بالسباق الرمضاني، حيث كان هناك قاسم مشترك من مادة إعلامية تجمع أفراد الأسرة وتثير اهتمامهم وجدلهم ونقاشهم، لكن يبدو أن هذه الظاهرة انحسرت، واختلف سلوك متابعة المواد التلفزيونية.

عن أسلوب مشاهدة التلفزيون، تقول دعاء حسين، معلمة بدبي: «ما زلت أحتفظ بالعادات القديمة في مشاهدة التلفزيون والالتفاف حوله في فترة الإفطار وما بعده، حيث تكون شاشة التلفزيون حاضرة بين أفراد الأسرة، ونتشارك جميعاً في متابعة أحد المسلسلات أو البرامج التي تناسب الكبار والصغار، فمثلاً نشاهد مسلسل شعبية الكرتون بصحبة الأطفال ونشاركهم المتعة والضحك، وبعد الإفطار نشاهد مسلسلاً كوميدياً اجتماعياً يناسب الكبار والصغار مثل مسلسل الفنانة يسرا «1000 حمد الله ع السلامة»، فهو يذاع عقب الإفطار مباشرة، ويقدم وجبة درامية خفيفة خالية من الإزعاج، كما نتابع معاً أيضاً برنامج المسابقات «تحدي الأزواج» الذي يقدم مجموعة من المعلومات العامة في قالب ترفيهي ممتع، وهكذا نحرص على أن نحافظ على روح المشاركة بين أفراد الأسرة، وألا نفتقد تقاسم لحظات المرح والمتعة والتجمع معاً خصوصاً في شهر رمضان».

يختلف خالد المسالمة، محاسب قانوني، مع الرأي السابق، ويطرح تجربته الخاصة، قائلاً: «في رأيي فإن التجمع أمام شاشة التلفزيون في شهر رمضان لم يعد مطروحاً، أو مفضلاً لي لأسباب عدة، أهمها أن الشهر الكريم أيام معدودات مخصصة للعبادة، لذلك فلا يجب أن نهدرها في متابعة برامج ومسلسلات يمكن مشاهدتها طوال العام عبر وسائل متعددة مثل المنصات الإلكترونية وغيرها من دون إضاعة الوقت في الإعلانات، ومن دون إضاعة فرصة تمضية وقت أطول بصحبة الأبناء لتعليمهم أصول دينهم وروح الشهر الفضيل، وهكذا، نقضي معظم ساعات ما بعد الإفطار بعيداً عن شاشة التلفزيون، حيث نستمتع بالتجمع لصلاة التراويح، ثم نخرج بعدها للتنزّه بأحد الحدائق أو الشواطئ، حيث الطقس الرائع، وحيث يجد الأبناء الفرصة للعب والترويح عن أنفسهم ومقابلة أصدقاء من عائلات أخرى تتجمع في هذه الأماكن الخلوية بدلاً من الجلوس أمام شاشة التلفزيون، أما المسلسلات الرمضانية فأتابعها فيما بعد بشكل مجمع على منصة شاهد وأختار ما أسمع عنه تعليقات جيدة حتى لا أضيع وقتي في أعمال ضعيفة المستوى».

صعوبة التنفيذ

تؤكد زينب أبو شامة موظفة، أن «فكرة تجمع أفراد العائلة حول قناة معينة بوقت محدد، لمتابعة مسلسل بعينه يصعب تنفيذه في أغلب البيوت، لأن الفجوة بين الأجيال أصبحت عميقة، ويصعب تجاوزها بسبب اختلاف الأذواق، وهذا يحدث سواء في شهر رمضان أو على مدار العام، فأنا أمٌّ لشاب وفتاة في مرحلة المراهقة ونادراً ما أجدهم يتابعون برامج التلفزيون أو المسلسلات عموماً، فكل منهما يمضي أغلب اليوم داخل غرفته المغلقة يتابع شاشة اللابتوب التي تستنفد طاقاتهم وتسرق أوقاتهم، فهم يفضلون متابعة البرامج على يوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي، وهكذا، ورغم أننا نعتبر عائلة صغيرة العدد، إلا أننا قلّما نتجمع أمام شاشة التلفزيون، لأن لكل فرد من أفراد العائلة طريقته في مشاهدة البرامج والمسلسلات، ولكل واحد شاشته الخاصة التي يأوي إليها معظم الوقت، ومع اختلاف الشاشات والعادات بالمشاهدة تكرس اختلاف الأذواق وأصبح كل واحد من الأسرة لا يعلم شيئاً عن البرامج أو المسلسلات التي يتابعها الآخرون».

اختلاف الأذواق

يتفق محمود إبراهيم، رجل أعمال، مع الرأي السابق، ويؤكد أهمية احترام اختلاف الأذواق والرغبات بين أفراد الأسرة الواحدة، ويقول: «هذا الجيل لا يتبع ما تعودناه من عادات تربينا عليها منذ الصغر، فقد خلقوا لزمن غير زماننا، ولا يجب علينا أن نفرض عليهم أن يمارسوا الطقوس الرمضانية التي كنا نقوم بها، لقد كنا نتجمع حول شاشة التلفزيون، لأن البيت كانت به شاشة واحدة، وكان عدد القنوات محدوداً، وكانت هناك مواعيد محددة لكل مسلسل أو برنامج، فإن فات الموعد، فربما لن نشاهده إلى الأبد، أما اليوم ففي كل بيت شاشات عديدة متنوعة، وبرامج التلفزيون ومسلسلاته متاحة طوال الوقت، ويستطيع كل فرد أن يختار الوقت الذي يحب أن يشاهد فيه برنامجه المفضل من دون مقاطعة الإعلانات، ولذلك فأنا أتفهّم عدم تجمع الأولاد معنا (أنا وزوجتي)، ونحن نتابع مسلسلاتنا المفضلة، لكنني أفتقد حالة التجمع والدفء الأسري الذي تحمله».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3r5hzxdh

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"