عادي

المسرح.. أحد أهم المصادر التاريخية

19:06 مساء
قراءة 3 دقائق
غلاف الكتاب

القاهرة: «الخليج»

يلعب المسرح منذ نشأته دوراً مؤثراً في وجدان الشعوب، من خلال تأثيره المباشر في المشاهد، ومن ثم فإن الحديث عن المسرح يعد حديثاً عن فن من أعرق الفنون التي صنعها الإنسان، فالمسرح على مر العصور كان متأثراً بطبيعة الإنسان ومعتقداته ومؤثراً في حياته، ولذلك على الكاتب المسرحي أن يستوحي مادة المسرحية ومضمونها وشخوصها من تجارب وواقع المجتمع الذي يعيش فيه ويتفاعل معه، ولا سيما المسرح السياسي الذي لعب دوراً مهماً في الوطن العربي عامة، ومصر خاصة، خلال الفترة من 1952 إلى 1967 ويتجلى ذلك من خلال مسرحيات عدة، التي تناولت قضايا المجتمع المصري، لذلك زعم بعض المؤرخين أنه لا يوجد مسرح في العالم إلا ويعد مسرحاً سياسياً، حتى لو كان النص يتحدث عن قضية اقتصادية أو اجتماعية وغيرهما من القضايا المختلفة.

وتؤكد أسماء أبو العلا غريب في كتابها «القضايا السياسية في المسرح المصري» أنه مع قيام ثورة يوليو 1952، وما شهده المجتمع المصري من تطور شامل في كل مجالاته، نتج عنه تأثر المسرح بتلك التغيرات لمواكبة ذلك التطور، كي يلحق بهذه النهضة، فقد ألقت الثورة روحاً جديدة في أدب المسرح، وتتمثل هذه الروح في الإيمان بمجتمع جديد يقوم على قيم جديدة لا تسمح لأحد بالتخلف عنها، بل تدعو الجميع إلى المساهمة فيها، فدخل المسرح منعطفاً تاريخياً أكثر عمقاً من ذي قبل، بحيث أصبح أكثر ارتباطاً بروح العصر.

وتوضح المؤلفة أن المسرح يعد أحد المصادر التاريخية المهمة، فهو مصدر غير تقليدي يجب الاعتماد عليه في رصد تاريخ المجتمع، فمن خلال آراء المدرسة التاريخية الحديثة لا يمكن أن يعتمد المؤرخ على الوثيقة التقليدية في رصد حركة وتاريخ المجتمع، فالوثيقة الرسمية للحدث يمكن أن ترصدها العديد من الجهات وتفسرها حسب ميولها الفكرية والسياسية والاجتماعية، لذلك من الممكن أن تكون المصادر غير التقليدية، أكثر مصداقية من الوثيقة ذاتها، كما أن المصادر غير التقليدية من الممكن أن تكون أصدق من المذكرات والكتابات في بعض الأوقات.

وتمثل الأعمال المسرحية جانباً مهماً من جوانب التفاعل مع الوجدان، وقد برزت أهم تلك الأعمال خلال فترة العدوان الثلاثي كواحد من أهم تداعيات تأميم قناة السويس، فقدم المسرح العديد من الأعمال المسرحية التي ترصد الواقع المصري، ومن أهم تلك الأعمال: مسرحية «عفاريت الجبانة» لنعمان عاشور، إبان العدوان الثلاثي على مصر، رصدت المسرحية معركة 5 نوفمبر وقصف الطائرات الإنجليزية والفرنسية لبورسعيد، وتتحدث عن دور المقاومة الشعبية، وقد كتبت من فصل واحد ينقسم إلى مشهدين وقدمت كعرض مباشر لأحداث العدوان، وفتح المسرح أبوابه بالمجان للجمهور.

ومن خلال الأحداث التاريخية – تقول المؤلفة - برز دور المسرح في رصد القضايا السياسية للواقع المصري، كما بينت المؤلفة مدى وعي الكاتب بقضايا مجتمعه، فنجد حياة مسرحية جديدة بها، دخل المسرح مرحلة جديدة، وتم إنشاء مجلة المسرح، ومسرح الدولة، وتكوين الفرق القومية، ثم ظهور الفرق الخاصة، وإنشاء فرقة التلفزيون، التي أثرت بشكل واضح وصريح في حركة المسرح المصري.

كما أُطلق على فترة الستينات «العصر الذهبي للمسرح» نتيجة كثرة الأعمال المسرحية التي لعبت دوراً كبيراً في مساندة الخطوات التقدمية للثورة المصرية، وفي طفرة غير مسبوقة ظهرت أعمال ومؤلفات مسرحية كتبت مباشرة لخشبة المسرح، ولها قيمتها الأدبية والفنية، بعد أن كان الاعتماد على الإعداد والاقتباس والتعريب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/35nffc4e

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"